قصة الجندي “روزبه” من دمشق إلى اللاذقية
قبل أن تضع الحرب أوزارها ونطوي صفحة مليئة بالشجاعة والإثارة يجب أن نفخر بالجندي السوري، بطل هذه الحقبة وعماد الانتصار، له كل التحية له كل الحب والوفاء.
قصة الجندي “روزبه” تكاد تلخص مئات وآلاف الحكايات والرويات عن ثنايا وخفايا الحرب خلال ثماني سنوات، ولربما نستطيع أن نسلط الضوء على بعض المواقف والأحداث الواقعية والمثيرة التي مر بها الجندي السوري في ظل تقصير الدراما السورية عن أداء واجبها الأخلاقي وتناسي الجندي السوري وخصوصاً في هذه المرحلة.
طلب “روزبه” لخدمة العلم في العام 2010م ليلتحق مع رفاقه في دورة ال “102” الشهيرة وتم فرزه إلى الفرقة الرابعة، لينخرط مع رفاقه في تلقي التدريبات القاسية ويتم إعدادهم كجنود قادرين على حماية وطنهم، وما هي إلا أشهر واندلعت الحرب في سوريا ليحتفظ بالجندي “روزبة” وجميع رفاقه في الدورة “102” بعد انتهاء فترة خدمتهم الإلزامية.
كلف الجندي “روزبه” ورفاقه بالتصدي للجماعات الإرهابية التي اتخذت من بعض منازل المدنيين في منطقة المعضمية بالغوطة الغربية في مطلع العام 2012م وكانت هذه المهمة أول مهمة قتالية يكلف بها، يقول روزبة “تلقينا أول رشقة رصاص من بندقية مسلح أثناء تمشيطنا لأحد شوارع المعضمية، أدت إلى استشهاد أحد أصدقائي وجرح 3 آخرين، هنا أدركت أن الرصاص التدريبي في حقول الرمي ليس له علاقة بالمعركة، كنا مرتبكين ولكن سرعان ما تأقلمنا، وبدئنا بإطلاق النار والمناورة، هذه أول معركة لنا واستطعنا قتل واعتقال عدد من الإرهابيين”.
يعتبر العام 2012 م من أخطر الأعوام في مسار الحرب على سوريا، فبهذا العام انتشر السلاح بشكل موسع ليشمل معظم الأراضي السورية وخرجت مناطق واسعة من سلطة الدولة السورية إلى سلطة التنظيمات الإرهابية.
وبعد شهر أنهيت مهمة الجندي “روزبة” ورفاقه في منطقة المعضمية وانتقلوا إلى منطقة داريا المحاذية ونفذوا مهمة مماثلة لمدة أسبوعين، ليتم نقلهم إلى القلمون وتحديداً إلى منطقة الزبداني ليقتحموا المزارع التي استعصى بها الإرهابيون لأول مرة، يقول روزبه “لم نكن نعلم أن طبيعة المنطقة بهذه القساوة، فقد عانينا من البرد الشديد وأنا شخصياً لم اصطحب الثياب الشتوية السميكة ولا حتى علب السجائر، قاتلنا بكل بسالة واستطعنا تأمين عدد كبير من المزارع وكتل البناء وصولاً إلى منطقة مضايا، وقد كلفنا هذا التقدم عدداً من الشهداء وكثيراً من الجرحى، يبدو أن إرهابيي الزبداني تسلحوا بشكل جيد”، وتابعت الحملة العسكرية التي يشارك بها روزبة شرقاً وطهرت عدداً من المناطق التي تحصن بها الإرهابيون في فليطة ورنكوس ومحيط النبك ومناطق آخرى في قضاء القلمون.
