لماذا تريّث ترامب في ضرب دمشق؟
نبيه البرجي
هذه كانت هديته الى صاحب السمو عشية حديث الموقد في المكتب البيضاوي يوم 20 أذار. مائة صاروخ توما هوك على دمشق مقابل أسهم «آرامكو» في وول ستريت.
من أجل عيني ولي العهد أم من أجل عيني أشعيا، ودعوته التوراتية على المدينة التي هي آخر ما تبقّى من عروبة العرب؟
لماذا تريّث دونالد ترامب في تنفيذ الخطة بعدما كان قد أعدّ تغريدته، ولم يكترث بنصيحة مستشاره للأمن القومي الجنرال هربرت ماكماستر التعاطي مع الملف السوري بأعصاب هادئة؟
فلاديمير بوتين لم يلجأ الى الخط الساخن. أبلغ البيت الأبيض، عبر قنوات سياسية وديبلوماسية، وأيضاً عبر قيادة حلف الأطلسي في بروكسل، بأن ضرب دمشق يعني ضرب موسكو، و… سنرد.
الكلام كان حازماً، وعاصفاً، وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو اتصل بنظيره الأميركي جيمس ماتيس قال له ان اصابة جندي روسي تعني أن الصواريخ موجهة الى روسيا. هل من مصلحة الولايات المتحدة اندلاع الحرب العالمية الثالثة؟
مصادر سياسية موثوقة نقلت هذه المعلومات. أكثر من ذلك، هناك جهات هددت بتفجير الشرق الأوسط ان حاول الرئيس الأميركي تنفيذ ما كان يزمع القيام به. لا خطوط حمراء في سائر أرجاء المنطقة.
أكثر من جهة ديبلوماسية تؤكد أن هناك في البنتاغون من ضاق ذرعاً بالسياسات العشوائية والقائمة على فلسفة الصفقة، دون أي اعتبار للمصالح الأميركية ولا للأرواح الأميركية. مسؤول عراقي كبير اتصل بالبنتاغون محذراً من أن ردات الفعل في بلاده ستكون صاخبة، وخارج السيطرة، أي أن القواعد الأميركية في العراق ستكون هدفاً لهجمات، وربما تحوّل مئات الجنود الأميركيين الى رهائن أو الى جثث.
الحديث عن التداعيات الكارثية وصل الى تلة الكابيتول، يوم الثلاثاء مثل قائد القيادة المركزية الجنرال جوزف فوتيل (صلاحياته تشمل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى) أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، بمنتهى الوضوح اختزل موقف البنتاغون من الملفات الساخنة.
ليس وارداً لدى الجنرالات الذين يدركون أي زلزال يمكن أن يقع في حال التعرض للرئيس بشار الأسد، القيام بأي خطوة اذ تنشر الفوضى العارمة، قد تعيد تنظيم الدولة الاسلامية الى السطح. فوتيل قال «هدفنا التنظيم لا النظام» الذي، في نظره، ربح الحرب.
فوتيل الذي يعتبر من أبرز جنرالات البنتاغون أبلغ رئيس وأعضاء اللجنة تأييده للاتفاق النووي. ماذا يعني كل هذا؟
المعلق الفرنسي آلان دو هاميل سأل ما «اذا كنا سنشاهد الدبابات تحاصر البيت الأبيض». انقلاب عسكري؟
دونالد ترامب تحت المجهر منذ أن أعلن الجنرال جون هايتن، قائد القوات الاستراتيجية (الترسانة النووية والصواريخ العابرة للقارات) أنه سيمتنع عن تنفيذ أوامر الرئيس اذا ما لاحظ انها غير قانونية.
البنتاغون يرى في كيم جونغ ـ أون ورقة في يد فلاديمير بوتين. الاستمرار في دفع العلاقات بين واشنطن وموسكو الى حافة الهاوية يعني أن الرهان على تفكيك الترسانة النووية الكورية سيكون رهاناً عبثياً ان لم يكن مستحيلاً.
الجنرالات الذين يدركون مدى هشاشة، وتشتت، الحلفاء العرب، يرون أن الغاء الاتفاق يفضي الى «خروج الغول الايراني من القمقم»، وربما تفجير المنطقة مع ما لذلك من نتائج دراماتيكية على القواعد والأساطيل الأميركية.
في هذا الوقت بالذات، يعلن الأمير محمد بن سلمان أن المملكة «لا تريد حيازة قنبلة نووية، لكنها ستطور دون شك مثل هذه القنبلة في أسرع وقت ان أقدمت ايران على تلك الخطوة».
الأمير قال «سنطوّر»، مع أن السعودية لا تملك البنى الأساسية في المسار النووي. هل حقاً ما يتردد من أنها تلقت وعداً من دولة محددة بأن القنبلة ستكون على طاولة ولي العهد حالما يطلب ذلك؟
لماذا لم يفكر صاحب السمو، كما كل الذين سبقوه في البلاط، بـ«تطوير» قنـبلة نووية تقارع القنبلة الاسرائيلية؟
تساؤل ساذج. خارج السياق؟ نعم. خارج المنطق؟ لا..
الديار