فيروس كورونا: الطواقم الطبية في المكسيك تواجه اعتداءات عنيفة بسبب الوباء
تقول ممرضة مكسيكية تدعى ليغيا كانتون إنها على مدار 40 عاما من العمل، لم تشهد على الإطلاق رد فعل ضار كهذا يستهدف العاملين في فرق الرعاية الصحية.
وعلى الرغم من الإشادة التي يحظى بها الأطباء وفرق التمريض في العديد من دول العالم بسبب عملهم في الصفوف الأمامية لمكافحة فيروس كورونا، تعرض العشرات من العاملين في الرعاية الصحية في المكسيك لاعتداءات.
تقول ليغيا، البالغة من العمر 59 عاما، إنها عملت خلال تفشي وباء إنفلونزا الخنازير عام 2009، وتفشي الكوليرا عام 2013، لكن بعض الناس “يتصرفون بطريقة نفسية كرد فعل على هذا الفيروس. إنه شيء مروع”.
وكانت ليغيا قد تعرضت لاعتداء في الثامن من أبريل/ نيسان بعد مغادرتها نوبة عمل في مسقط رأسها بمدينة ميريدا، بولاية يوكاتان، إذ تعقبها شخص وألقى على ظهرها قهوة ساخنة، وصرخ من نافذة سيارته وقال “مصابة” ثم أسرع بالفرار.
وتقول إنها لحسن الحظ لم تصب بأي جروح بالغة، لكنها تدرك أن الوضع كان من الممكن أن يكون أسوأ.
فيروس كورونا: رسائل وصور مؤثرة من الأطباء حول العالم
وتقول الحكومة المكسيكية إنه حتى 28 أبريل/نيسان، وقع نحو 47 حادثة اعتداء استهدفت عاملين في الرعاية الصحية، لا سيما فرق التمريض، في البلاد.
وتدرك السلطات أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى، وتتحدث تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي عن تمييز متفاوت بين ممرضات امتنعن عن ركوب الحافلات إلى أطباء تعرضوا لاعتداءات على يد أقارب مرضى فيروس كورونا.
وتقول ليغيا: “أحزنني رؤية الناس يعتدون علينا، هذا يؤلمني أكثر، إنه ضرر نفسي”.
تعرضت ألوندرا توريس، أخصائية أنف وأذن وحنجرة، لاعتداء بالقاء مادة تبييض مخففة عليها في 13 أبريل/نيسان أثناء تمشية كلابها في مدينة غوادالاخارا، وعلى الرغم من أنها لا تتعامل مع مرضى فيروس كورونا في عيادتها، إلا أنها مقتنعة بأن زيها المهني جعلها هدفا.
وتقول ألوندرا، التي عانت بسبب ذلك من التهاب الملتحمة والتهاب جلد متصل على رقبتها وكتفها، إنها تشعر “بخيبة أمل” لأن بعض الناس يعتقدون أنها بحاجة إلى الاستحمام بالمبيض.
وتضيف: “كانت عيني تلهبني كثيرا، ولم أستطع الرؤية جيدا”.
ولم يكن الأطباء والممرضات وحدهم أهداف الصفوف الأمامية.
تعرض دانيال، (اسم مستعار)، لاعتداء عنيف من جانب مجموعة ركاب أثناء نزوله من حافلة على مقربة من مستشفى غوادالاخارا حيث يعمل بالتنظيف.
ويقول: “لاحظت عندما ركبت الحافلة أن ثلاثة أشخاص أصبحوا عدوانيين، واستمروا في تكرار كلمة ‘قذر ‘، كرروها كثيرا وهم يوجهون لي الضربات، حتى شعرت أن الأمر لن ينته على الإطلاق”.
تسبب الحادث في إصابته بكدمات في رأسه ووجهه، وتعتقد الشرطة أن الهجوم حدث بسبب ارتداء دانيال زي عامل نظافة بالمستشفى.
