كمال خلف: ايار “مايو” شهر الانعطاف الكبير.. والمنطقة تنتظر
كمال خلف
المفاوضات حول العودة الى اطار اتفاقية الشاملة المشتركة بين ايران والولايات المتحدة بمشاركة القوى الدولية في فيينا تسير بوتيرة سريعة ، اغلب المصادر المتابعة للملف في طهران تؤكد ان النجاح بات في قبضة اليد .ومن المرجح ان يشهد شهر ايار مايو الحالي الاعلان الرسمي لعودة الاتفاق الى مساره الطبيعي بعد ان تعطل اربع سنوات بسبب انسحاب دونالد ترامب منه ، وبدء ايران بالتحلل من التزاماتها منه تدريجيا ردا على انتهاج ترامب سياسية الضغوط القصوى، وما تخللها من احتكاك عسكري بين الطرفين وصل الى مراحل بالغة الخطوة وانذر بمواجهة شاملة .
المرحلة الحساسة والاكثر دقة في مفاوضات فيينا بدات الخميس الماضي ، وتتمثل في نقاش تفصليلي على مستوى الخبراء للاجراءات التنفيذية التي يتوجب على كل طرف ان يقوم بها ، ويشمل هذا الجزء بشكل اساسي الية رفع العقوبات عن ايران وتحديد القطاعات التي يتوجب ان ترفع عنها العقوبات في المرحلة الاولى وهما القطاعين النفطي والمال . واول نتائج تنفيذ هذا البند سيكون حصول ايران على 900 مليار دولار من اموالها المجمدة . بالمقابل سيعود الايرانيون عن الخطوات التي اتخذوها سواء رفع نسبة تخصيب اليورانيوم او زيادة اعداد اجهزة الطرد المركزي او تقييد حركة المراقبيين التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية .
حتى الان لم يجلس المفاوضون الايرانيون مع نظرئهم الامريكيين بسبب رفض ايران لصيغة التفاوض المباشر قبل رفع العقوبات عن البلاد ، تتم المفاوضات بشكل غير مباشر ولكن بصورة فعالة . لن يستمر الوضع كذلك خلال الايام القليلة المقبلة ، وستنتقل المفاوضات الى الصيغة المباشرة وصولا الى اعلان العودة الكاملة للاتفاق وسيتم ذلك مثلما يبدو قبل موعد الانتخابات الرئاسية الايرانية في حزيران المقبل ، ولا نعتقد ان ادارة بايدن ومبعوثها الخاص لايران روبرت مالي سيوقفون مسار التواصل والحوار مع ايران بعد انجاز الاتفاق النووي .
صيغة المفاوضات غير المباشرة حول النووي الان توازيها صيغة مبتكرة جديدة حول مفاوضات تخص الوضع الاقليمي ، مفاوضات غير رسمية وغير معلنة من فيينا ، لكنها تجري بالتساوق معها وعلى صلة غير مرئية بها . هي صيغة توائم طلب واشنطن والاوربيين ببحث الدور الاقليمي لايران وكذلك ترضي ايران ، لانها تتم عبر تشجيع واشنطن لحلفائها الاقليميين على فتح حوار مباشر مع ايران لمناقشة ملفات التوتر في المنطقة ، وليس مفاوضة الولايات المتحدة مباشرة . واللقاء المباشر بين طهران والرياض في بغداد ، واللقاءات المقبلة التي ستقعد خلال هذا الشهر ، ومن ثم المرونة التي بدات تبديها البحرين ، واستقبال الكويت للوزير ظريف كلها تحركات ترتبط بمسار فيينا وبصيغة مقبولة لحوار حول الوضع الاقليمي .
اما بالنسبة لاسرائيل . وسائل الاعلام العربية بغالبيتها تذهب نحو وجود محاولات اسرائيلية حثيثة لثني الادارة الامريكية عن انجاز العودة الى الاتفاق مع ايران . نعتقد بان هذا بعيد عن واقع مع يجري الان بين تل ابيب وواشنطن . ومن المؤكد ان اسرائيل اصبح بحوزتها معلومة واضحة خلال زيارات عدة مسؤولين اسرائيليين الى البيت الابيض ” مستشار الأمن القومي، ورئيس أركان الجيش، ورئيس المخابرات العسكرية، ومدير جهاز المخابرات (“الموساد”) ان الامر قد قضي .
ونستطيع ان نقدر حسب بعض المعطيات المتواضعة لدينا ان الاسرائيلين يبحثون في واشنطن عن تعويض مجز وعن مكافات وجوائز سياسية وعسكرية مقابل ابتلاعهم هذا الوضع الجديد . ويريدون بالتوازي استمرار بذل الادارة جهودا واهتماما بملف العلاقة مع الدول العربية وتعزيز اتفاق “ابراهام ” وتوسيع نطاقه .
لدى المبعوث الدولي لايران” روبرت مالي” ربما تصور يخص الاسرائيلين قائم على نظرية الاستقرار الاقليمي الذي يوفر الامن لاسرائيل . وقد يعتقد مالي ان فتح مسارت الحوار بين ايران ودول الخليج وتحديدا السعودية ، واستكمال مسار المفاوضات مع ايران ما بعد فيينا سوف يقيد ايران ويجعلها تدخل مرحلة التهدئة والتسويات والحفاظ على الاستقرار ، وهذا ما يمكن ان تستفيد منه اسرائيل هدوءا على جبهات ساخنة عدة . لا نعرف على وجهة الدقة ان كان هذا ما يعمل عليه مالي مع فريقه . لكن المؤكد ان شهر ايار مايو الجاري سوف يشهد العديد من المفاجات والتغييرات على صعد متعددة . ويمكن تسميته شهر الانعطاف الكبير
رأي اليوم