معركة إدلب… هل تحسم الحرب في سوريا؟
ما زالت محافظة إدلب السورية التي تسيطر عليها التنظيمات المسلحة المدعومة تركيا وأمريكيا تمثل عقبة كبرى أمام الحلول السياسية، نظرا لتعدد الولاءات لتلك التنظيمات بين الإقليمية والدولية… رغم تقدم الجيش السوري وإعلانه أن الخيار العسكري أصبح واقعا.
ويرى مراقبون صعوبة الحسم العسكري نظرا لتداخل المصالح، وأن التصعيد من جانب تركيا يهدف إلى إيجاد بيئة مواتية لنقل المسلحين إلى وجهتهم الجديدة…فهل يمضي الجيش السوري في عملياته العسكرية نحو إدلب؟
الجيوش البديلة
قال اللواء محمد عباس، الخبيرالعسكري والاستراتيجي السوري لـ”سبوتنيك”، إن الجيش التركي هو الذي يقاتلنا منذ عام 2011 على الأراضي السورية عبر جيوشه البديلة، ولم يدخل سوريا بالضباط الأتراك في حمص ودرعا لتنفيذ المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير والجديد، التركي هو رأس الحربة في العدوان الأمريكي على المنطقة.
وأضاف الخبير العسكري، “يبدو أن أردوغان قد أدرك أن قواته وجيوشه البديلة من “جبهة النصرة” و”حراس الدين” من الإيجور والتركمانستاني والأوزبك والشيشانيين والأمريكيين معظم جنسيات العالم التي دخلت إلى الجغرافيا السورية قد هزمت، وأن الجيش العربي السوري قد قرر إنهاء الوجود المسلح لتلك التنظيمات، وفرض عملية تجفيف جبهة إدلب من تلك العناصر والميليشيات”.
تساقط الحصون
وتابع عباس، “عندما بدأت تتهاوى قلاع وحصون الأتراك في إدلب بعد تقدم القوات السورية، بدأ أردوغان في بناء خط دفاعي جديد عبر الدفع بمئات الآليات من الجنود والآليات لعرقلة ومنع الجيش السوري من الوصول إلى مدينة إدلب، لكن القوات السورية خالفت كل توقعاتهم وهي الآن تتقدم وتمارس مهامها الدستورية والإنسانية”.
الخطر التركي
وأشار الخبير العسكري إلى أن
“سوريا تأخذ بعين التقدير والاحترام الدور الروسي في مكافحة الإرهاب، كما أن روسيا تتعامل من موقعها الجيوستراتيجي بأنها تخوض حربا ضد الإرهاب الأمريكي في المنطقة، وتعلم روسيا طبيعة التهديدات التي تشكلها الهوية والثقافة التي زرعها أردوغان، التي لا تهدد بها سوريا فقط، بل منطقة بحر قزوين وغرب آسيا”.
وأوضح عباس، أن “الحرب ليست محدودة في منطقة إدلب، نحن نتطلع إلى حل سياسي لإنهاء الإرهاب في سوريا ومنطقة إدلب بالتحديد، نريد حلا سياسيا يخرج “جبهة النصرة” ومشتقاتها التي أدخلها أردوغان إلى سوريا، سوريا تريد احتضان أبنائها المشردين الآن في شمال إدلب والمخيمات التركية والتي تحوي أكثر من 3 مليون مواطن سوري، لن تتوقف القوات السورية حتى تصل إلى مدينة حارم وإلى جسر الشغور وميناء الإسكندرون الذي تحتله تركيا منذ عام 1939″.
قرار الحسم
من جانبه قال الدكتور حسام شعيب، الخبير السوري في شؤون التنظيمات المسلحة لـ “سبوتنيك”، “أعتقد أن الجيش السوري قد اتخذ قرار الحسم في مسألة تحرير إدلب، تحديدا في ريف حلب بالكامل وفي إدلب وريفها، ويبقى السؤال الأهم حول وجهة الإرهابيين بعد خروجهم من إدلب، وبكل تأكيد ستكون هناك ممرات سياسية للإرهابيين وهذا طبيعي في حالات الحروب، حيث يترك مجال للعدو أو الخصم للتحرك والهروب”.
