سي ان ان: على الولايات المتحدة التعامل مع الأسد
اعتبر الكاتب الأمريكي ديفيد دبليو ليش في مقال نشرته شبكة “سي إن إن” أن الولايات المتحدة مهتمة باستئناف الحوار متبادل
المنفعة مع الحكومة السورية.
وأقر ليش (وقد سبق أن ألف كتابا عن سيرة حياة الرئيس السوري بشار الأسد) في المقال بأن كيفية موافقة إدارة الرئيس
الأمريكي جو بايدن على إعادة التواصل مع حكومة دمشق تمثل مسألة معقدة، قائلا: “يصعب لي أن أدعو إلى أي حوار معهم،
غير أنه كانت هناك حرب أهلية فتاكة ومدمرة، وأياد كثير من الناس من كافة الأطراف في سوريا ملطخة بالدم”.
وذكر الكاتب أنه في المرحلة الحالية يؤيد “نهجا خارجيا أكثر واقعية”، قائلا إن السياسات الخارجية في كثير من الحالات منفصلة
عن “حتمية أخلاقية” بالظروف التي من الأسهل لشخص القبول بها في حال اقتناعه بأن هناك “خير أكبر على المحك”.
وتابع: “حسب رأيي، قد يجلب حوار متفاوض عليه ومركب بدقة بين الولايات المتحدة وسوريا منفعة متبادلة لكلا الطرفين”.
ورجح ليش أن سوريا مهتمة بذلك أكثر، موضحا أن البلد العربي الذي يواجه مهمة إعادة إعمار اقتصادها المدمر خلال الحرب تحتاج
إلى تخفيف العقوبات المفروضة من قبل الإدارة الأمريكية ضمن “قانون قيصر”.
لكن الولايات المتحدة بدورها ستستفيد أيضا، حسب رأي كاتب المقال، من هذا الحوار، لأن استقرار سوريا يحظى بأهمية كبيرة
بالنسبة لواشنطن.
وأوضح المقال أن لدى سوريا حدود مشتركة مع حلفاء أمريكا، إسرائيل والأردن وتركيا، ودولتين أصبحتا على وشك الانهيار، وهما
لبنان والعراق، محذرا من أن أي تأثير مزعزع من سوريا قد تكون “القشة الأخيرة” بالنسبة للوضع الداخلي هناك.
كما لفت المقال إلى أن واشنطن بفضل مثل هذا الحوار مع حكومة دمشق قد تحد من نفوذ إيران و”حزب الله” في سوريا والذي
يشكل خطرا على إسرائيل، مؤكدا أن خفض التواجد الإيراني في سوريا في مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها.
وتابع: “هكذا، ثمة هناك إمكانية للتوصل إلى حل وسط قد يكون نافعا لكلا الدولتين”.
وأقر الكاتب بأنه من غير المرجح أن ترفع الولايات المتحدة كل عقوباتها عن سوريا أو تطلب دمشق من الإيرانيين بالكامل من
أراضيها، لكن إمكانية الحد من تواجد “حزب الله” في سوريا مقابل التخفيف التدريجي للعقوبات المفروضة على أمور مثل تصدير
المعدات المطلوبة لإعادة الإعمار يبدو خيارا ممكنا وقد يحسن قليلا الوضع المأساوي في البلاد.
وذكر المقال أن هناك مسؤولين في إدارة بايدن التي من المتوقع أن تحدد سياستها إزاء سوريا في غضون الأشهر القليلة القادمة،
“يرغبون في مواصلة الضغط على الأسد، لكن هناك مسؤولون آخرون يؤمنون بهذا النهج الأكثر واقعية المتمثل بصيغة “شيء
مقابل شيء”.
وأكد المقال أن فوز الأسد بولاية جديدة في انتخابات الرئاسة الأخيرة يعني استمراره في الحكم للمستقبل المنظور، لافتا إلى
ورود تقارير في الآونة الأخيرة مفادها أن “بعض حلفاء واشنطن العرب بحثوا عن استئناف العلاقات مع دمشق ما يعكس اعترافهم
بالواقع الاستراتيجي في المنطقة الذي قد تعترف به الولايات المتحدة أيضا”.
وخلص المقال إلى أن إدارة بايدن قد تختار نهجا أو آخر تجاه سوريا، لكن عندما سيتم تحديد هذه السياسية سيصبح من الصعب
للغاية تغييرها مجددا خلال السنوات الأربع القادمة، مضيفا: “قد تجلب مؤشرات صغيرة إزاء سوريا الآن تأثيرا مفيدا أكبر بكثير في
المدى الطويل”.
وأعرب الكاتب عن قناعته بأن أي تقدم في هذا الملف مستحيل ما لم توافق الحكومة السورية على تسليم معلومات موثوق بها
إلى واشنطن عن مصير الصحفي أوستن تايس الذي اختفى في سوريا في أغسطس 2012، مشيرا إلى أن ذلك سيفتح الباب
لمزيد من الحوار وقد ترجح سياسات إدارة بايدن إزاء سوريا في هذا الاتجاه.
ووجه ليش في ختام المقال نداء إلى الرئيس الأسد مخاطبا إياه بالقول: “الوقت حان لفعل كل ما يمكن للقاء مع إدارة بايدن على
أي أرضية مشتركة، بما في ذلك الكشف عن معلومات محتملة عن مكان تواجد أوستن تايس. إنه أمر صحيح والآن وقت مناسب
لفعله”.
وكالات