السبت , نوفمبر 23 2024

Warning: Attempt to read property "post_excerpt" on null in /home/dh_xdzg8k/shaamtimes.net/wp-content/themes/sahifa/framework/parts/post-head.php on line 73

ستة أسباب تجعل ذاكرتك أغرب مما كنت تتصور

ستة أسباب تجعل ذاكرتك أغرب مما كنت تتصور

رغم أن نقاط الضعف التي تشوب الذاكرة البشرية أمرٌ لا يخفى على الإطلاق على علماء النفس، فإن الكثيرين منّا يقللون باستمرار من قدرة ذاكرتنا على خداعنا. في السطور المقبلة، تستعرض “بي بي سي فيوتشر” أغرب سمات ذاكرة الإنسان.

1 – يظن الكثيرون أن بمقدورهم تذكر سنوات طفولتهم الأولى رغم أن ذلك مستحيل عملياً

لعل من طالعوا مذكرات الرسام الإسباني سلفادور دالي يتذكرون تلك الفقرة التي يقول فيها إنه يفترض أن قراءه “لا يتذكرون على الإطلاق – أو ربما يتذكرون على نحوٍ مبهمٍ للغاية – تلك الفترة شديدة الأهمية لوجودهم، والتي تسبق ميلادهم وتحدث في أرحام أمهاتهم.. لكن، أجل أنا أتذكر تلك الحقبة كما لو كانت بالأمس”.

خمس طرق تتغلب بها على “خيانة الذاكرة”

وأعرب دالي عن أمله في أن يساعد استرجاعه لتلك “الجنة السماوية” الآخرين على استعادة لحظات حياتهم الضائعة والمفقودة في مرحلة ما قبل خروجهم إلى الدنيا.

في واقع الأمر، لا تعدو ذكريات دالي سوى أمرٍ من نسج خياله الخصب بالقطع تقريباً، فالعلماء باتوا يعتقدون الآن أنه من المستحيل على المرء تذكر السنوات الأولى من حياته، وأن الفترة التي تسبق الميلاد لابد أن تكون بدورها عبارة عن مساحةٍ خالية تماماً في ذاكرته.

ففي تلك الفترة تكون الكثير من البنى الضرورية للذاكرة في الدماغ لم تصل بعد إلى مرحلة النضوج، وهو ما يعني أنه يستحيل من الوجهة الفسيولوجية أن تحتفظ الذاكرة بأي أحداثٍ شخصيةٍ تخص الفترة ما بين الطفولة المبكرة وصولاً إلى البلوغ.

وبرأي العلماء لا تعدو أي ذكرياتٍ تعلق في ذهن المرء عن تلك المرحلة سوى وهمٍ أو “ذكرياتٍ زائفةٍ”، استمدها المرء من شذرات متصلة بخبرات ومعارف أخرى اكتسبها في وقت لاحق من حياته.

2 – قوة ذاكرتك قد تعتمد على درجة حرارتك

يقول علماء النفس إن الذاكرة البشرية “تعتمد على السياق”. ولفهم ما الذي يعنيه ذلك، فلتضع في الاعتبار هنا تجربةً طلِب فيها من بعض المبحوثين وضع أياديهم في دِلاءٍ بها ماءٌ مثلجٌ، وهي بالمناسبة تجربةٌ غير مريحةٍ إلى حدٍ بعيد، ثم حفظ مفرداتٍ مُدرجة في قائمة.

وفي وقتٍ لاحق، وبعد إجراء بعض التجارب، وجد الباحثون أن ذاكرة أفراد عينة البحث كانت تتحسن إذا ما وضعوا أياديهم في مياهٍ مثلجةٍ كما فعلوا من قبل.

وأظهرت الدراسة أننا نتذكر المعلومات والحقائق بشكلٍ أفضل إذا ما أعدنا خلق الملامح الدقيقة – البيئية والفسيولوجية – التي توافرت في الوقت الذي جرى تكوين الذكريات المتعلقة بتلك المعلومات، حتى وإن بدت تلك السمات والملامح غير ذات صلة بما حُفِظَ في الذاكرة.

ويشكل ذلك أحد الأسباب التي تجعل من الأيسر على المرء مثلاً أن يتذكر – عند احتساء قليل من الجعة – أحداثاً مرت به في ليلة حافلة بمعاقرة الخمور، مُقارنةً بقدرته على فعل الأمر ذاته وهو في كامل وعيه.

وربما يتسنى للمرء الانتفاع من هذه المؤشرات والملامح ذات الطبيعة الفسيولوجية، بحسب جوليا شو، أستاذة علم النفس بجامعة كوليدج لندن ومؤلفة كتاب “وهم الذاكرة”.

فمن يمضغون العلكة ويحتسون القهوة خلال الاستذكار، سيتمكنون من تذكر المعلومات التي استذكروها بشكلٍ أفضل وبقدرٍ أكبر إذا ما قاموا بالمثل قرب موعد خوضهم للاختبار.

