الوقت يضيق… هل يستفيد مسلحو درعا وإدلب من دروس الغوطة
كشفت أوساط إعلامية سورية أن توجيه ضربة عسكرية أمريكية لسوريا ليس إلا كلاماً إعلامياً ونوعاً من الحرب النفسية لوقف تقدم الجيش السوري في الغوطة الشرقية ولرفع معنويات المسلحين المنهارة.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن الجيش السوري وحلفاءه أعدوا العدة لمواجهة أي “حماقة” قد ترتكبها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
في هذا السياق اعتبر الباحث والمحلل السياسي الدكتور، خالد المطرود، مدير شبكة “البوصلة” السورية وعضو مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري في تصريح خاص لـ”سبوتنيك” أن التهديدات الأمريكية الأخيرة لسوريا هي مجرد تهويل وتصعيد إعلامي وسياسي الهدف منه رفع معنويات المسلحين كي لا يرفعوا الرايات البيضاء ويستسلموا ويتجهوا نحو المصالحات حتى يتم الاستثمار عليهم في المفاوضات السياسية.
وأوضح المطرود أن الجيش السوري وحلفاءه أعدوا العدة لمواجهة أي احتمال من احتمالات التصعيد العسكري لكن على الأرجح لن يكون هناك عدوان على سوريا وفقاً للحسابات السياسية المنطقية والعقلانية لأن ذلك سيؤدي إلى اتساع دائرة الحرب وهذا ليس في مصلحة الولايات المتحدة في ظل استعداد محور المقاومة لكل الاحتمالات.
وأضاف المطرود قائلاً “الولايات المتحدة لديها إدارة برأس أحمق يعمل بأهواء متباينة مختلفة فإذا ما قررت هذه الإدارة ارتكاب حماقة فمن المتوقع أن لا يوافق الجيش الأمريكي لأنه هو الذي سيدفع الكلفة وستتضرر سمعته فأي عدوان إن لم يكن له هدف سياسي يعمل عليه فلا قيمة له وبالتالي ستحتفظ واشنطن بقوة التهديد وستستخدمها في المحافل الدولية دون أن تصرفها على الأرض لأن ناتج ذلك هو الخسارة”.
ولفت رئيس شبكة “البوصلة” إلى أن روسيا حذرت من أي اعتداء على روسيا أو حلفائها وأعلنت استعدادها لاستخدام كافة أنواع الأسلحة بما فيها الاستراتيجية في رسالة لواشنطن مفادها أن “سوريا خط أحمر ممنوع الاقتراب..ممنوع العبث.. ممنوع العدوان لأن روسيا ستكون في واجهة التصدي”.
وقال “ما تم تسريبه عن نشر بطاريات صواريخ (إس-400) و(إس-500) و(إس-600) بعث رسالة بأن الصواريخ التي ستطلق على سوريا لن تسقط على الأراضي السورية وسيتم إسقاطها بمجرد إطلاقها من منصاتها من أي مكان في البر أو البحر وسيتم تدميرها بشكل كامل ولذلك فإن التهديدات الأمريكية هي مجرد تهويل لمنع تقدم الجيش السوري في الغوطة الشرقية ولرفع معنويات المسلحين الإرهابيين ولصرف هذه التهديدات في السياسة في ملفات ومواقع أخرى”.
وحول التحركات العسكرية الأمريكية في البادية السورية وفي منطقة شرق نهر الفرات واحتمالات القيام بعمل عسكري انتقامي رداً على نجاحات الجيش السوري وحلفائه في الغوطة الشرقية قال المطرود:
“عندما اتخذ الجيش السوري قرار حسم الوضع في الغوطة الشرقية وإعادتها إلى حضن الدولة السورية والقضاء على الإرهاب فيها لم يتخذ القرار وحده وإنما اتخذ القرار من قبل محور المقاومة الذي يعلم أهمية الغوطة بالنسبة لمحور العدوان على سورية ويعلم تبعات ذلك لكنه أعد العدة وبالتالي فالأمريكي الذي لم يستطع التدخل لحماية المسلحين في الغوطة لا قدرة له على الانتقام من أجلهم إنما هو يريد صرف عدوان هؤلاء المسلحين الإرهابيين فيما يسمى الحرب بالوكالة فهؤلاء يحاربون الجيش السوري نيابة عن الأمريكيين فكيف إذا تم القضاء عليهم أو ترحليهم من الغوطة فبأي سبب سيقوم الأمريكي بالتعويض أو الانتقام خاصة وأن الحرب على سورية بالأصالة ستفتح أبواب جهنم على الأمريكيين في سورية والمنطقة”.
