الثلاثاء , نوفمبر 26 2024

ما مصير الجولة المقبلة للجنة الدستورية السورية بعد وقف الدعم السعودي؟

ما مصير الجولة المقبلة للجنة الدستورية السورية بعد وقف الدعم السعودي؟

قبل أيام من انطلاق جولة المفاوضات الخامسة للجان كتابة الدستور السوري، خفتت الأصوات المتفائلة بتحقيق اختراق حقيقي بين الحكومة والمعارضة في ظل الكثير من المتغيرات التي طرأت على الساحة.

وقال المبعوث الأممي للأزمة السورية، غير بيدرسون، إن العملية السياسية لم تسفر بعد عن تغييرات حقيقية في الحياة اليومية للسوريين، ولم تسهم في تحديد رؤية حقيقية للمستقبل.

وضربت الخلافات جانب المعارضة السورية، وذلك بعد تعليق السعودية عمل موظفي هيئة التفاوض السورية في الرياض بدءا من نهاية الشهر الجاري.

وأوضح المبعوث الأممي، أنه لا توجد محادثات سياسية بين السوريين، إلا من خلال المسار الدستوري، وتبدو الانتخابات الحرة والنزيهة التي تُجري وفق دستور جديد، تحت إشراف الأمم المتحدة، والمنصوص عليها في القرار 2254، بعيدة في المستقبل.

وحسب كتاب وجهته وزارة الخارجية السعودية إلى “هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية”، فإن القرار يأتي “على ضوء استمرار تعطيل أعمال هيئة التفاوض السورية، فقد تقرر تعليق عمل موظفي الهيئة مع نهاية الشهر الجاري” وأوضحت الوزارة أن ذلك “لحين استئناف الهيئة أعمالها”.

وطفت خلافات حادة على السطح مؤخرا بين مكونات الهيئة التي تخوض مفاوضات منذ أشهر مع حكومة دمشق حول صياغة دستور جديد للبلاد.

وتجلت الخلافات بالرسالة التي بعثتها “هيئة التنسيق الوطنية”، ومنصتا موسكو والقاهرة إلى المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون.

وحثت الرسالة بيدرسون على “التدخل السريع” لحل الخلافات داخل الهيئة، والحفاظ على “اللجنة الدستورية”.

وكان ممثلون عن منصتي موسكو والقاهرة عقدوا اجتماعا قبل يومين مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وذكرت صحيفة “قاسيون” التي يصدرها حزب الإرادة الشعبية، أن ممثلي المعارضة عرضوا “وضع اللجنة الدستورية الراهن، وكذلك الوضع ضمن هيئة التفاوض السورية “ومحاولات بعض الأطراف تعطيل عملها عبر ممارسة عقلية الحزب القائد ضمنها”.

وقال المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي، إن الهيئة “بغالبيتها متماسكة” وأعرب عن أمله في ألا يؤثر القرار السعودي الأخير عليها.

وأكد العريضي في تصريح لـ “روسيا اليوم” أنه من المعروف أن الهيئة لم تجتمع خلال عام، وكان لديها موظفون متعاقدون لمتابعة الاتصالات أو التقارير الإعلامية، وما فعلته السعودية هو أن “تعاقد هؤلاء أُنهي في المقر”، وأشار إلى أن الرياض “حثت الهيئة على أن تكون متجانسة”.

وحول الخلافات داخل الهيئة قال العريضي إن الخلل بدأ نهاية عام 2019 إثر اجتماع في الرياض لما سمي بالمستقلين الجدد. وأضاف أن أفرادا من منصات القاهرة وموسكو وهيئة التنسيق هم من دعوا للاجتماع، بمشاركة “أشخاص محددين من الائتلاف”.

ويقول العريضي إن ذلك الاجتماع الذي يصفه بأنه “مخالف لنظام الهيئة الداخلي” كان “الصاعق الذي سيفجر الهيئة وهذا ما نشهد اليوم حصاده”.

تفاؤل محدود

الدكتور أسامة دنورة، الخبير السياسي والاستراتيجي السوري، وعضو الوفد الحكومي السابق المفاوض في جنيف، قال إن:” تصريحات بيدرسون حول الجولة القادمة من محادثات اللجنة الدستورية تشير إلى مساحة محدودة من التفاؤل، دون أن يغلق نافذة الفرص المتمثلة بوجود إمكانية لإيجاد أرضية مشتركة في الجولة الخامسة فيما يتعلق بالمبادئ الأساسية للدستور”.

وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “ما يبدو جلياً لأي مراقب هو أنه توجد اليوم أجواء اقليمية ودولية تلقي بظلالها على إمكانية تحقيق خرق على مسار عمل اللجنة الدستورية في هذه الجولة، فأوساط المعارضة ما بين ائتلاف وهيئة عليا للتفاوض، وسائر الأطر الأخرى، تبدو مضطربة ومأزومة بما يكفي، فمن تقاذف الاتهامات إلى الانشقاقات التي تتبعها تحالفات، وانتهاءً بمواقف الداعمين الإقليميين، تبدو المشاكل ما بين أطراف المعارضة الخارجية أكثر حدةً وعدداً من المشاكل فيما بينها والدولة السورية”.