ويمكن أن تمثل الروائح أيضاً عاملاً مُساعداً على التذكر. لهذا ربما يجدر بك أن تضع خلال خوضك الاختبار العطر – أو عطر ما بعد الحلاقة – المرتبط بمراجعة المنهج أو استذكاره.

3 – التسلسل الزمني للأحداث في ذهنك مشوهٌ

هل من الممكن أن تُمعن التفكير لثوانٍ، لتخمن في أي شهرٍ وسنة وقعت الأحداث التالية:

أ – وفاة المغني الأمريكي مايكل جاكسون

ب – طرح ألبوم “ليمونايد” للمغنية بيونسيه

ج- الخطأ المخزي الذي شهده حفل توزيع جوائز “الأوسكار”، عندما أُعْلِنَ بالخطأ عن منح فيلم “لا لا لاند” جائزة أفضل فيلم

د – إعلان أنغيلا ميركل أنها ستتنحى من منصبها كمستشارة لألمانيا في عام 2021

غالباً ما ستكون إجاباتك في هذا الشأن خاطئةً للغاية، إلا إذا كنت متابعاً بشكلٍ نهمٍ وغير معتاد للتغطيات الخبرية للأحداث المختلفة.

كما أن هذه الإجابات ربما ستكون قد اتخذت نمطاً معروفاً لدى العلماء. فقد أظهرت الدراسات أننا نتصور في أغلب الأحيان أن الوقت الذي مر منذ وقوع أحداثٍ بعيدةٍ في الماضي أقصر مما هو عليه بقدرٍ لا يُستهان به (مثل ما سيحدث مثلاً مع واقعة وفاة مايكل جاكسون)، ونغالي في طول الأمد الذي يفصلنا عن وقائع حديثةٍ نسبياً (مثل إعلان ميركل اعتزامها التنحي بعد أكثر بقليل من سنتين على سبيل المثال).

وتُعرف هذه الظاهرة باسم “الإحلال الزمني” أو “التداخل” وهي عبارة عن وضع عناصر متعلقة بحدث ما في سياقٍ زمنيٍ مغايرٍ، أي أن يتشوه التسلسل الزمني للأحداث في أذهاننا، ولا يتوافق مع ما حدث في الواقع.

بالمناسبة، تواريخ الأحداث التي ذكرناها سابقاً هي يونيو/ حزيران 2009 لوفاة مايكل جاكسون، وأبريل/ نيسان 2016 لألبوم بيونسيه، وفبراير/ شباط 2017 لمشكلة حفل الأوسكار، وأكتوبر/تشرين الأول 2018 لإعلان ميركل اعتزامها التنحي.

4 – الذكريات المبهمة لا تخلو من فوائد

هل جربت مرةً أن ترسم وجه صديقك المقرب من الذاكرة؟ أو أن تصفه بالتفصيل الممل دون النظر إلى صورةٍ له؟

من المرجح أن يتسنى لك أن تبلي بلاءً حسناً على صعيد وصف الملامح العامة لوجه هذا الصديق، ما لم تكن مُصاباً بما يُعرف بـ”عمى التعرف على الوجوه”. لكنك ستكتشف في الوقت نفسه أنه سيصعب عليك تحديد الصفات والملامح الدقيقة للوجه؛ حتى الأساسية والجوهرية منها مثل لون العينيْن.

ما سبق لا يعدو سوى مثالٍ واحدٍ على كوننا ننزع إلى تذكر جوهر الأشياء، لا التفاصيل الدقيقة لها.

المفارقة أن ذلك ليس أمراً سلبياً أو عيباً بالضرورة. فالتفاصيل الدقيقة للوجه – مثلاً – تتغير في الغالب من يومٍ لآخر، لكن الانطباع العام الذي يتركه أو جوهر هذه الملامح يبقى على حاله، وهو ما يعني أنه سيظل بمقدورك التعرف على صديقك هذا إذا تغيرت شدة الإضاءة أو غيّر تصفيفة شعره.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن الصورة التي يحفظها كلٌ منّا في ذهنه وذاكرته عن ملامحه ومظهره هو نفسه ليست دقيقةً تماما، إذ نميل إلى أن نحفظ في الذاكرة ملامح أكثر جاذبيةً لوجوهنا مما هي عليه بالفعل.

5 – للثقة المفرطة في قوة ذاكرتك خسائر مالية

إذا ما عَنّ لك أن تحاول رسم وجهك أو وصفه حتى، فستكشف أن ما تتذكره عنه بالفعل أقل كثيراً مما كان في حسبانك. وقد أظهرت الكثير من الدراسات أن غالبية الناس يعتقدون أن ذاكرتهم أقوى من المعدل المتوسط السائد بين البشر، وهو أمرٌ ضئيل الاحتمال بدرجةٍ كبيرةٍ للغاية.

وفي هذا الشأن، يبدو أننا نتجاهل بل ونرفض – ومن ثم ننسى – المرات التي خذلتنا فيها ذاكرتنا، ونؤْثِرُ تذكر كل المرات التي أسعفتنا فيها بالمدد والعون، حينما أردنا تذكر شيءٍ ما.

