الثلاثاء , نوفمبر 26 2024

لماذا لا يريد الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالانتخابات الرئاسية السورية؟

لماذا لا يريد الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالانتخابات الرئاسية السورية؟

في الوقت الذي تستعد فيه سوريا لإجراء انتخابات رئاسية، أعلن الاتحاد الأوروبي عدم اعترافه بهذه الانتخابات، مهددًا بإعادة فرض عقوبات اقتصادية على دمشق في مايو/ أيار المقبل.

صرح الاتحاد الأوروبي أن لا حل في سوريا إلا عبر الخيار السياسي، مؤكدًا أن العقوبات ضد سوريا مستمرة، قائلاً: “سنجدد العقوبات ضد دمشق في مايو المقبل”.

واعتبر مراقبون أن “التحركات الأوروبية تأتي متماشية مع الاستراتيجية التي تتبعها الإدارة الأمريكية في سوريا، ولا يمكن الخروج عنها”، مؤكدين أن “سوريا ترفض محاولات فرض الهيمنة التي تسعى لها أوروبا”.

تجديد العقوبات

قال ممثل السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد ببيان أن “الصراع السوري لا يزال بعيدا عن الحل. وتابع: “على النظام وحلفائه تنفيذ قرارات مجلس الأمن”.

وبحسب “الشرق الأوسط” اقترحت وثيقة للاتحاد الأوروبي رفض أي انتخابات رئاسية سورية لا تتم بموجب القرار الدولي (2254)، وضرورة قطع الطريق على التطبيع مع دمشق بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية مايو/ أيار المقبل.

في سياق متصل أعلن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، اليوم الاثنين، فرض عقوبات على 6 أشخاص مقربين من الرئيس السوري بشار الأسد، في وقت تحل فيه الذكرى العاشرة لبدء الصراع في سوريا.

وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، يوم الثلاثاء الماضي، أنه لا تراجع عن فرض عقوبات على الحكومة السورية.

وقال بوريل، في كلمة ألقاها خلال الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي لمناقشة الحرب المستمرة في سوريا منذ عشر سنوات “ليس هناك تراجع عن فرض عقوبات على النظام السوري حتى تكون العملية السياسية في طريقها الحقيقي”.

وأضاف بوريل: أن “العملية السياسية للأمم المتحدة التي تدعم إجراء انتخابات ديمقراطية في سوريا أصبحت معلقة بالكامل والنظام السوري لا يتجاوب مع هذه الحلول”.

وأضاف الاتحاد الأوروبي، في شهر كانون الثاني/ يناير، إلى قائمة العقوبات المفروضة على سوريا وزير الخارجية السوري الجديد فيصل المقداد.

ونشرت مجلة الاتحاد الأوروبي وثيقة رسمية تفيد بإضافة اسم وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إلى قائمة العقوبات المفروضة ضد سوريا من قبل الاتحاد.

أهداف أوروبية

الدكتور رامي الخليفة العلي، الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة باريس، قال إن “الاتحاد الأوروبي لا يخرج عن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن الواضح أن أمريكا برئاسة جو بايدن تحاول الضغط على النظام السوري لتحقيق عدة أهداف”.

وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “من ضمن الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية تحقيقها من وراء هذه منع روسيا من الاستفادة الاستراتيجية من تواجدها في سوريا، وجعلها من ضمن قواعد نفوذها”.

وتابع: “وكذلك منع روسيا من إعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد ونظام حكمه، إضافة إلى وقف محاولات روسيا الخاصة بحشد المجتمع الدولي من أجل إعادة إعمار سوريا، لأن ذلك سيصب في نهاية المطاف بمصلحة روسيا”.

وأنهى حديثه قائلًا: “في النهاية الاتحاد الأوروبي لا يخرج عن الخط العام للسياسة الأمريكية، التي تسعى لتحقيق هذه الأهداف”.
محاولة للتقسيم

بدوره قال الدكتور أسامة دنورة، الخبير السياسي والاستراتيجي السوري، إن “حقيقة الموقف الأوروبي تتلخص في أنه لا عودة لعلاقات طبيعية مع سوريا قبل أن يحصل الغرب على حصته من الهيمنة السياسية والاقتصادية، وقبل أن يضمن سهمه الذي يريده كبيراً في التحكم بمستقبل سوريا”.

وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “مشكلة الغرب بالعموم مع سوريا هي رفض السوريين للتطويع والهيمنة، حيث يريد الغرب أن يقايض رفع العقوبات مقابل تطبيق منظوره الخاص للإصلاح السياسي، هذا المنظور الذي يمكن تلخيصه في العمق باللبننة أو البلقنة، أي التقسيم الجغرافي”.

وتابع: “وهو ما يعني بالحد الأدنى الطوأفة وضرب الوحدة الوطنية السورية، أي التقسيم العرقي والطائفي للشعب الواحد حتى ولو بقى ضمن حدود دولة موحدة ظاهرياً، ففي نظر الغرب سوريا لن تكون جيدة إلا عندما تكون ضعيفة ومجوعة أو مقسمة”.

ويرى دنورة أن “الغرب هنا يستخدم تحكمه بمفاتيح الاقتصاد العالمي والـ banking والتمويل لفرض إرادته على الدول التي لديها حرية القرار السياسي، حتى لو كلف هذا الفرض تجويع مواطنو البلد المعني وتشريدهم وحصارهم في طعامهم ودوائهم ومعيشتهم اليومية”.

وأكد أن “ما يسعى إليه الغرب تحديداً هو تطبيق عقيدة الصدمة (التي تحدثت عنها الكاتبة الكندية ناعومي كلاين في كتاب بنفس العنوان) على سوريا، فالإجراءات الغربية ضد سوريا تأتي من خارج الشرعية الدولية، مما يؤكد عملياً خروج الغرب عن منطق القانون الدولي ومظلة الشرعية الدولية”.

واستطرد: “عدم اعتراف الغرب بالاستحقاقات الدستورية السورية، وسعيه لإعاقتها وفق منظوره الخاص للحوكمة يعني عملياً نزع الأهلية السياسية عن الشعب السوري، ومحاولة وضعه ضمن نظام وصاية على مستقبله السياسي بصورة تحاكي ما كان يقوم به في زمن الاستعمار المباشر، ولكن بأدوات ومقاربات جديدة مع بقاء إرادة الهيمنة ذاتها”.

ووسع الاتحاد الأوروبي، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي 2020، قائمة عقوباته على سوريا، مضيفا إليها سبعة وزراء سوريين، بحسب وثيقة نشرت في صحيفة الاتحاد الأوروبي الرسمية.

وطالت عقوبات الاتحاد الأوروبي على سوريا كلا من وزير التجارة الداخلية طلال البرازي، والثقافة لبنى مشاوي، والتعليم دارم طباغ، والعدل أحمد السيد، والموارد المائية تمام رعد، والمالية كنان ياغي، والنقل زهير خزيم، وفق البيان.