تحدي المستحيل.. مخترع سوري فقد بصره فكرس حياته وعلمه لذوي الاحتياجات الخاصة
بعد أن فقد القدرة على البصر بشكل كامل، راح المخترع نزار مجر يبحث عن مشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يشبهونه بالوجع، من أجل تحفيزهم على العودة للحياة بشكل طبيعي، ومساعدتهم على السير،، وتسليط الضوء عليهم.
يقول “مجر” الذي أطلق مبادرة “تحدي المستحيل”؛ لصاحبة الجلالة: آمل أن يصل صوتي إلى من لديه القدرة على المساعدة والمساهمة في شراء معدات حديثة وأجهزة متخصصة، لكي يستطيع المعوقين والعجزة وكبار السن أن يجنوا فوائدها المتعددة، ويبنوا حياة جديدة بعيدة عن اليأس.
ويتابع: «كان اختصاصي قبل التقاعد خبير كهرباء صناعية ومنزلية ودارات تحكم، وباعتباري كنت أصلح الأدوات الكهربائية والآلات قبل أن أصبح مكفوفاً، فإنني أضع خبرتي التي أمتلكها لمساعدة المعوقين الذين يرغبون، ومبادرتي لها جوانب متعددة منها عملية، ومنها فكرية ثقافية، تهدف لتحسين مدارك المستهدفين وتحفز طاقاتهم الكامنة، وتطلقهم من القوقعة التي وضعوا فيها بسبب إعاقتهم».
المخترع الكفيف قادر حتى اللحظة على الابتكار والاختراع، ويستهدف بعمله إصلاح أنواع مختلفة من العكازات للمعوقين، وإصلاح الكراسي التي يجلس عليها المعاق بمختلف أنواعها العادية، وتلك المزودة بتقنيات كهربائية، وكذلك إصلاح بعض الأجهزة الرياضية التي يستعملها المعوقين، وبعض أجهزة المعالجة الفيزيائية التي تعالج الأصحاء والمعاقين، وتصميم وابتكار إبداعات تساعد المعوقين في تعلم حرفة أو صنعة، وتساعدهم في عملهم.
وعلى الرغم من المخاطر التي يمكن أن تصيب الرجل الذي يبحث عن بيت للإيجار في مدينة سلمية، وعن عمل إضافي يستطيع من خلاله مساعدة ابنه في إكمال علمه، إلا أنه لا يتوقف عن ذلك، فتجده يستعمل المقدح الكهربائي بإتقان، وكل ما يتفتق عليه عقله المنفتح على الجديد، فلا شيء يعيقه، وفي وقت الفراغ يقرأ له أحد أفراد عائلته كتاباً فلسفياً لكي يعيد السكينة إلى قلبه.
أولى براءات اخترع مجر كانت آلة لحام الإطارات الداخلية للدواليب، تعمل ٢٢٠فولت متناوب، و١٢فولت مستمر، وعدد آخر من الاختراعات الموثقة، ولكنه كغيره من المخترعين السوريين لم يستفد مما جادت به موهبته شيئاً، وبدأت عيناه بالتراجع عن الرؤية؛ وفقد بصره بشكل نهائي، ولكن مأساته لم تمنعه من التفكير بأن يقدم إبداعات جديدة ضمن مشروعه، مثل تحويل الخردوات المنسقة إلى أشياء تفيد المجتمع، وإضافة لمسات خاصة على أدوات ذوي الاحتياجات الخاصة، وبنفس الوقت تخرجه من حياة الظلمة التي يعيش فيها.
شارك مجر في معارض الباسل للاختراع، وبجعبته أربع اختراعات هي: الفرجار العجيب لكي يساعد كل الدارسين ويحفزهم على الإبداع، ومكبس متعدد الاستعمالات، ولفافة مولدات ومحولات صغيرة، وجهاز قص حراري بسيط.
وبحسب مجر يمكنه أن يعدل بها باستمرار لتصبح إبداعات أخرى ملائمة للعصر الحديث وتقنياته المتطورة، ولذلك وضع في المبادرة تصميم وابتكار إبداعات تساعد المعوقين بتعلم حرفة أو صنعة وتساعدهم في عملهم.
اقرأ أيضا: سحب ‘براءة الاختراع’ من مخترع لعدم تسديده الرسوم السنوية!
“مجر” المولود في مدينة “حمص” عام 1965، والذي يقطن الآن في مدينة “سلمية”، لا يحتاج إلا أن يعيش بكرامة بعد أن تقطعت به سبل العيش، وبات يفكر فقط في الخروج من نفقه المظلم بعد أن فقد بصره، ولا يريد أن يفقد بصيرته وبوصلته، فهل يجد من يمد له سبل المساعدة لإطلاق مبادرته.
صاحبة الجلالة