نارام سرجون:بطاقة تهنئة لاردوغان من القطب الجنوبي .. السلطان الذي لاتغيب عنه الشمس ..
نارام سرجون
يرى البعض أن الشرق لم يتزحزح قيد شعرة في الحرب طالما بقي الرجلان الأكثر قوة في الحرب .. اي اردوغان والاسد .. والحرب لاتصل الى نهاياتها الا مع غياب احد الرجلين .. وبرى البعض أن الزمن دار ثمانية سنوات ثم عاد بنا الى مايشبه زمن 2010 حيث الرجلان اللذان سيقرران مصير الربيع العربي لايزالان في منصبيهما وكأن شيئا لم يكن .. ولكن هل صحيح ان شيئا لم يتغير؟؟ وهل سيغير غياب اردوغان او بقؤه مصير الحرب؟؟
لم يقاجئ فوز اردوغان معظم الناس .. لأن الرجل لايدعو الى انتخابات الا بعد ان يطمئن انه قدم لها بعروض مسرحية وتمثيلية واستعراض عضلات كي يكسب شباك التذاكر .. فهو قدم عرضا راقصا وأدى غناء اوبراليا ملفتا على مسرح قضية القدس وقبض الثمن وترك القدس بعدها لمصيرها ولترامب ونتنياهو يفعلان بها مايشاءان كملك اليمين .. وهو عرض عضلاته في عفرين ومنبج ثم طلب ثمن التذاكر في الانتخابات مباشرة ..
فاز اردوغان أم لم يفز .. الشرق لم يعد ذلك الشرق الذي عاش فيه اردوغان فاتحا .. وتحول الرجل الى مفتوح فيه .. الاسلاميون كذلك مع اردوغان وبدونه لن يعودوا الى ذلك الزمن الذي كان العالم يحبس انفاسه من حتمية وصولهم وتمكنهم من عرش الشرق .. كان الاسلاميون يغمرهم ذلك الشعور بأن كل الشرق يسقط تحت سنابك فتوحاتهم ولن توقفهم قوة لأنهم جاؤوا كالقدر .. واذا كان عقبة ناقع في خاض بجواده بحر الظلمات الذي انتهى به العالم القديم فان اصرار الاسلاميين انهم سيخوضون في كل بحار الدم للوصول الى الخلافة الاسلامية في أم معاركهم على الاطلاق وأضخمها .. كانت تركيا هي التي يراها الاسلاميون نموذجا يشحنهم وهي التي تحميهم وتطعمهم وتغطيهم وتعلمهم المشي والكلام كما الأطفال .. وكانوا لها بالمقابل أتراكا اكثر من الاتراك .. ولكن هاهي الحرب تمر على النهايات والامبراطورية الثورية الاخوانية تتراجع وتنكمش .. وصار كل همّ الاسلاميين هو شيء واحد هو المحافظة على السلطان الذي يتقلقل ويتأرجح .. وصارت كل صلواتهم ليس من أجل اسقاط الأسد بل من أجل ألا يسقط السلطان اردوغان وتسقط الخلافة لأنه صار رمزا لهم وسقوطه سيعني لهم نهاية كارثية لتجربة عزيزة على قلوبهم .. واحتراقا لأحلام كانت تنهض وتدب فيها الحياة تسير الى الحقيقة ..
كل امبراطورية الاسلاميين التي ابتلعت مصر وليبيا وتونس وسورية واليمن انكمشت وصارت امراطورية الاسلاميين هي في بعض المقاعد البرلمانية التركية التي تبقيهم على قيد الحياة السياسية .. ورجل صار مجوفا يشتري الانتصارات في القرى الكردية وينفخها كي تكون انتصارات مثل انتصارات اليرموك .. ويتنافخ شرفا في احتفالياته انه سيصلي في منبج وعفرين وهو الذي كان يشمر للصلاة في دمشق والقاهرة .. وليس في بساتين عفرين ..
الرجل فاز في الانتخابات التركية للمرة العاشرة او أكثر ولكن اردوغان الثاني عشر ليس كأردوغان الاول .أو اردوغان الثالث .. اردوغان الأول كان ينظر من استانبول جنوبا ليرى القاهرة بين يديه ويطل من شرفة قصره فيرى تونس وليبيا تلبسان الطربوش العثماني .. كان يحكم حلب والموصل وهو يعين واليها البغدادي وهو يخفيه ويعزله .. ويتطلع الى دمشق ليولي غليها الجولاني وعلوش .. فاذا به فجأة بلا حلب وبلا الموصل .. وخرج من دمشق والقاهرة وشمال افريقيا ..