شعرت الممرضة ميلودي رودريغيز، البالغة من العمر 25 عاما، بأنها مضطرة إلى ترك منزلها في الوقت الراهن.
كانت ميلودي عائدة في أحد الأيام إلى قريتها لو دي ماركوس، في ولاية ناياريت، في الثامن من أبريل/نيسان، عندما اعترضت طريقها مجموعة من السكان.
تقول ميلودي: “قالوا إنني إذا دخلت القرية لن يُسمح لي بمغادرتها مرة أخرى، وقالوا إنه من الأفضل ألا أدخل على الإطلاق لأنني جئت من مصدر للعدوى”.
استطاع زميل لها تصوير الحادثة، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتدخلت سلطات البلدية لضمان وصول ميلودي إلى منزلها بسلام، لكنها اختارت جمع بعض ممتلكاتها واستأجرت غرفة في مدينة أخرى.
كانت خائفة جدا من العودة إلى منزلها.
وتقول: “تزعجني حقيقة أنني اضطررت إلى الخروج، والطريقة التي كان لزاما عليّ أن أخرج بها. لا زلت أشعر بالأسى لأنهم جعلوني أشعر حقا كما لو كنت مصابة بالطاعون.”
وقال الرئيس المكسيكي، أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، قبل بضعة أسابيع: “هذا تمييز، إنه أمر فظيع، نحن نقدم دعمنا لجميع العاملين في قطاع الرعاية الصحية، جميعهم، إنهم أبطالنا وبطلاتنا”.
ونشرت الحكومة بعد ذلك أفرادا من قوات الحرس الوطني في المستشفيات، بينما أتاحت بعض الولايات وسائل نقل خاصة للطواقم الطبية، وحتى توفير غرف فندقية تفاديا لتنقلاتهم الطويلة أثناء عودتهم إلى المنزل.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن نحو 38 في المئة من العاملين في الرعاية الصحية يعانون من العنف الجسدي في مرحلة ما من حياتهم المهنية، ولكن يبدو أن وباء فيروس كورونا فاقم هذا التهديد في المكسيك.
ويعتقد خبراء أن الاعتداءات تعكس مشاعر متضاربة بين الناس بشأن ما يمثله العاملون في الرعاية الصحية في بلد سجل 40186 حالة إصابة، و4220 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا حتى 13 مايو/أيار.
وتقول ماريا ديل كارمن مونتنيغرو، بكلية علم النفس بجامعة ناسيونال أوتونوما دي مكسيكو: “إنهم (العاملون في مجال الرعاية الصحية) يمثلون رمزا للمرض نفسه والشفاء”.
وتضيف إنه على عكس الأحداث المؤلمة الأخرى، يصعب الهروب من الفيروس، “وهذا يولّد مزيدا من الخوف”.
وتوافق ألوندرا، الطبيبة التي تعرضت لإلقاء المبيّض، على أن الاعتداءات مدفوعة “بمزيج من الجهل والخوف”.
وتقول: “ماذا لو (تضمن الهجوم) حِمضا في المرة القادمة؟”
بيد أنها عازمة على مواصلة عملها، وقد عادت إلى عيادتها بعد أيام قليلة من الاعتداء.
تقول ألوندرا: “هذا لن يجعلني أشك في عملي أو مهنتي أو أحلامي ومواصلة مساعدة الناس”.
كما تؤكد ليغيا أنها ستواصل ممارسة عملها.
وتقول: “بلدي وشعبي يحتاجون إليّ وسأقدم كل ما عندي”.
ويقول العاملون في الرعاية الصحية في المكسيك إنهم لا ينتظرون التصفيق، بل مجرد الاحترام.
وتضيف ميلودي: “لسنا بحاجة إلى إشادة، دعونا فقط نؤدي عملنا، نحن نعمل هنا من أجلكم”.
ماركوس غونزاليس دياس بی بی سی