السبت , نوفمبر 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

سوريا وجامعة الدول العربية من يعود لمن

سوريا وجامعة الدول العربية من يعود لمن

سوريا لم تخرج من جامعة الدول العربية من ذات نفسها وإنما تم إقصاؤها قسرا مع بداية الحرب عليها بضغط من دول بعينها وسلم مقعدها لفترة إلى المعارضة، التي رفعت علم الانتداب الفرنسي بدل العلم السوري الوطني، ولكن بعد كل هذه السنوات من خلع سورية من مقعدها في منظمة كانت من مؤسسيها بقت سوريا ثابتة في أهم المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، وكل ماجرى من تضييق خانق عليها لم تقع سورية في مهب الريح لا سياسيا ولا ميدانيا ولا إقتصاديا ولا حتى جغرافيا أو ديمغرافيا إجتماعيا، وإنما صمدت في وجه كل ما تم تدبيره لتطويعها ولي ذراعها بما يخدم مشاريع أمريكية غربية اقليمية اتضح فيما بعد أن لها أهدافا تتعدى حدود الدولة السورية وحتى الإقليم بأكمله.
لقد رأينا مؤخرا مشاهد لقاءات مسؤولين سوريين وعرب في محافل دولية مختلفة وبدت ودية جدا وكأن شيئا لم يكن، وضجت وسائل الإعلام بقرب فتح أبواب سفارات هجرت سوريا وقاطعتها من تلقاء نفسها، ورأينا وفودا شعبية وإعلامية وبرلمانية عربية وأجنبية تزور سوريا وتعبر عن دعمها لها، والأكثر من ذلك سمعنا أصواتا لبعض قادة المنطقة والعالم يعبرون عن دعمهم للحل السياسي في سورية مع أنه كان لهؤلاء دورا محوريا ومازل في الحرب على سوريا، واليوم نسمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يتحدث بلغة المطمئن والواثق بأنه يجب أن تعود سوريا إلى مكانها في جامعة الدول العربية وأن سحب مقعدها من المنظمة كان خطأ فادحا، نحن تعودنا على أن روسيا لاتصرح من فراغ، والتساؤلات هنا كثيرة جدا ومعقدة وأكثر من معقدة رغم وضوح المشهد الحالي بالنسبة لسورية، لابد من البحث عن أجوبة لها.

ماهو التطور المستجد في الحالة السورية وعلاقتها مع محيطها القريب والبعيد؟

هل حسمت بالفعل نتائج هذا اللقاء قبل أن يتم بعودة سوريا إلى مكانها ؟

كيف يمكن أن نقرأ دعوة وزير الخارجية الروسي لافروف إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية ؟

توقيت السعي الإقليمي والدولي إلى عودة سورية إلى جامعة الدول العربية هل يعني أن الحرب إلى أفول ليبدأ الحل من النقطة التي بدأت فيها الحرب على سورية؟

الأسباب التي دفعت القوى الاقليمية والدولية لإعادة إحياء العلاقة مع الدولة السورية والتسليم بالأمر الواقع وهي التي كان لها دورا كبيرا فيما يجري على سورية من حرب طاحنة؟

كيف ستتعامل سوريا مع هذه المتغيرات تجاهها وماهي الطريقة التي ستعود فيها إلى مكانها الطبيعي أو من سيعود لمن وعلى أية أسس؟

ماهي إيجابيات الالتقاء أو التلاقي السوري العربي في حال نجح وخاصة أن شريحة كبيرة من الشعب تعبر عن امتعاضها وبالأصح رفضها لهذه الخطوة؟

أين سيكون وكيف سيكون موقع ومكان سوريا خلال المرحلة القادمة في إطار مسار المصالحة العربية السورية والتي ستتعدى بكل تأكيد إلى المستوى الإقليمي والدولي بوجه عام؟

الباحث في الشؤون السياسية والإقتصادية والخبير في الإدارة الدكتور غالب صالح في إجابته على التطور المستجد في الحالة السورية وعلاقتها مع محيطها القريب بناء على تصريحات الوزير لافروف يقول:

“حديث السيد الوزير لافروف كان ملفتا في هذا الوقت بالذات، وهذا نتيجة لمجموعة من المسببات وخاصة ما سقط على الساحة السورية من مشرع الهيمنة الأمريكية وأدواته في الإرهاب، وما اتضح أن هناك أكثر من جهة تسعى إلى عودة سورية إلى حضن الجامعة العربية لسببين رئيسيين:

السبب الأول: هو أن النظام في الخليج بشكل أساسي يريد أن تكون سورية إلى جانبه وخاصة أن هناك تباينا واضحا ونوع من الخلافات الحادة بين النظام في تركيا والنظام في الخليج العربي، ولكون سورية تتمركز في أهم موقع بالنسبة للعالم العربي، لذا يرى النظام الخليجي ضرورة عودة سورية إلى جامعة الدول العربية لتكون لاعبا أساسيا في مستقبل العالم العربي.

والسبب الثاني أو النقطة الهامة: هي أن دول الخليج العربي تريد إبعاد إيران عن سوريا أي تريد إبعاد تأثير إيران على سوريا، وبالتالي إعادة سوريا إلى حضن الجامعة العربية.

