الأربعاء , نوفمبر 27 2024
الملكة فيكتوريا من نسلها.. قصة الأسرة الألمانية

الملكة فيكتوريا من نسلها.. قصة الأسرة الألمانية التي حكمت بريطانيا 200 عام

الملكة فيكتوريا من نسلها.. قصة الأسرة الألمانية التي حكمت بريطانيا 200 عام

في بداية القرن الـ18 جلس ملك ألماني لا يجيد الإنجليزية على كرسي العرش البريطاني، وخلَفه أبناء بيت هانوفر الألماني لنحو 200 عام، قبل أن ينتقل الحكم إلى بيت ساكس – كوبورج وجوتا – الذي أصبح يسمى لاحقًا بيت وندسور، وهو الاسم الذي تستخدمه الملكة إليزابيث الثانية وغيرها من أفراد العائلة المالكة البريطانية منذ عام 1917.

ما هي قصة أولئك الملوك والملكات الألمان لبريطانيا؟ وكيف وصلوا للحكم دون حروب أو غزو؟ هذا ما تحكيه لنا السطور التالية.

ملوك من البروتستانت فقط.. كيف ورث بيت هانوفر الألماني عرش بريطانيا؟

في عام 1689 كانت الخلافة البروتستانتية التي يقرها الدستور البريطاني في ذلك الوقت مهددة، خاصًة عندما توفت الملكة «ماري» في ديسمبر (كانون الأول) 1694 دون ترك أي أطفال، وازداد القلق بشدّة عندما توفي دوق غلوستر، الطفل الوحيد الباقي للأميرة «آن» وريثة العرش بعد وفاة الملكة «ماري» وزوجها عن عمر 11 عامًا في يوليو (تموز) 1700.

في يونيو (حزيران) 1701 أمل البرلمان في حلّ هذه المشكلة عن طريق تمرير «قانون التسوية»، الذي أكدّ على أنه لا يمكن لأي كاثوليكي، أو شخص لديه زوج كاثوليكي، أن يجلس على العرش، كما نصّ القانون على أنه للحفاظ على الخلافة البروتستانتية في حالة عدم وجود أي من الأطفال، فإن التاج سيُمرر عند وفاة آن إلى أقرب علاقة لها شريطة أن تكون بروتستانتية.

كانت هذه هي صوفيا المتزوجة من بيت هانوفر الألماني، وهي حفيدة الملك البريطاني جيمس الأول من ابنته إليزابيث. على الرغم من وجود ما لا يقل عن 50 من الأقارب الكاثوليك الذين كانت مطالباتهم وأحقيتهم بالعرش أقوى من صوفيا.

توفيت صوفيا قبل شهرين من وفاة آن، لكن بحكم قانون التسوية كان العرش من حق ورثة صوفيا من البروتستانت، وهو ما مكّن ابنها، الملك جورج الأول، من تولي العرش البريطاني بعد وفاة آن في عام 1714، وحكم أحفاده، بما في ذلك الملكة الحالية، بريطانيا منذ ذلك الحين.

6 ملوك من بيت هانوفر جلسوا على العرش البريطاني

جاء «الهانوفريون» إلى السلطة في ظروف صعبة وصلت إلى حد تقويض استقرار المجتمع البريطاني، لكن بالرغم من ذلك كانت فترة حكم بيت هانوفر مستقرة بشكل ملحوظ، على الأقل بسبب طول عمر ملوكها. الذين تولوا العرش البريطاني منذ عام 1714 وحتى عام 1901.

شهدت هذه الفترة استقرارًا سياسيًا، وجرى تطوير الملكية الدستورية. ويرجع تاريخ أول رئيس وزراء في بريطانيا، روبرت والبول، إلى هذه الفترة، وجاء فرض ضريبة الدخل للمرة الأولى في نهاية فترة «هانوفر».

في هذه الفترة أيضًا استحوذت بريطانيا على جزء كبير من إمبراطوريتها في الخارج، على الرغم من خسارة المستعمرات الأمريكية، بسبب الغزو الأجنبي في الحروب المختلفة. لكن بحلول نهاية فترة حكم بيت هانوفر، كانت الإمبراطورية البريطانية قد غطت نحو ثلث الكرة الأرضية.

قبل أن ينتقل الحكم إلى بيت آخر، حكم بريطانيا خمسة ملوك وملكة من بيت هانوفر، نسرد فيما يلي فترات حكمهم وما حدث فيها.

