دلالات التوضيحات الجديدة لوزارة الدفاع الروسية
حميدي العبدالله
بعد إيفاد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، قائد سلاح الجو «الإسرائيلي» في محاولة منه لاحتواء الموقف الروسي، وإعادة النظر باتهام موسكو لـ «إسرائيل» بتحمّل المسؤولية الكاملة عن مأساة الطائرة الروسية «إيل 20»، حاولت تل أبيب نشر انطباعات خاطئة عن نتائج زيارة الوفد العسكري «الإسرائيلي» إلى روسيا. ولقطع الطريق على التفسيرات «الإسرائيلية»، عادت وزارة الدفاع الروسية إلى تحميل تل أبيب المسؤولية الكاملة عن سقوط الطائرة الروسية، ولكن كشفت في سياق عملية التوضيح الكثير من الأسرار والخفايا المتعلقة بمستوى ما قدّمته موسكو للكيان الصهيوني، إنْ لجهة مرابطة نقاط رقابة روسية في خط وقف إطلاق النار في الجولان، أو لجهة إقناع المقاومة اللبنانية وإيران بسحب قواتها بعمقٍ واسع لقطع الطريق على الذرائع «الإسرائيلية».
ما معنى أن تكشف موسكو عن هذه الخفايا والأسرار التي كانت طيّ الكتمان، أو على الأقلّ لم يعلن عنها رسمياً في السابق من قبل أيّ جهة معنية، سواء كانت هذه الجهة الدولة السورية، أو إيران أو روسيا، أو حتى الكيان الصهيوني؟ على الأرجح أنّ سرد كلّ هذه الوقائع التي كان ثمة حرص على إبقائها طيّ الكتمان ليس الهدف منها إظهار أنّ تل أبيب ناكرة للجميل وحسب، كما جاء حرفياً في توضيحات وزارة الدفاع الروسية، لا شكّ أنّ هناك دلالات أخرى، ربما تكون أكثر أهمية وهي التي تشكل الهدف الرئيس من وراء كشف هذه الوقائع. الدلالات لا تعني، كما تتوقع بعض الجهات في الكيان الصهيوني، أن تقدم موسكو على تقييد حرية حركات الطيران «الإسرائيلي» في بعض أنحاء سورية، أو تزويد سورية ببعض أسلحة الدفاع الجوي الأكثر فعالية، بل إنها تتعلق بمعانٍ ودلالاتٍ أخرى، من أبرزها أنّ روسيا باتت في حلّ بشأن التزاماتها بإقناع إيران والمقاومة اللبنانية في المرابطة بمواقع بعيدة عن خط وقف إطلاق النار في الجولان، ولعلّ هذه من أهمّ الدلالات التي ينطوي عليها تعمّد وزارة الدفاع الروسية إماطة اللثام عن الدور الذي قامت به روسيا لإقناع إيران والمقاومة اللبنانية بإعادة نشر قواتهما المشاركة في مكافحة الإرهاب في مناطق بعيدة عن خط وقف إطلاق النار في الجولان.
الدلالة الأخرى للكشف عن هذه الوقائع أنّ روسيا تبعث برسالة إلى تل أبيب مفادها أنّ الاعتداء من جديد على مواقع فيها مستشارين إيرانيين أو قوات من حزب الله في مناطق بعيدة عن خط وقف إطلاق النار، وكانت موسكو قد لعبت دوراً في إقناع هذه الأطراف بنشر قواتها في هذه المناطق البعيدة، يعني أنّ تل أبيب عندما تعتدي على هذه المواقع تخرق اتفاقاً رعته موسكو، وبالتالي لن تعمد روسيا بعد الآن إلى توظيف علاقاتها مع إيران والمقاومة اللبنانية وسورية، إذا ما قامت هذه الأطراف بتنسيق ردودٍ هجومية على استمرار الاعتداءات «الإسرائيلية»، ولن تطلب منهم موسكو في المستقبل الالتزام بسياسة ضبط النفس.
البناء