لم نعد نتفاجا بأردوغان عندما يفوز بل ربما يسرنا ان نراه يفوز ويحتفل شعبه الاسلاموي الاخواني به بأي انتصار بعد ان لاقى الهزيمة في كل مكان .. فهستيريا الفوز تدل على ان كل ماصار يتمناه الاسلاميون هو الابقاء على السلطان والسلطانة المحجبة في القصر الرئاسي التركي .. بلا دمشق وبلا حلب وبلا الموصل وبلا تونس او ليبيا .. يشرب الاسلاميون مرق اردوغان في أحاديثهم منذ أكثر من عشر سنوات .. ويطبخون بنكهته ونكهة اسمه الاحاديث الدسمة في مشاريع الاقتصاد والديمقراطية الاسلامية وعودة الامجاد العثمانية .. ولكن اليوم يفوز اردوغان كما في كل مرة .. الا ان اضافة اسمه ونكهته ودسمه لم تعد تصنع مرقا دسما للانتصارات والمباهاة .. فالرجل صار من كثرة ما طبخ لنا من لحمه ومن كثرة ماخسر من شحمه وأحلامه صار مثل ديك أو أرنب طبخ به المرق عشرين مرة .. وصار المرق ماء مهما أطال الطباخون الغلي واضافة المحسنات المذاقية .. فلاجديد لدى الرجل .. ولو وضعناه في قدر فلن نحصل على حساء ومرق .. بل ماء فقط ..
بالله عليكم ماذا يعني ان يبقى اردوغان أو لايبقى في الحكم بعد اليوم .. بل على العكس ان وجوده صار منفعة لخصومه لأنه سيبقي الشارع التركي مستقطبا الى زمن ويتعمق انفصال مكوناته وشروخه .. لأنه سيرسخ الحكم الاسلامي بحيث يدمن الاسلاميون السلطة .. والاسلاميون دوما وصفات مستقبلية للحروب الداخلية .. فاذا مااختل التوازن السياسي لن يسلم الاسلاميون السلطة الا بحرب مع المجتمع كله .. وهو بعد اليوم لن يكون الا مثل ذئب على مزبلته الاخوانية ومجتمعه المشقوق والمأزوم .. ولكن روسيا روضته ووضعت سلاسل في عنقه .. وايران روضته ووضعت لجاما في فكيه .. والجيش السوري روضه وقام باخصائه في حلب .. وسيقطع له أعضاءه الحميمة في ادلب .. واردوغان الآن يعمل مثل شرطي في بلدية ينظف للجميع الحديقة الكردية .. وسيسلم ادلب نظيفة من الارهابيين والا تم توبيخه .. وهو لا صديق له في اوروبة لأنه أبو الاسلاميين المكروهين هناك .. وفي اميريكا يرون انه صار بلا فائدة طالما انه لم يواجه روسيا وايران وأن المرحلة الاسلامية تآكلت وانه مدفع قديم لمعركة حديثة مختلقة كليا .. المدفع فيها موجه ضد ايران .. حيث لادور له في تلك المواجهة طالما أنه فشل في مواجهة ايران في سورية ..
جميل ان نهنئ الاسلاميين بفوز اردوغان الذي سيحنطونه .. ويخللونه .. ويحشونه .. ويكدسونه .. ويخبؤونه في بيت المونة لأنه بلا فائدة .. ولأنه صار مثل صنم يعبده الاسلاميون لايضرنا ولاينفعنا في قفصه .. المهم اننا وصلنا لمرحلة اردوغان السادس عشر .. حيث لحظة “مات الملك عاش الملك” قد تصل اليه في اية لحظة ..
ورجائي من الاسلاميين جميعا وكل محبي اردوغان ألا يكتبوا لنا هذياناتهم ونصائحهم أن نصالح اردوغان لأنه قوي وشعبيته لاتقهر .. فالعائدون الينا من مغامرتهم الايمانية بالخلافة الناتوية التي لم تتتم يريدون ان يحدثونا عن مرحلة جديدة نسامح بها ونصفح بها ونعود اخوانا وملوكا على الشرق ونصافح الرجل ويصافحنا .. ونزوره ويزورنا .. وناكل معه ويأكل معنا .. ونصلي معه ويصلي معنا .. وعفا الله عما مضى .. بل ان بعضهم يغوبنا بأحلام يقظة يرى فيها أردوغان يهبط في مطار دمشق ويستقبله فيه (أخوه) الرئيس بشار الأسد .. لأن خطورة المرحلة تستدعي منا ألا ننكأ الجراح وألا نحقد .. وأن نتفهم عودة الابن الضال .. لأن عودته وعودة الاسلاميين الى صفوفنا صارت أمرا ضروريا لنرد كيد الصهاينة والترامبيين .. والا أكلنا فرادى كما الثيران التي تؤكل فرادى ..
