سامي كليب يكشف خفايا تحرير ادلب و الضربة الأمريكية
لاحظ معي عزيزي القارئ التالي :
• كلما ارتفع الضجيج حول الكيماوي في سوريا، تعود منطقة الى الدولة السورية. حصل هذا في حلب وحمص والغوطة والمنطقة الجنوبية وقد يحصل في ادلب. لا الأطلسي وحلفاؤه العرب أسقطوا النظام لسوري، ولا المعارضة والمسلحون تقدموا أنملة. لعلنا الآن في ربع الساعة الأخير لبدء استعادة ادلب رغم الصعوبات الظاهرة.
• في الوقت الذي ارتفعت لهجة التهديدات الأميركية والفرنسية باحتمال عدوان جديد بذريعة الكيماوي، تسربت معلومات حول مفاوضات سرية أميركية سورية جرت قبل شهرين في دمشق. وقبلها تسربت معلومات مماثلة عن رسائل سعودية الى الرئيس بشار الأسد تشترط وقف العلاقة تدريجيا مع ايران مقابل إعادة العلاقات كاملة. التفاوض يجري على مسائل قابلة للتفاهم بما فيها انتهاء دور ايران وحزب الله لاحقا .
* مع ارتفاع الضجيج حول العدوان، تعلن أميركا رسميا انها ستشارك في المفاوضات المقبلة حول سوريا بناء لدعوة ديمستورا.
• ما أن يهلل بعض القادة العرب لاقتراب ضربة أميركية لإيران حتى يظهر أكثر صقور الإدارة الاميركية شراسة جون بولتن ليقول ان أميركا لا تسعى لتغيير النظام الايراني وانما لتحسين سلوكه. يقول ذلك فيما وزير الدفاع الايراني يزور دمشق في رسالة إيرانية روسية سورية واضحة هدفها ثني الأطلسي عن أي عدوان. وفيما يزداد القلق بشأن مضيق هرمز.وفيما يعلن عن زيارة وفد حوثي الى لبنان، وفيما يصدر تقرير اممي يحمل التحالف بقيادة السعودية كالآخرين مسؤولية احتمال ارتكاب مجازر حرب.
* الانكى من تقرير الامم المتحدة هو تأكيد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أن واشنطن ترى أولويتها في تقليص عدد الضحايا المدنيين في اليمن قدر الإمكان وإطلاق مفاوضات سلام برعاية أممية في أسرع وقت ممكن… هل هذا تنصل من دعم السعودية؟
• من قلب الحج في مكّة المكرّمة يقول مسؤول بعثة الحجاج الإيرانية، علي قاضي عسكر، أن “دبلوماسية الحج قد تحسن العلاقات بين إيران والسعودية،” لا بل يذهب الى حد الدعوة الى تشكيل “اتحاد إقليمي بين دول الجوار”
ماذا نفهم؟
أولا: في ادلب مجموعات مسلحة خطيرة جدا من الأجانب، وفيها مجموعات أخرى قابلة للتسويات. من غير الممكن السماح بعودة الأجانب الخطيرين الى بلادهم. ثمة مساع حثيثة تبدأ بالصين مرورا بأوروبا لتصل الى أميركا هدفها القضاء على هؤلاء المسلحين على الأرض السورية. أي عدوان أطلسي على سوريا، حتى ولو كان محدودا سيرفع الحرج عن الجيش السوري وروسيا وإيران وحزب الله وحلفائهم لاستكمال المعركة واستعادة ادلب.
ثانيا : في ادلب ومحيطها ثمة عقدة لا تزال قائمة اسمها تركيا. لعل الهزة الاقتصادية الخطيرة التي أصابت نظام رجب طيب اردوغان والتي زادت تنافره مع اميركا، جعلت أنقرة (المتأرجحة بين الأطلسي وروسيا) تشعر بضرورة تعزيز علاقاتها المرحلية مع روسيا، حتى وصل الأمر بوزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو الى حد القول ” سنرد على اميركا إذا تصرفت كرعاة البقر “. ربما صار من مصلحة تركيا وسوريا إيجاد أرضية تفاهم عبر روسيا وايران . لعل ادلب ستكون ممرا ضروريا لهذا التفاهم.
ثالثا : ثمة شهية مفتوحة لدى القوى الغربية حاليا لمرحلة ما بعد الحرب السورية لجهة إعادة الاعمار والغاز والنفط. هذا بحاجة الى تفاوض وليس الى حروب، ذلك ان مرحلة اسقاط النظام بالقوة انتهت .
لو أضفنا الى كل هذا، التوتر الاوروبي الاميركي بسبب الرسوم الجمركية وغيرها، والتدهور المستمر في وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب داخليا حتى يكاد يشارف على مرحلة العزل، وذلك مقابل النشاط الروسي الحثيث لاقناع إسرائيل بأن انتهاء الحرب السورية يعني تسويات أمنية وسياسية مقبلة تكون مفيدة لكل الأطراف وتبعد الخطر الايراني المباشر عند الحدود، فان معركة ادلب تكون اقتربت جدا ، وان الضجيج والتهديدات الدولية ليسوا أكثر من مجرد تكرار لسيناريوهات سابقة قبل استعادة الجيش السوري وحلفائه للمدن الكبرى….
ان منطقة الجنوب السوري كانت استراتيجيا اهم من ادلب، لكن ادلب أكثر خطورة نظرا لوجود مقاتلين فيها سيقاتلون حتى الموت لأن لا أحد سيقبل بعودتهم….
ثمة اتفاق ضمني بين كل المتخاصمين الدوليين على الأرض السورية بضرورة القضاء على المقاتلين الأجانب في ادلب قبل التسويات….. من هنا بالضبط يرفع كل طرف الآن سقف التفاوض….. ولو وقعت ضربة مدروسة ومحدودة أو لم تقع ، فان التفاوض سيبقى سيد الموقف لان الجميع بحاجة له لصفقات ما بعد الحرب ..
أما الحرب العسكرية فيبدو انها حُسمت لصالح الدولة السورية وحلفائها مهما علا الضجيج. وكل ما يمكن تحقيقه للمعارضة سيكون عبر اللجنة الدستورية التي تتقارب وجهتا أميركا وروسيا بشأنها لجهة توسيع قاعدة الحكم في سوريا عبر الانتخابات .