خلف أبواب العزل… معاناة من نوع آخر
“من شهر ما شفت ولادي” بهذه العبارة بدأت نيرمين (29 عاماً) إحدى الممرضات العاملات بقسم العزل بمشفى الأسد الجامعي حديثها عن معاناتها في ظل عملها خلال فترة انشار فيروس كورونا المستجد، مضيفة أنها أم لولدين رفض كل من حولها أن يبقيهم عنده بسبب عملها بالمشفى فاضطررت أن أرسلهم إلى أهلي بالضيعة.
تتابع نيرمين حديثها لسناك سوري بدموع تغطت بنظارات الوقاية، ووجه تغلب عليه التعب وصوت منخفض ” اشتقت للولاد”.
يعيش العاملون في القطاع الصحي ممن يتعاملون مع حالات الاشتباه أو الإصابة بالكورونا عزلة شبه كاملة عن المحيط غير المرتبط بالعمل الطبي، يقضون وقتهم في أعمالهم الطبية يتابعون الحالات المصابة، يجرون الفحوصات والتحاليل للمشتبه بهم وينام معظمهم في المستشفيات بعيداً عن أسرهم وأطفالهم.
نيروز (25 سنة) وهي ممرضة بالقسم ذاته، حدثتّنا عن الصراع الذي عاشته بداية الجائحة، بين واجبها بتقديم دورها، وبين الضغط الاجتماعي والخوف على من حولها، قائلةً «كان الخوف على أهلي أولاً وعلى أخي الصغير ثانياً، الذي حاولت الابتعاد عنه في هذه الفترة».
تقول المصادر الحكومية أن الكوادر الطبية استطاعت تجنب العدوى بالفيروس، وهم يعملون بأعلى درجات الحيطة والحذر، لقد تعلموا الدرس من تجارب دول أخرى كان هناك فيها قلة حذر مثل إيطاليا التي شهدت نسبة إصابات عالية بين الكوادر مما أثر على تعاملها مع خطر الفيروس وساهم في تفاقم عدد الإصابات.
بعيداً عن معاناتهم الشخصية والعاطفية وحاجتهم الاجتماعية والنفسية لأسرهم وأطفالهم وحاجة أطفالهم لهم، فهم يعانون من صعوبات في التعامل مع ذوي المرضى والحالات المشتبه بها، هذه المشكلة بدت واضحة في حديث معظم من التقيناهم خلال زيارة مشفى الأسد حيث يقول العاملون هناك إن نسبة كبيرة من ذوي الحالات المصابة لا يقدرون خطورة الوضع ويريدون الاحتكاك المباشر معنا وحتى رؤية ذويهم أحياناً.
لم يعد بالخفي على أحد أن العمل ضمن الكادر الطبي هو الأخطر الآن، خلف باب كتب عليه ممنوع الدخول “غرف عزل”، يوجد عشرات الجنود يقاومون فايروس كورونا المستجد (بطقم وقاية، وكفوف، وكمامة)، عشرات الأسئلة تخطر لبالك عند سماع خبر عن حالة جديدة، ولكن للكوادر الطبية أسئلة ومعاناة أخرى.
سناك سوري
اقرأ أيضا: الأمن الجنائي: وفاة الرجل الستيني ناتجة عن جلطة قلبية و ليس كورونا
شاركنا تعليقك على هذه المقالة في صفحتنا على موقع فيسبوك