وأشار المطرود إلى أن “محور المقاومة ما زال يعمل باستراتيجية الدفاع الاستراتيجي لكن حين يأتي الوقت المناسب سينتقل إلى الهجوم الاستراتيجي عندها سيعرف الأمريكي أن الحماقات التي ارتكبها كانت مؤذية له ولحلفائه”
وأضاف:
“الآن الحسم مستمر وسياسة القضم متواصلة في الغوطة الشرقية ثم درعا وإدلب وبعدها سينتقل الجيش مع محور المقاومة إلى شرق نهر الفرات لتكون المواجهة مع واشنطن كون الوجود الأمريكي في سوريا يمثل عدواناً موصوفاً ويخالف ميثاق الأمم المتحدة وتم بدون موافقة الحكومة السورية وبالتالي إن خرج الأمريكيون بالسياسة ستتم إعادة المنطقة إلى حضن الدولة السورية وإن لم يخرجوا ووضعوا واجهات مختلفة في شرق الفرات سيدفعون الثمن هم وهذه الواجهات فهناك قرار من محور المقاومة بإعلان المقاومة الشعبية ليس فقط من قبل السوريين في تلك المنطقة إنما من كامل المحور”.
وحول مسار الحل في درعا وإدلب بعد الانتهاء من معارك الغوطة لفت عضو مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري إلى أن الدروس المستفادة من تحرير الغوطة الشرقية قرأها المسلحون في جنوب سوريا وفي إدلب لذلك بدأت مساعي لرفع العلم السوري في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون ودعوة الكثير منهم إلى تسويات ومصالحات وقد تكون هناك حاجة لعمل عسكري محدود وسريع في المنطقة الجنوبية وهناك خطوات نحو مصالحات كبرى أعتقد أنها سترى النور عما قريب.
وأردف قائلاً “الدروس المستفادة من تحرير الغوطة كبيرة وكثيرة يقرؤها المسلحون جيداً خاصة وأن الدول التي كانوا يعتمدون عليها قد تخلت عنهم في الغوطة والتي تعتبر أهم بقعة يسيطر عليها الإرهابيون كونها ملاصقة لدمشق وتهدد العاصمة السياسية للبلاد خاصة وأن الخطوط الحمراء التي رسمت حول وحدة الجغرافيا السورية إن كان في جنيف أو أستانا أو سوتشي أصبحت واضحة والدولة السورية تنتقل من نصر إلى نصر وبالتالي إذا تم الحديث عما بعد الغوطة سيكون هناك مصالحات في جزء كبير من درعا وستنهار الجماعات الإرهابية في إدلب بشكل كبير وقد يكون هناك ترتيبات سياسية حولها والناتج سيكون أن كل شبر من الأراضي السورية سيعود إلى حضن الدولة الوطنية وممنوع المساس به لا من قبل الإرهابيين بالوكالة ولا من قبل الأمريكيين بالأصالة”.
وحول الوضع في عفرين بعد احتلالها من قبل الميليشيات الموالية لأنقرة أشار الباحث السوري إلى أن “النظام التركي سيدفع ثمن هذه العملية وهو دخل مستنقعاً لن يخرج منه بسهولة وسيدفع تكلفة كبيرة”.
وأضاف “الأتراك يتحدثون عن منبج التي تسيطر عليها وحدات الحماية الكردية المدعومة أمريكياً وأي تصادم أمريكي- تركي في منبج إذا حصل فهو يخدم الدولة السورية لكن بعد الغوطة سيتم التفرغ للشمال السوري ولن يكون بمقدور أنقرة أن تعوض الانتكاسات التي منيت بها الولايات المتحدة في سوريا”.