جورج الأول.. ملك بريطانيا الذي لا يجيد الإنجليزية

كان جورج الأول أول ملك من بيت هانوفر لبريطانيا العظمى، وحكم حتى عام 1727. لم يكن جورج الأول شخصية مشهورة في مملكته الجديدة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى حقيقة أن الملك الجديد لا يستطيع التحدث باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى الشائعات المُتعلقة بمعاملته الرهيبة لزوجته وابنة عمه، والتي كانت تُدّعى صوفيا أيضًا، والتي أنجب منها طفلين. وطلّقها بعد عقد من الزمان بسبب خيانة مزعومة وسجنها في قلعة حتى وفاتها في عام 1726.

في العام التالي من توليّه الحكم واجه جورج تمردًا من قبل «اليعاقبة»، أنصار الكاثوليكي جيمس ستيوارت، الذين كان لديهم أحقية في العرش. تركّز التمرد بشكل رئيس في أسكتلندا، وقُمع بحلول نهاية العام.

في عام 1720، حدثت أزمة اقتصادية نجمت عن انهيار شركة بحر الجنوب، ذات الاستثمار الحكومي الكثيف، بالإضافة إلى استثمارات ملكية وأرستقراطية ضخمة.

أدّت الأزمة الاقتصادية إلى تراجع شعبية الملك ووزرائه بشكل كبير. وأصبح روبرت والبول هو أهم شخصية في الإدارة، والذي أصبح رئيسًا للوزراء، وتزامن صعوده مع تراجع القوة السياسية للملكية، وأصبح الملك جورج أقل مشاركة في الحكومة حتى توفي في 11 يونيو 1727، وخلفه ابنه.

جورج الثاني والصراع مع «اليعاقبة»

عزز جورج الثاني موقفه من خلال تأمين قائمة مدنية بدلًا عن البرلمان بقيمة 800 ألف جنيه إسترليني، كما حصل والبول على اعتراف بشرعية جورج من العديد من المحافظين المؤثرين الذين دعموا ادعاء ستيوارت المنفي بأحقيته بالعرش الإنجليزي.

لخلافات مع الملك استقال والبول، الذي سيطر على الحكومة منذ عام 1721، وسرعان ما وجد جورج مرشدًا آخرًا، لكن والبول لم يختفِ من المشهد، ففي عام 1745 بدأ «اليعاقبة»، الذين أرادوا استعادة كرسي العرش البريطاني، انتفاضة.

على الرغم من أن «اليعاقبة» قد حققوا بعض النجاح الأولي، إلا أنهم هُزموا في نهاية المطاف بفضل والبول، وكانت هذه نهاية تهديدهم لبيت هانوفر.

توفي الملك جورج الثاني في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 1760. تاركًا العرش لحفيده جورج الثالث.

جورج الثالث.. عصر الانتصارات الخارجية

على عكس سلفيه، وُلد جورج الثالث في بريطانيا، واستخدم الإنجليزية كلغته الأولى. في عهد جورج الثالث المُبكر، عانت المملكة من عدم الاستقرار السياسي والصعوبات المالية، لكن على الصعيد الخارجي، كانت بريطانيا تتمتع بنجاح كبير، وأصبح البريطانيون القوة الأوروبية المُهيمنة في أمريكا الشمالية والهند.

إلى أن نشأت مشكلة أخرى، وهي خلاف حكومة الشمال مع المستعمرين الأمريكيين بشأن قضية محاولة بريطانيا فرض ضرائب عليهم. ونتيجة لذلك اندلعت الحرب في عام 1775.

في عام 1779 أصرّ جورج الثالث على إطالة الحرب في المستعمرات الأمريكية؛ وذلك لتجنب اندلاع تمرد مماثل في مكان آخر في الإمبراطورية. وعندما هُزم البريطانيون عام 1781 أُجبرت حكومة الشمال على الاستقالة.

حدثان بارزان آخران حدثا في عهد جورج الثالث هما الثورة الفرنسية وصعود فرنسا النابليونية. في كلتا المناسبتين جُرَّت بريطانيا إلى المزيد من الحروب.

جورج الرابع.. الراعي السخي للفنون

كان جورج الرابع سيئ السمعة بسبب أسلوب حياته بالغ الترف؛ مما دفع والده إلى مُعاملته بازدراء. وقد وافق على الزواج من ابنة عمه، كارولين، من أجل حث البرلمان البريطاني على دفع ديونه.