الى كل هؤلاء .. وفروا نصائحكم وعواطفكم ومشاعركم .. فهذا الرجل صار مجوفا ولاقدرة له الا على ان يعيش في تركيا المأزومة بخوفها من كل مايحيط بها .. وليس له في خارجها الا الكارهون له .. واذا بقي في تركيا مئة سنة فاننا في غنى عن تركيا وعن كل العلاقة مع الشعب التركي الى ان ينتهي زمن اردوغان .. وكان الله في عونه في ما بقي له من عمر في السياسة سيقضيه في تنظيف السياسة التركية مما لحق بها من دم وعار .. وتشققات في البيت التركي ..
والى جميع الاسلاميين العائدين الى أحضاننا والذين يريدون ان يعود السمن والعسل وان يعود زمن اردوغان معهم الينا .. والله لن أكذب عليكم .. وسألخض مشاعري تجاهكم وانا أنتصر بدمي عليكم وعلى خليفتكم كما لخصت مشاعري عندما سمعت اسماعيل هنية ينكر انه دعم الثورة السورية ودعا لها ورفع علمها أمم الملأ وبحضور اردوغان عدونا .. واليوم هو يثني على كرم وسخاء (النظام السوري) على القضية الفلسطينية وعلى حماس التي أكلت من طبقه .. فبعثت الى من أتاني ليعيدني الى حماس الاخوانية والى الاسلاميين .. قائلا:
قلبي أيها الاسلاميون قطعة ثلج سيبيرية .. ودمي ماء سيبيري .. ولو قيست درجة الحرارة في قلبي عندما أعلن اسماعيل هنية ندمه المبطن على توجيهه طعنة الى ظهور السوريين لقلت ان خطاب هنية حط على أرض القطب الجنوبي .. حيث الرياح القطبية والظلام والليل القطبي الطويل .. وأسراب البطريق .. قلبي ياحماس أرض سيبيرية .. وليس فيه غصن واحد تقفين عليه بعد رحلتك المجنونة ومغامراتك بين قاعدة العيديد الاميريكية في قطر وقاعدة انجرليك الاميريكية في تركيا .. وبين طربوش أردوغان وسروال حمد ..
يستطيع الاسلاميون ان يستعملوا ألسنتهم كممحاة تمحو ماكتبته شفاههم منذ سنوات من كلام .. ومن انحنوا وقبلوا يد القرضاوي المنقوعة بدم مئات آلاف العرب والمسلمين وقبلهم القرضاوي بفمه المليء بالدم لانريد منهم اعتذارا .. ويستطيع كل خصومنا بعد انتصارنا ان يتأقلموا في السياسة ويتأرجحوا مثل وليد بيك جنبلاط في الجنبلاطية السياسية .. حيث يغير جنبلاط اتجاهه وشراعه والبحر الذي يبحر فيه كما تتغير الريح وتنساب البحار بين المضائق .. ويمدح اليوم ويهجو غدا .. يصافحك مثل وليد بيك جنبلاط صباحا ويبارزك بعد الظهر .. ويقول انه كان مضطرا لمديحك خوفا منك وعندما تسنح له الفرصة لهجوك سيهجوك ويطلق شتائمه الحبيسة ..
ويمكن للاسلاميين والعثمانيين والاخوان أن يعتقدوا ان قلوبنا هي فناجين قهوة صغيرة تفور وتغلي .. ثم ماان تتوقف النيران واللهب حتى تهدأ وترقد وترسب .. ويهدأ جنون البن في الفنجان ويهبط الى القاع .. حيث قراءة الحظ والمستقبل والوعود .. ولكن قلوبنا أيها السادة ليست فناجين قهوة .. بل حقول للشهداء ومتاحف لقطرات الدم .. كل قطرة دم لوحة معلقة على جدران قلوبنا .. وأرواحنا معارض لوجوه أجمل الشباب الذين رحلوا عنا واستشهدوا .. وعقولنا وذكرياتنا متاحف لكل الحارات التي انكسرت فيها خواطر الفقراء والآمنين والجيران الذين يبحثون عن بعضهم تحت الانقاض وفي مفارق الطرق .. حارات انكسرت فيها جماجم البيوت .. وجرحت أرصفة الشوارع .. وعيوننا متاحف للألم والوجع والدموع والبكاء .. والاحلام المحنطة .. وخرائط المهجرين والمسافرين .. فكل سوري يحفظ عن ظهر قلب كل ندبة وكل جرح تسببت فيه هذه الحرب .. التي كان بطلها أردوغان ومريدوه الاسلاميون من القتلة .. السلطان الذي لاتغيب عنه الشمس .. ومن يبقى طوبلا تحت الشمس .. عليه ألا يصدق أن الشمس لاتغرب ولاتغيب ..
=============
بالمناسبة: متى سيصل وفد حماس ليشارك الأمة الافراح والليالي الملاح ويلتقط الصور مع السلطان الذي لاتغيب عنه الشمس ؟؟ انتظروا المشهد يجب الا يفوتكم ..
Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73