ولذا فإننا نفترض – إذا ما احتجنا يوماً ما إلى تقييم مدى قوتها – أنها دقيقةٌ للغاية ولا تشوبها شائبة.

ويمثل ذلك مشكلةً خطيرةً لعناصر الشرطة مثلاً، في ضوء أنه قد يكون لاعتقادهم بأنهم قادرون على تذكر تفاصيل واقعةٍ ما بدقة، تأثيرٌ على القضية الجنائية المتعلقة بها.

كما يمكن أن يصبح هذا الأمر سبباً في فشل الكثير من الطلاب ممن يبالغون – على نحوٍ متفائلٍ – في تصوراتهم بشأن قدر المعلومات التي استذكروها.

كما أننا نُكِّنُ ثقةً مُفرطةً في ما يُعرف بـ “الذاكرة المستقبلية”، وهي تلك المتمثلة في القدرة على تذكر أداء أشياءٍ بعينها في المستقبل. وقد يترتب على مثل هذه الثقة المُبالغ فيها خسائر مالية.

بحسب جوليا شو، فإن بمقدور الشركات التي تقدم خدماتها مقابل اشتراكٍ مالي الاستفادة من هذا الأمر، عبر تقديم الخدمة بشكلٍ تجريبي مجاناً لفترة محدودة، يبدأ بعدها سحب الاشتراك على نحوٍ تلقائي من الحساب المصرفي لمن حصل على هذه الخدمة المجانية المؤقتة.

وبفعل الثقة المُبالغ فيها في قوة “الذاكرة المستقبلية”، ينسى الكثيرون إلغاء الاشتراك قبل انتهاء فترة التجربة المجانية.

6 – ربما يعاني المرء من “فقدان الذاكرة الرقمي”

قد يكون الانتشار الواسع للغاية للهواتف المحمولة نعمةً هائلةً بالنسبة لذاكرة كلٍ منّا. وللتعرف على حجم هذه النعمة، ما عليك إلا أن تفكر في كل هذه المناسبات والأحداث المُخزّنة في منشوراتك السابقة على حسابيْك على موقعيْ “فيسبوك” و”إنستغرام” على سبيل المثال، وهو ما يوفر لك أرشيفاً ضخماً من الإشعارات التي تساعدك على تذكر تلك المناسبات لاحقا.

لكن الصورة ليست ورديةً خالصةً، فثمة إمكانيةٌ لأن تشوه وسائل التواصل الاجتماعي ما نحتفظ به من ذكريات لما مر بنا من أحداث.

ومن أسباب ذلك ظاهرةٌ تُعرف بـ”التذكر المٌسَبِبْ للنسيان”. فقد صار من المعروف الآن أن الذكريات يمكن أن تصبح “هشةً” أو “غير مستقرة”، عندما نستعيدها من الذاكرة إلى مستوى العقل الواعي، وأنها تُعَرِّض الذكريات الأخرى المرتبطة بها للتحريف والتشويه كذلك.

نتيجةً لذلك، فبالرغم من أن استدعاء عنصرٍ واحدٍ من جوانب الذكريات المتعلقة بحدثٍ ما قد يقود إلى تقوية القدرة على تذكر هذا العنصر أو الجانب تحديداً، فإن ذلك يؤدي في غالب الأحيان إلى نسيان المعلومات ذات الصلة، التي لم تُستدع بالطريقة نفسها إلى مستوى العقل الواعي.

ومن السهولة بمكان رؤية كيف يتجسد ذلك كاملاً في عالم وسائل التواصل الاجتماعي.

فتلقيك إشعاراً من “فيسبوك”، يلفت انتباهك مثلاً إلى صورةٍ بعينها من حفل زفاف، قد يؤدي إلى أن تنسى تفاصيل أخرى متعلقة بالحفل. ومن شأن هذا الأمر أن يقود لحدوث مشكلاتٍ، بالنظر إلى أن ما ننشره على مواقع التواصل الاجتماعي قد اُختير وصُقِلَ وهُذِبَ ورُتِب لكي يقدم رؤيةً غير واقعيةٍ لأنفسنا وعنها.

وفي هذا الشأن كتبت شو أن كون وسائل التواصل الاجتماعي هي التي “تُملي” علينا أي الخبرات والتجارب الحياتية تُعتبر الأكثر أهمية في حياتنا وأيُها لا، يجعل هناك إمكانيةً لأن يكون بوسع هذه الوسائل محو الذكريات التي تُعد أقل فرصاً في أن يعيد الآخرون نشرها على حساباتهم، نقلاً عنّا.

وتضيف بالقول إن هذا الأمر يؤدي بالتزامن إلى تعزيز حضور الذكريات، التي يرى الجميع أنها الأكثر جاذبية وقابلية لأن تحظى كذلك بأكبر عددٍ من إشارات الإعجاب على وسائل التواصل، وهو ما قد يجعل بعض الذكريات تبدو أكثر أهمية، ويُبقيها في الذهن والذاكرة على نحو أكبر مما كانت عليه في الأصل.