الإثنين , نوفمبر 25 2024
اختفاء 500 طن من حمولة باخرة قمح في مرفأ اللاذقية

اختفاء 500 طن من حمولة باخرة قمح في مرفأ اللاذقية

اختفاء 500 طن من حمولة باخرة قمح في مرفأ اللاذقية

اتهامات بالسرقة لكميات كبيرة من مادة القمح المورد تتقاذفها الأطراف المعنية: “الناقل والوكيل البحري والمورد”، حيث تتعرّض بعض البواخر المحمّلة بالقمح المورد ضمن مرفأ التفريغ في اللاذقية إلى سرقة مئات الأطنان، والمستغرب في الموضوع هو توقيت هذه السرقات مع ظهور معاناة البلد لجهة تأمين القمح،

بالتأكيد هذا يدلل على أن السرقة بهذا التوقيت مفتعلة ومنظمة ومنسقة ومخطط لها بين عدة جهات، وليست عملاً بريئاً كما يدعي البعض، وبحسب شهادات أهل الكار فإن النقص يمكن أن يحصل لكميات لا تتجاوز 1% من نسب التحميل، وأنه لا يمكن أن يصل النقص إلى حدود 500 طن إلا في حالات السرقة.

خلل

وفي حيثيات ما أشرنا إليه أكد مدير عام مؤسسة النقل البحري المهندس حسن محلا تعرض الباخرة “سورية” إلى نقص واضح في حمولتها بتاريخ 22 تشرين الثاني، موجهاً أصابع الاتهام إلى كل من “المورد” لصالح المؤسسة السورية للحبوب، و”الوكيل البحري” المكلف بتسيير أمور الباخرة لدى عملية التفريغ.

وتؤكد الوثائق الصادرة عن وزارة النقل التي تم الحصول على نسخ منها أن الباخرة “سورية” التابعة لمؤسسة النقل البحري قد باشرت بالفعل بتاريخ 22 من الشهر الفائت بإفراغ حمولتها من مادة القمح البالغة 11.499 ألف طن، وتم سحب كمية 7.853 ألف طن من حمولة الباخرة مباشرة، وذلك عبر عنابر الباخرة إلى السيارات الشاحنة،

كما تم سحب كمية 3.155 ألف طن عبر القطار من حمولة الباخرة أيضاً، وبالتالي فإن إجمالي النقص الحاصل يصل إلى حدود 490 طناً، ويشير محضر الضبط رقم 29 الصادر عن إحدى الجهات البحرية أن عملية التفريغ تمت بحضور الوكيل البحري وأصحاب العلاقة، وأن الخلل يمكن أن يكون في عملية التفريغ للسيارات الشاحنة.

احتيال وسرقة

تشير إحدى المذكرات المرفوعة إلى رئاسة الحكومة إلى أن هناك ارتفاع بنسبة النقص بمادة القمح الموردة على متن الباخرة “سورية”، وأن المشكلة تكمن في مرفأ التفريغ في اللاذقية.

وفي هذا السياق يكشف أحد المهندسين العاملين في إحدى الوكالات البحرية الخاصة مدى قدرة العنصر البشري على التلاعب في القبان الالكتروني القائم في المرفأ، وطرق وأساليب التلاعب بأوزان السيارات المحمّلة بالبضائع الدوكمة التي لا تخلو من الاحتيال والسرقة،

ومنها إعادة السيارات من القبان إلى الباخرة بحجة وجود نقص في البضاعة عن الحمولة المحورية للسيارة، علماً أنه تم تقبينها ولا يوجد نقص، لكنها حجة لسرقة البضاعة، إلى جانب التلاعب بتوازن السيارات ووضعية دواليبها عند عملية الوزن أو التقبين، حيث لكل وضعية دواليب بوزن معين، وذلك عند وقوف السيارة على القبان،

إضافة إلى تبديل نمرة السيارة، بحيث تقوم سيارة واحدة بالتقبين وتوضع نمرة هذه السيارة على سيارات أخرى من النوع نفسه كسيارات الشركات الخاصة وهي غير موزونة وتخرج بأوزان كما يريدون ولكن بنمرة السيارة الموزونة، فضلاً عن عملية التفريغ اليدوي للبضاعة من سيارة غير موزونة إلى سيارة موزونة وخروجها ببضاعة إضافية،

ناهيك عن عودة بعض السيارات إلى التحميل باليوم نفسه وبالأوزان نفسها وكرت القبان، أي سرقة حمولة السيارة كاملة، موضحاً أن جميع هذه الحالات تتم بالتنسيق المباشر مع بعض المشرفين ضعفاء النفوس.