على الجانب الإيجابي، كان جورج الرابع راعيًا سخيًا للفنون. فقد تلقى المهندس المعماري «جون ناش» رعاية الملك، ولا يزال من الممكن رؤية العديد من أعماله حتى اليوم. والتي تشمل قوس الرخام، وشارع ريجنت، والجناح الملكي.

لم يترك جورج الرابع وريثًا. فانتقل العرش إلى شقيقه، ويليام الرابع، الذي كان عمره 65 عامًا في ذلك الوقت.

ويليام الرابع: ملك البحار

حكم ويليام الرابع لمدة سبع سنوات، وكان الحدث الأبرز في عهده هو تمرير قانون «الإصلاح» عام 1832. عارض الملك الإصلاح البرلماني، لكنه اضطر لقبول القانون. فقد كان القانون يُقلل من سلطة الملك على الحكومة.

ومنذ أن خدم ويليام الرابع في البحرية الملكية خلال شبابه، كان يُعرف باسم «ملك البحار».

توفي ويليام الرابع عام 1837. وبحلول ذلك الوقت، مات جميع أطفاله الشرعيين، بينما لم يكن يحق لأبنائه غير الشرعيين أن يخلفوه. لذلك انتقل العرش إلى ابنة أخته، فيكتوريا.

على الرغم من أن فيكتوريا كانت ملكة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا، إلا أنها بخلاف سابقيها، لم ترث عرش هانوفر، الذي حصل على مكانة «المملكة» في عام 1814.

وبما أن خلافة المملكة كانت خاضعة لقانون ساليك، والذي لم يكن يسمح للنساء بالجلوس على عرش هانوفر، أصبح إرنست أوغسطس، الأخ الأكبر لويليام الرابع، ملكًا جديدًا لهانوفر.

فيكتوريا.. أزهى عصور التوسع الاستعماري

حكمت الملكة فيكتوريا لمدة 64 عامًا تقريبًا، وهي ثاني أطول فترة حكم لأي ملك بريطاني، وأطول فترة هي فترة حكم الملكة الحالية، إليزابيث الثانية.

كان يُشار إلى فترة حكم الملكة فيكتوريا باسم «العصر الفيكتوري»، وكانت فترة تغيير كبير ليس فقط في بريطانيا العظمى، ولكن أيضًا في الإمبراطورية البريطانية.

على سبيل المثال بدأت الثورة الصناعية الثانية خلال فترة حكمها. شهد عهد فيكتوريا أيضًا توسعًا كبيرًا للإمبراطورية البريطانية. دخلت الهند، التي كانت تحكمها شركة الهند الشرقية، تحت حكم التاج البريطاني عام 1858، واعتمدت فيكتوريا لقب «إمبراطورة الهند» عام 1876.

انتهاء فترة حكم بيت هانوفر

كانت فيكتوريا آخر حاكم بريطاني من بيت هانوفر. عندما توفيت في عام 1901، خلفها ابنها إدوارد السابع، الذي كان ينتمي إلى بيت ساكس – كوبورج وجوتا. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن والد إدوارد السابع، زوج فيكتوريا، الأمير ألبرت، كان ينتمي إلى تلك الأسرة الحاكمة، وبعد وفاة فيكتوريا، ورث كرسي العرش البريطاني ابنه جورج الخامس، والذي قام بتغيير لقب العائلة إلى وندسور.

يعود سبب تغيير الاسم إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى في أغسطس (آب) 1914، والتي خاضت خلالها بريطانيا حربًا مع ألمانيا. فأصبح أي شيء ألماني له دلالة سيئة، بما في ذلك الاسم الألماني «ساكس – كوبورج وجوتا».

لذا ففي 17 يوليو 1917 أعلن الملك البريطاني رسميًا أن جميع أحفاد الملكة فيكتوريا، باستثناء الإناث المُنحدرات من المتزوجات من خارج العائلة، يحملون اسم وندسور.

لعب بيت هانوفر دورًا مهمًا في التاريخ البريطاني. شهد حكم السلالة التي استمرت 200 عام تقريبًا تحول بريطانيا العظمى من قوة مهيمنة في أوروبا إلى قوة عظمى عالمية.

ساسة بوست

اقرا أيضا: جويس عقيقي .. مذيعة إم تي في تنهار على الهواء فماذا أصابها؟