أوراق المهزومين في واشنطن وتل أبيب
تحسين الحلبي
في 13 أيلول الماضي بعد يومين من الذكرى السابعة عشرة للتفجيرات الإرهابية التي نفذتها «مجموعات القاعدة» في نيويورك عام 2001 قالت عضو الكونغرس تولسي غابارد أمام زملائها في قاعة مجلس النواب الأميركي: «قبل يومين ألقى الرئيس دونالد ترامب وكذلك نائبه (مايك) بينس خطابات مهيبة عن تفجيرات منظمة القاعدة في 11 أيلول 2001 وأبدى الاثنان بشأنها عناية خاصة بضحايا هذه التفجيرات، لكنهما يستعدان الآن لحماية بين 20 ألفاً و40 ألفاً من أفراد هذه المجموعات الموجودة في سورية ويهدد الاثنان، أي ترامب وبينس، روسيا وسورية وإيران باستخدام القوة العسكرية ضد هذه الدول إذا تجرأت وهاجمت هؤلاء الإرهابيين».
ما سبق نشرته مجلة «ذي أميركان كونسيرفاتيف» في 25 أيلول الماضي مستشهدة بما قالته عضو الكونغرس غابارد وأكده المحلل السياسي الأميركي تاكر كارلسونحين الذي قال من قناة «فوكس نيوز» الأميركية إنه يوجد بين المسلحين في إدلب عشرة آلاف عنصر ينتمون لمجموعة القاعدة وهذا يعني أن الإدارة الأميركية أصبحت متحالفة مع الإرهابيين الذين نفذوا تفجيرات 11 أيلول 2001.
يضيف ضابط الاستخبارات السابق في قوات المارينز سكوت ريتير في المقال ذاته الذي نشرته مجلة «ذي أميركان كونسيرفاتيف» إن المستشارين الأمنيين عند ترامب يفضلون استثمار معظم مجموعات القاعدة حتى بعد هزيمتها في سورية والعراق لأنها تضم إسلاميين من وادي فيرغانة الذي يحيط باوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان ويقدر عدد هؤلاء الذين يعملون مع القاعدة في سورية منذ عام 2012 بنحو 4000 عنصر، وهذا يعني أن وكالات الاستخبارات الأميركية ستظل تستند في حربها ضد سورية والعراق وضد موسكو وبكين وطهران إلى هذا الخزان البشري الإسلامي الذي قال مستشار الأمن القومي في عهد جيمي كارتر عام 1979 زبينيو بريجينسكي إنه يحتوي على أكثر من مليار ونصف مليار مسلم يسهل توجيه الشباب فيه نحو هذه الدول باسم الإسلام والدولة الإسلامية.
ويشير ريتير إلى أن موسكو وبكين تدركان أن واشنطن ستحاول إعادة تأهيل «الدولة الإسلامية» لداعش تحت أي اسم كان وفي أي منطقة لكي تصبح قاعدة لاستيعاب وتدريب الشباب الإسلاميين من الدول المسلمة والدول العربية وتوجيه إرهابهم نحو الدول المناهضة للهيمنة الأميركية.
وبالمقابل ستعمل واشنطن كعادتها منذ عام 2011، على استغلال أموال نفط بعض الدول العربية لتمويل وتسليح هذه المجموعات من أي دولة مسلمة فقيرة الموارد، ضمن هذا المخطط الذي ستستخدمه واشنطن إقليمياً ضد سورية وإيران وحزب الله في المنطقة، وضد روسيا والصين على المستوى الدولي.
يبدو أن تاريخ الصراع والمجابهات بين واشنطن وموسكو يراد له الآن الظهور على شكل تعود فيه الإمبريالية الأميركية إلى تكثيف الاستمرار باستخدام الإسلاميين في كل الدول المسلمة على غرار استخدامهم في عام 1979 من أفغانستان ضد موسكو السوفياتية في ذلك الوقت، وكانت مجلة «برايت بارت» الإلكترونية قد أتيح لها نشر خطة الرئيس ريغان عام 1983 التي وضعها من خلال «القرار الرئاسي الموجه للأمن القومي رقم 75» الصادر في 17 كانون الثاني 1983 تحت عنوان «الإستراتيجية السرية لهزيمة الاتحاد السوفييتي» الذي أكد فيه الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان في ذلك الوقت على «إشغال موسكو بحرب لا تتوقف من داخل أفغانستان بدعم من باكستان وتوسيعها لتشمل دولاً إسلامية من دول الاتحاد السوفييتي».
يبدو أن إدارة ترامب تجد الآن أن الارتكاز على التحريض المكثف في الدول والطوائف الإسلامية ضد موسكو وبكين يمكن أن يشكل ساحات قتال داخل الاتحاد الروسي وعلى حدوده وداخل الصين وعلى حدودها، لكن هذه الخطة الواضحة والمكشوفة بمعظم تفاصيلها لا يمكن أن تستمر طويلاً بما يشبه حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي 1979-1989 وخصوصاً في هذه الظروف التي تحتشد فيها قوى عظمى مثل روسيا والصين ودول البريكس إضافة إلى أن اشتعال الحرب الأميركية والإسرائيلية على سورية منذ عام 2011 تحولت إلى انتصار سوري إيراني روسي وعراقي أيضاً، وأصبحت واشنطن وتل أبيب تواجهان أزمة هزيمة لا تريدان الاعتراف بها ولم يبق لهما سوى خطط تعتمدان فيها على التخريب الإستخباراتي من خلال استخدام ما جنده كل منهما من عملاء ومرتزقة في بعض دول المنطقة وقرب حدود روسيا والصين.
في مقابل المساعي الأميركية السابقة فإن الوضع الدولي أصبح بعد انتصار سورية وحلفائها يتجه نحو تصاعد دور وقرار موسكو وبكين في الساحة الدولية أمام تراجع الدور الأميركي وضعف وغياب الدور الأوروبي في هذه الظروف.
الوطن
Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73