بعد إنجاز مهمة القلمون انتقلت كتيبة “روزبة” إلى الغوطة الشرقية في مطلع العام 2013م، حيث كثر في هذه الحقبة الهجمات الإرهابية على كتائب الجيش السوري المنتشرة في الغوطة الشرقية، لاسيما كتائب الدفاع الجوي، لتكلف كتيبة “روزبة” بفك الحصار عن كتيبة “البيتشورة” في عمق الغوطة الشرقية، يقول روزبة “وصلنا في الوقت المناسب قبل نفاذ ذخيرة رفاقنا وتمكنا من اختراق طوق الإرهابيين المطبق على الكتيبة، ودخلنا إليها وانتشرنا على السواتر لتدور أعنف المعارك مع الإرهابيين، وجاء الأمر بسحب الكتيبة إلى منطقة أمنة وهذا ما حدث، قمنا بتأمين الصواريخ والعربات وترفيقها إلى مقرها الاحتياطي، لم نترك طلقة واحدة ورائنا، أخرجنا كل شيء منها”.
وتابعت كتيبة “روزبه” حملتها العسكرية مع عدة كتائب أخرى ومشطت شبعا ومزارعها وطهرت زبدين وجسرين وسقبا وعين ترما وبيت نايم والمحمدية وبيت سوى لأول مرة، فقد سقطت هذه المناطق مرة ثانية ولم تحرر إلا في حملة الغوطة الأخيرة.
وانتقلت المعركة بعد ذلك إلى منطقتي عقربا وبيت سحم في أطراف الغوطة الغربية، يقول روزبه “وصلنا ليلاً إلى المحور الجديد، المهمة هي تأمين طريق المطار في الجزء الذي يطل على عقربا وبين سحم، كانت من أصعب المهمات فالقناصة هنا منتشرين بكثرة ويقنصون أي شيء يتحرك على طريق المطار، بعد التمهيد المناسب تمكنا من السيطرة على الأبنية المطلة على الطريق وأمنا الطريق من طلقات القناصة ولكن ليس بشكل كامل”
كانت الأوضاع أكثر سوءاً أنذاك في عربين وجوبر وحرستا وزملكا، لتكلف كتيبة “روزبه” بالتدخل السريع بالاشتراك مع عدة كتائب وإيقاف تمدد الإرهابيين الذين يهددون بدخول العاصمة، يقول روزبة “ذهبنا إلى جوبر وتدخلنا بشكل فعال في صد الهجوم الموسع للإرهابيين، ومنها انتقلنا إلى عربين وخضنا أشرس المعارك مع الإرهابيين، أسلحتهم تطورت بشكل كبير ويحاربوننا باحتراف، لتسقط عربين البلد في أيديهم وننسحب إلى حرستا وتمكنا من امتصاصهم وتكبيدهم خسائر كبيرة أجبرتهم على وقف الهجوم”.
وسرعان ما طلبت كتيبة “روزبه” لمؤازرة رفاقهم في منطقة زملكا نتيجة هجوم موسع يشنه الإرهابيون، وبعد معارك ضارية لأكثر من أسبوع أصيب الجندي روزبة بطلق ناري أنهى مسيرته القتالية.
يقول روزبة “الشوارع جميعها مقنوصة ومن الجنون التواجد بها، ولكن رفاقنا محاصرين في البناء المقابل ويجب أن نصل لهم، ركضت مسرعاً وهدفي هو مدخل البناء، لكني سقطت أرضاً فقد أصابتني رصاصة ولم أعد قادراً على المشي حتى، نجوت بأعجوبة بفضل الله ورفاقي، انتشلوني تحت وابل من الرصاص، وداعاً يا رفاق أكملوا المهمة”.
نقل “روزبه” إلى المشفى لتلقي العلاج ومنها إلى منزله في مدينة اللاذقية، وبعد تماثله للشفاء في العام 2014م قرر التطوع في أحد تشكيلات الجيش السوري وانتقل إلى محافظة اللاذقية.
عندما نتحدث عن جندي أو مجموعة من رجال الجيش السوري وماقدموه في أرض المعركة كأننا تكلمنا عن جميع جنود الجيش السوري ولكن لكل منهم قصته ومسيرته القتالية والبطولية، فطوبى لرجال الجيش العربي السوري.
المصدر: دمشق الآن- محمد كحيلة
Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73