هذان العاملان وإنتصارات سورية في الميدان على الإرهاب لعبا دورا أساسيا في إعادة قراءة طبيعة الصرعات في المنطقة، وما أنتجته هذه الحروب الكبرى من ويلات على هذه المنطقة.

لذلك الدول العربية بشكل عام ترى أن لسورية دورا أساسيا ومحوريا في إعادة الإستقرار للمنطقة بعد أن أنهكتها هذه الحروب، سيما أن الجميع عجز عن كسر إرادة سورية في مواجهة الإرهاب أو إسقاط الدولة أو تقسيم سورية “.

أما بخصوص توقيت السعي الإقليمي والدولي إلى عودة سورية إلى جامعة الدول العربية وهل يعني أن الحرب إلى أفول ليبدأ الحل من النقطة التي بدأت فيها الحرب على سورية وفي المنطقة ككل يقول الدكتور صالح:

“أعتقد أن المنطقة ذاهبة إلى الاستقرار لكن ليس خلال فترة قصيرة، الحروب التي جرت على مستوى المنطقة حروب كارثية أنتجت حالة إجتماعية وسياسية وإقتصادية وأمنية لامثيل لها في التاريخ، ولأن تكون حالة العودة إلى الهدوء والاستقرار بين لحظة وأخرى ستأخذ حيزا من الوقت وستكون هناك مفاوضات على مستوى إقليمي ودولي لرسم معالم المرحلة القادمة وإعادة ترتيب العلاقات بين الدول على كل المستويات والصعد.

هنا نتذكر اللقاء الذي جرى على هامش إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بين وزير الخارجية السوري ووزير خارجية البحرين، هذا اللقاء رسالة تصب في هذا الإتجاه، أي محاولة خليجية لعودة سورية إلى الجامعة العربية بعد أن فرضوا خروج سورية قسرا من الجامعة كما نتذكر، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، النظام الخليجي يدرك تماما حالة العلاقات فيما بعد بين سورية وتركيا كونهما دولتان متجاورتان وإيران وروسيا كذلك الأمر، وهذا قد لايصب في مصلحة النظام الخليجي، وبالتالي ستحاول دول الخليجح وبشكل متسارع لعودة سورية إلى الجامعة العربية وهذا مايجب التركيز عليه”.

أما كيف ستتعامل سوريا مع هذه المتغيرات تجاهها، وماهي الطريقة التي ستعود فيها إلى مكانها الطبيعي كونها دولة مؤسسة للجامعة، أو من سيعود لمن وعلى أية أسس، يقول الدكتور صالح:

“نحن في سورية نفسنا عربي ودائما كنا في الصف العربي ودافعنا وسندافع عن القضايا العربية، ولكن إلى أي حد يمكن أن تحقق الجامعة العربية عودة الإستقرار والأمن إلى الدول العربية، ومتى تعود إلى بداياتها؟ لخلق حالة لمواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة ووجود إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية وفلسطين”.

نحن في وضع مختلف تماماً في الوقت الحالي عن ما سبق لأنه هناك محاولات جادة لتصفية القضية الفلسطينية، ومحاولات للإبتعاد عن الهم القومي بشكل عام والتقوقع نحو الحالة الوطنية ونحو الفدرلة والإستقلالية لعديد من الاثنيات والعرقيات في المنطقة على حساب القضية الفلسطينة، وماحدث في المنطقة لايمكن بنائه بين لحظة وأخرى أو من خلال عودة سوريا إلى الجامعة العربية بل يحتاج إلى عقود وإلى توافقات دولية على تقاسم النفوذ بين روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأولى”.

عن إيجابيات الالتقاء أو التلاقي السوري العربي في حال نجح وخاصة أن شريحة كبيرة من الشعب تعبر عن إمتعاضها وبالأصح رفضها لهذه الخطوة يقول الدكتور صالح:

“نحن لانستعجل العودة إلى الجامعة العربية لأننا لم نرى من النظام العربي إلا الغدر والخيانة والتراجع و والإتجار بالقضايا القومية وخاصة القضية الفلسطينية. مع ذلك نحن بنفس الوقت مع عودة الإستقرار والأمن إلى المنطقة والجامعة العربية إلى سابق عهدها، على الأقل ليكون هناك إجتماعات ولقاءات بين الدوائر التي ترسم السياسات العربية على مستوى الجامعة لإتخاذ قرارات جدية وليس للإلتقاط الصور التذكارية وتبادل القبلات.

يجب أن يكون لنا قدرة على الحفاظ على الوحدة الوطنية لكل دولة، وبنفس الوقت يجب أن يكون أمامنا المستقبل واضحا حتى نميز بين العدو والصديق والحليف ونحدد كل أولوياتنا في قضايانا القادمة. يجب أن يكون لدينا إستراتيجية في التعاون مع الدول العربية والمجاورة لنتعامل مع قضايانا وشعوبنا بالطريقة التي تخدم مصالحنا الوطنية العليا، خاصة القضية الفلسطينية، لأنه توجد فعلا محاولات جادة لتصفيتها، ونظام الدول العربية انخرط في موضوع تصفية القضية الفلسطينة، وبالتالي لا قيمة حقيقية للجامعة العربية إلا بأن تكون قضية فلسطين هي الأولى، لأنه دائما كانت القضية الفلسطينية حامل التضامن العربي في مواجهة السرطان الإسرائيلي”.

إعداد وتقديم نواف ابراهيم

سبوتنك