وجهات جديدة للإرهابيين
وأضاف شعيب، “عملية توجيه الإرهابيين بعد خروجهم من إدلب ستكون في ملعب الحكومة التركية، لأنها هي من تنسق مع الإرهابيين بما فيهم جبهة النصرة والميليشيات الأخرى، ومن الواضح أن عملية التحرير التي تقوم بها سوريا في إدلب أزعجت أردوغان، وهو الآن يلقي باللوم على روسيا ويصعد في الحديث معها، عندما يتحدث عن رفض الاعتراف بضم جزيرة القرم”.
وأوضح الخبير في شؤون التنظيمات المسلحة، أن “تركيا تبحث عن وجهات جديدة لتلك العناصر المتطرفة وأيضا لعناصر دولة الإخوان سواء كانوا من السوريين أم من غيرهم، وكل المعلومات المتوفرة تشير إلى ليبيا، حيث ستكون سواحل ليبيا وأفريقيا هي مأوى تلك التنظيمات وبموافقة الولايات المتحدة ضمن خطة واشنطن للسيطرة على العالم بعد فشلها في سوريا”.
الخارجية السورية
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية، قوله إن “تركيا تستمر في نشر المزيد من قواتها في إدلب وريفها وريف حلب واستهداف المناطق المأهولة بالسكان وبعض النقاط العسكرية”.
وطالبت المجتمع الدولي، بـ”اتخاذ المواقف الواجبة للجم السلوك العدواني للنظام التركي”.
وأضاف المصدر، أن “سوريا تؤكد مجددا الرفض القاطع لأي تواجد تركي على الأراضي السورية الذي يشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي واعتداء صارخا على السيادة السورية ويتناقض مع بيانات أستانا وتفاهمات سوتشي بخصوص منطقة خفض التصعيد في إدلب، الأمر الذي يؤكد إصرار نظام أردوغان على عدم احترام أي تعهدات ومواصلة التصرف كنظام خارج عن القانون”.
وأشار المصدر، إلى أنه “في الوقت الذي تهيب فيه سوريا بالمجتمع الدولي اتخاذ المواقف الواجبة للجم السلوك العدواني للنظام التركي ودعمه اللامحدود للإرهاب في سوريا وليبيا، فإنها تؤكد مجددا أن هذه الاعتداءات لن تنجح في إعادة إحياء التنظيمات الإرهابية وستستمر قوات الجيش العربي السوري في مطاردة فلول هذه التنظيمات حتى القضاء عليها بشكل كامل واستعادة السيطرة على الأراضي السورية كافة”.
وقال مراسل “سبوتنيك” في ريف إدلب، في وقت سابق، إن وحدات من الجيش السوري تتصدى لمحاولة هجوم تنفذها المجموعات المسلحة على محور “النيرب” وسط اشتباكات عنيفة تشهدها المنطقة.
فيما أكد مصدر ميداني لـ”سبوتنيك” أن المجموعات المسلحة وفي مقدمتها تنظيم “هيئة تحرير الشام” و”أجناد القوقاز” و”الحزب الإسلامي التركستاني” تشن هجوما عنيفا على مواقع الجيش السوري عند محور بلدة “النيرب”، وسط تبادل كثيف للقصف المدفعي والصاروخي، وأكد المصدر أن القوات التركية تساند المجموعات المسلحة في هذا الهجوم، بالتزامن مع قيام الطيران الحربي السوري والروسي المشترك، بتنفيذ سلسلة من الغارات الجوية باتجاه مواقع المسلحين ومحاور هجومهم على امتداد خطوط الاشتباك في المنطقة.
من جهتها، أفادت وزارة الدفاع التركية، بأن القوات الحكومية السورية غادرت بلدة النيرب، فيما تم إسقاط طائرة مروحية تابعة للجيش السوري في البلدة.