وتابع: “المشهد يزداد غموضاً بالنسبة لهم في ظل التغيرات الإقليمية والدولية الهامة، فالمعارضة الخارجية التي فشلت في إيجاد أي هامش لاستقلاليتها عن الغرب ووكلائه الإقليميين، تبدو اليوم في حالة توجس وحيرة إزاء استقراء ما هو متوقع من مواقف لإدارة بايدن تجاه تركيا والسعودية وقطر وإيران، وانعكاسات هذه المواقف على خريطة تبعيتهم وولائهم للدول الأكثر نفوذاً في المرحلة القادمة، وإذا ما أضفنا المواقف الأمريكية المحتملة تجاه قسد وأكراد تركيا، فستصبح الصورة معقدة بما يكفي”.

وأكد أن “هذه الصورة المضطربة أدائياً وتكتيكياً واستراتيجياً على حد سواء لدى المعارضات الخارجية يقابلها من الجانب الآخر موقف ثابت ومستقر وواضح لدى الوفد الوطني السوري والدولة السورية، ولكن التوصل إلى أي خرق على مستوى عمل اللجنة الدستورية يحتاج ولو في حدوده الدنيا إلى طرفين على المستوى ذاته من العمل المؤسسي وثبات المرجعية ووضوح الأهداف والمنطلقات”.

خلافات كبيرة

من جانبه، قال المحلل السياسي السوري فريد سعدون، إنه “من المعلوم لدى الكثيرين أن لجان كتابة الدستور لن تنتج شيئًا، حيث من الطبيعي أن يكون هناك اتفاق سياسي وتوافق على الخطوط العريضة لإدارة وشكل الدولة والنظام، عبر مؤتمر دولي، ومن ثم يتم تشكيل لجان كتابة الدستور السوري”.

وأضاف في تصريحات لـ”سبوتنيك”، أن “الآن هناك خلافات كبرى، حيث ما زال النظام يتهم المعارضة بأنهم إرهابيون ولا تزال المعارضة تطالب بإسقاط النظام فكيف يمكن الاتفاق على كتابة الدستور؟”.

وتابع: “يمكن كتابة الدستور في حالة واحدة إذا كانت هناك ضغوطات دولية على الطرفين بحيث لا يمكن لأي طرف الخروج عن عباءة القرارات الدولية، وإلى اليوم ذلك غير ممكن لأن كل طرف يدعمه طرف دولي قوي، وبالتالي هناك نوع من التوزان كل طرف لديه من يدعمه، وبالتي يتمسك بمواقفه”.

وأكد أن “الطرف الأضعف حاليا هو المعارضة، لأن الطرف الرسمي لديه حكومة معترف بها وتتعامل الدول معها، فالدولة السورية تشعر بقوتها وأنها السلطة وتمكنت من استعادة معظم الأراضي السورية وأصبحت تحت سيطرتها، فلا داعي لتقديم تنازلات للمعارضة”.

وأوضح أن: “المعارضة في تراجع الدعم الدولي ليس لديها الأوراق الكافية للضغط على الحكومة لتقبل بالشراكة وتغيير الدستور، وليس لهم أجندات واضحة، وبات واضحا أن السعودية وتركيا على خلاف وخاصة بعد مؤتمر العلا، والاتفاق الخليجي وعودة الأمور إلى طبيعتها بين قطر والإمارات والسعودية ومصر بالتالي تركيا تفقد ورقة أخرى حيث كانت تتلقى الدعم من قطر، والائتلاف كان يتلقى الدعم المادي الكبير”.

وأشار إلى أن: “السعودية ترى أن موقفها أصبح معززا وقويا بالتالي لن تقبل بالهيمنة التركية على المعارضة، التي أصبحت أمام خيار واحد لا غير إما أن تبقى تحت الهيمنة التركية، وإما رفض الهيمنة التركية وتقبل شروط السعودية”.

واستطرد: “السعودية الآن هي الطرف الرابح، في ظل ما تواجهه تركيا من مشكلات كبيرة خاصة مع قطع الدعم القطري المالي، وهو ما سيضطر قيادات من المعارضة ما عدا الإخوان إلى الانسحاب والانضمام للجانب السعودي”.

وبحث ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن هاتفيا مساء أمس الجمعة، التحضيرات الجارية للجلسة القادمة للجنة الدستورية السورية.

وأكدت الخارجية الروسية في بيان لها أن المكالمة التي جرت بمبادرة أممية تناولت بالتفصيل المسائل المتعلقة بتنظيم وعقد الجلسة الخامسة للجنة الدستورية والتي ستستضيفها جنيف في 25-29 يناير الجاري.