الأحد , نوفمبر 24 2024

كورونا: قطع المياه بسبب عدم سداد الفواتير يهدد العديد من العائلات الأمريكية

كورونا: قطع المياه بسبب عدم سداد الفواتير يهدد العديد من العائلات الأمريكية

بخلاف العديد من الدول الأوروبية، تجيز القوانين في الولايات المتحدة لشركات توزيع المياه قطع الإمدادات عن العملاء الذين يمتنعون عن سداد الفواتير.

وأدى هذا إلى انقطاع المياه عن العديد من الأمريكيين فيما يُقال لهم إن غسل الأيدي من أهم الأمور التي يمكن أن يقوموا بها في مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19.

“نعيش بدون مياه منذ نحو ستة أشهر”، بحسب أكيفا دور التي تعيش في ديترويت.

وتعيش أكيفا، وهي أم لطفلتين، في أحد أفقر الأحياء، ليس في ديترويت وحدها، بل في سائر الولايات المتحدة.

وتضيف أكيفا “الوضع هذه المرة صعب للغاية، لكنني صنعت بنفسي مُطهّراً”، موضحة أنها تستخدم لُب الصبّار مع الكحول الطبي، كحل بديل لحماية طفلتيها من العدوى.

وقبل انتشار الوباء، كان بإمكان أكيفا أن تحصل على المياه من الجيران والأصدقاء بحيث يكون بمقدور طفلتيها الاستحمام.

وتقول “كنت أحممهما كل يومين، أو أمسح جسميهما بإسفنجة توفيراً للمياه”، وتضيف “الأمر محزن”.

أما الآن، مع فرض التباعد الاجتماعي، أصبحت زيارة الجيران ذاتها صعبة. وهذا ليس الأمر الوحيد الذي زاد من الصعوبات التي يعانيها من يعيشون بدون مياه في هذا الوقت العصيب.

“معظم الناس الذين قطعت المياه عن بيوتهم يبدون مثلي ومثلك”، بحسب روزلين بوير، وهي راعية كنيسة.

وتضيف بوير “عادة ما يذهبون إلى العمل يوميا، كما يذهب أطفالهم إلى المدرسة، وهذا يتيح لهم استخدام المراحيض خارج المنزل، وكذلك شرب الماء، كما يمكنهم غسل أيديهم”.

وتتابع “الآن بسبب العزل الصحي، أصبح الناس محبوسين في منازلهم بدون مياه، لذلك لا يمكنهم استخدام المرحاض كما كانوا يفعلون عندما يخرجون من البيت، وبات عليهم أن يرموا فضلاتهم في القمامة”.

وبوير مديرة لجمعية خيرية “برايتمور كونكشن فوود بانتري” في ديترويت، والتي توزع الطعام على المحتاجين. لكن خلال السنوات الأخيرة أصبحت الجمعية تركز بشكل كبير على توصيل المياه إلى المنازل التي قطعت عنها.

وانقطاع المياه ظاهرة عامة على مستوى الولايات المتحدة، حيث يُقدّر عدد الأسر المهددة بقطع المياه عن منازلها سنويا بنحو 15 مليونا. وبالرغم من هذا، استقطبت ديترويت الاهتمام بسبب العدد الكبير من حالات انقطاع المياه عن المنازل.

وبالرغم من ارتفاع مستويات الفقر والبطالة في ديترويت، إلا أن أسعار فواتير المياه تعد باهظة نسبيا.

“الفئة الأكثر معاناة من قطع المياه هي النساء السود. النساء ذوات البشرة الملونة اللاتي لديهن أطفال”، بحسب بوير التي توضح أن التأثير الهائل لانقطاع المياه لا يقتصر على النظافة والصحة، وإنما يشمل أيضأً كرامة المتضررين.

وتضيف “أعرف سيدة من الذين قطعت عنهم المياه، تعيش مع أولادها وأحفادها، إنهم 11 شخصاً يعيشون تحت سقف واحد بدون مياه جارية”.

“اتصلت بي لتخبرني أن ابنتها أظهرت كافة الأعراض (لفيروس كورونا)، لذلك لا يمكنها المجيء لأخذ المياه، لكنها أيضاً لا تريدني أن أوصل لها المياه بنفسي لأنها محرجة من سوء الرائحة المنبعثة من منزلها”.

وتضيف أن أكبر أعداد الإصابات بفيروس كورونا في ديترويت تتركز في المناطق التي يوجد بها أكبر عدد من الأسر التي قُطعت عنها المياه.

وحتى خلال الأسبوع المنصرم، كانت بوير والمتطوعون الذين يساعدونها يعملون بجد لتحميل سيارات بالمياه وإيصالها للذين مازالوا يعيشون بدون مياه جارية في بيوتهم.

ويأتي هذا بعد عدة أسابيع من تعهد بلدية ديترويت بإعادة توصيل المياه إلى كل البيوت خلال أزمة كوفيد-19.

ويقول رئيس قسم إدارة المياه في المدينة، غاري براون، إنهم حددوا آلاف الأسر التي تحتاج إلى إعادة توصيل المياه.

وأضاف “كل شخص في مدينة ديترويت لديه الإمكانية لكي يحافظ على وجود المياه الجارية في منزله، ولكن عليهم أن يطلبوا المساعدة، ويكونوا راغبين في المشاركة”. وتابع قائلاً إن إدارة المدينة تعمل على تشجيع الناس على التقدم والإفصاح عن حاجتهم، إن كانوا من المتضررين.

وعندما سُئل عن الجانب الأخلاقي في قطع المياه عن أي شخص في المقام الأول، وهو أمر تعتبره الأمم المتحدة حقا أساسيا من حقوق الإنسان، رد براون بأنه على الأقل لم يطرد أحد من بيته في المدينة بسبب عدم دفع الفواتير.

وأوضح قائلاً “في ديترويت، وعلى خلاف بقية المدن الأمريكية، لن يخسر أحد منزله لأنه لم يُسدد فواتير الماء”.

ويضيف براون قائلاً إن “92 في المئة من الناس هنا يسددون فواتيرهم في موعدها، وأنا لا أدعي أن 8 في المئة لا تشكل نسبة كبيرة، إنها تعني أن ما بين 18 و20 ألف شخص هنا يعانون مادياً”.

ولم تقدم العديد من المدن في شتى أنحاء الولايات المتحدة أي وعود بخصوص الالتزام بإعادة توصيل المياه إلى المنازل خلال أزمة فيروس كورونا. بل حتى أن بعض إدارات المياه في تلك المدن لم تتعهد بوقف عمليات فصل المياه عن مزيد من البيوت بسبب عدم السداد.

وذلك يعني أن الكثير من الأمريكيين الأشد فقراً يُتركون بدون مياه، وبالتالي فإنهم غير قادرين على اتباع توجيهات الصحة العامة الرئيسية في هذه الأزمة، وهو ما قد يضعهم تحت رحمة الفيروس.

وقد وعدت إدارة المياه في ديترويت الآن بإعادة توصيل المياه إلى منزل أكيفا، التي اضطرت مؤخراً لاصطحاب طفلتيها والإقامة عند أحد أصدقائها بشكل مؤقت.

عليم مقبول بي بي سي – واشنطن