وتعليقاً على تصريحات المدنيين بعد خروجهم من الغوطة قال المطرود “ما جرى في الغوطة الشرقية أكد نظرية الدولة السورية فقد سلطت وسائل الإعلام السوري الضوء على خروج الأهالي واستمعت إلى شهاداتهم التي تحدثوا فيها عن أبشع أساليب القهر والحرمان التي مورست بحقهم من قبل المسلحين ولذلك الدروس المستفادة من الغوطة سيستفاد منها في بقية المناطق لأن المعاناة واحدة سواء في الغوطة أو درعا أو إدلب”.
وأضاف “عندما يتحدث المواطن طواعية للجيش السوري وللإعلام السوري بهذه الأريحية وعلى الهواء مباشرة فلا تشكيك في ذلك وقد أسقطت هذه الصور المخطط الأمريكي باتهام الجيش السوري بقتل المدنيين وتبين أن الجيش السوري هو الذي استقبل هؤلاء المدنيين وأمن لهم وسائل النقل ومراكز الإيواء والغذاء والدواء وكل أنواع الرعاية وهذه هي سياسة الدولة تجاه أبنائها فتحرير المدنيين من سطوة الإرهاب هو دور يسجل للدولة السورية والناتج هو مكسب لسوريا بعد سبع سنوات من المعاناة كانت قاسية على الجميع سواء على دمشق التي كانت تتلقى قذائف الإرهابيين وعلى أهالي الغوطة المدنيين الذي اتخذتهم المجموعات المسلحة دروعاً بشرية”.
وحول مستقبل القواعد الأمريكية على الأراضي السورية أشار الباحث السوري إلى أن “واشنطن دخلت بالأصالة بعد أن عجز الوكلاء عن متابعة مهامهم ليقول الأمريكي أنا موجود ولن أسمح للروس بأن ينفردوا بالترتيبات القادمة في سورية وسأكون شريكاً معهم في أي ترتيبات أمنية وسياسية واقتصادية في هذه المنطقة”.
وأضاف: “الأمريكي يريد الآن أن يستثمر على هذه الأوضاع من أجل ترتيبات يتم الإعداد لها على المستوى الدولي مع موسكو وعلى المستوى الإقليمي بعد أن فقد الأمريكيون الأمل من كل شي ولم يعد هناك مبرر لوجودهم في سوريا سوى لصرف هذا الوجود بقيمة سياسية واستراتيجية إقليمية ودولية وكذلك لإطالة أمد الحرب وتشويه انتصار الرئيس بشار الأسد”.
وحول احتمال أن يكون عام 2018 عام نهاية الحرب في سورية قال المطرود “ميدانياً يمكننا أن نعتبر عام 2017 هو عام القضاء على “داعش” وعام 2018 هو عام القضاء على “جبهة النصرة” وأخواتها وعام تظهير مسار الحل السياسي في سورية وعام الحسم العسكري الكامل بمعنى القضاء على كل التنظيمات الإرهابية”.
وأردف قائلاً “الآن هناك فرصة لبعض التنظيمات المنضوية تحت منصة أستانا أن تعيد النظر بموقعها وتأخذ على محمل الجد الرسائل التي أرسلها الجيش السوري من الغوطة الشرقية والوقت بدأ يضيق والجيش مستمر في تنفيذ مهامه ومازالت يد الحرير ممدودة من الرئيس الأسد نحو المصالحات والتسويات وأصبح الرهان على الخارج رهاناً فاشلاً وساقطاً ولم تعد تسمح موازين القوى للخارج بالتدخل في سوريا وستُظهر معركة سوريا في عام 2018 أنها معركة العالم وأن ناتج الحرب هو ناتج حرب عالمية وقد يأخذ ذلك وقتاً حتى يتم تظهيره لكن عام 2018 سيكون بداية هذا التظهير”.
سبوتنيك