إحالة

ولمعرفة حقيقة ما تم ذكره حاولت “البعث” التواصل مع وزير النقل المهندس زهير خزيم الذي فضّل إحالة أسئلتنا إلى المعاون لشؤون النقل البحري وذلك بتاريخ 29 من الشهر الفائت، ولغاية تاريخه لم يصلنا أي توضيح من الوزارة،

في الوقت الذي أكد مدير عام الشركة العامة لمرفأ اللاذقية أمجد سريع سليمان أن جميع السيارات الشاحنة الداخلة إلى المرفأ تخضع للقبان، والمرفأ يمتلك قباناً الكترونياً يصعب اختراقه، وأن الحادثة المذكورة يجب التدقيق بها وهي قيد اهتمام ومتابعة من قبل الجهات المعنية.

حقوق محفوظة

مدير التجارة الخارجية في المؤسسة السورية للحبوب المهندس نذير ضبيان أكد أنه في حال وجود نقص في كميات القمح الموردة خارج حدود التسامح المتفق عليها بين المؤسسة والمورد، والبالغة عشرة بالألف، يتم تغريم المورد أو إيجاد تسوية تضمن للمؤسسة حقوقها،

مشيراً لـ “البعث” إلى أن أغلبية الشركات الناقلة والموردة للقمح تشكو من الصعوبات التي تعترض عملها أثناء عملية تفريغ البواخر في مرفأ اللاذقية من خلال ارتفاع نسب النقص عن الحدود المتسامح بها، رغم اتخاذهم كافة الإجراءات المتبعة، وأن هذا الأمر يكبدهم نفقات إضافية وخسائر تقدر بملايين الليرات، وبطبيعة الحال فإن هذا النقص الكبير يجعل الشركات الوطنية الخاصة تعزف عن الدخول في مناقصات المؤسسة،

مبيّناً أنه تم العمل بنسبة التسامح 1% منذ بداية العام الحالي بعد أن كانت 1.5%، وأن غالبية التوريدات لهذا العام تعرّضت للنقص أثناء التفريغ، ولكن ضمن نسب التسامح المعمول بها، ومنها باخرة نانالين بحمولة تقدر بـ 26.500، حيث حدد النقص بـ 13 طناً، فيما وصلت حمولة طه واي لـ 27.500، والنقص 70 طناً، وحمولة غرين غلوري 21.800، في حين يصل النقص إلى 136 طناً، وحمولة نيوسهام 30.400، حيث النقص 126.420 طناً.

لجنة للكشف

وبحسب المعلومات المتوفرة لدينا فإن الملف أصبح بعهدة رئاسة الحكومة التي باشرت بتشكيل لجنة مؤلفة من عدة جهات، منها وزارة النقل، والتجارة الداخلية وحماية المستهلك، والمالية، مهمتها الكشف على الواقع الحالي للتوريدات القمحية، إلى جانب توصيف الصعوبات التي تعترض البواخر الناقلة للقمح أثناء عملية التفريغ في مرفأ اللاذقية،

إضافة إلى إعادة معايرة القبان الالكتروني الموجود في المرفأ، والكشف العملي عليه لجهة دقته، وتشير المعلومات إلى أن رئاسة الحكومة كلّفت وزارتي المالية والنقل بالتنسيق مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالسرعة الكلية لمتابعة واقع التفريغ في مرفأ اللاذقية، وإيجاد الحلول اللازمة لضبط النقص الحاصل في كميات القمح الواردة على البواخر.

يذكر أنه منذ أشهر واللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء تتابع بدقة واقع المخازين القمحية، إلى جانب متابعة برنامج التوريدات لهذه المادة، وذلك بموجب العقود المبرمة مع الشركات المستمرة بالتوريد، سواء أكانت الشركات الوطنية أم الشركات الروسية التي استمرت في تنفيذ عقودها.

البعث