الثلاثاء , نوفمبر 26 2024

كمال خلف: ضغوط روسية على ايران

كمال خلف: ضغوط روسية على ايران

كمال خلف

الهجمات التي تشنها الولايات المتحدة والهجمات المضادة ضد قواعدها في سورية والعراق في الأيام الماضية تزيد التعقيد للتوصل

الى اتفاق في المفاوضات النووية في فيينا بين واشنطن وطهران ، لكنها بذات الوقت تشكل انعكاسا لما وصلت اليه طاولة فيينا.

وهي الان في مرحلة اتخاذ القرارات الصعبة . المفاوضات هناك عمليا أنجزت كل شيء وبقي اتخاذ القرار وعلى الإدارة الامريكية

ان تتجرع كأس السم وان تتخذ القرار بالعودة الى الاتفاق ورفع العقوبات كاملة عن ايران . ولا أرى ان امامها الكثير من الخيارات

لتجنب ذلك .

رئيس الوفد الإيراني المشارك بمفاوضات فيينا “عباس عراقجي” قال هذا قبل أيام أن “مفاوضات جرت بما فيه الكفاية حول بعض

القضايا العالقة مع دول 4+1″، و”حان وقت اتخاذ القرارات”. بالمقابل يقول وزير الخارجية الأمريكي انتوني بيلينكن ، تعليقاً على

سؤال بشأن انسحاب بلاده من المحادثات النووية، إنّ موعد هذا الانسحاب يقترب. ورغم ان الجولة السابعة من المفاوضات في

فيينا ستبدا الأسبوع المقبل ، الا ان المتحدثة باسم البيت الأبيض تعمدت لدى سؤالها عن ذلك ان تقول لا علم لنا متى تعقد

الجولة المقبلة . المبعوث الأمريكي لإيران، روبرت مالي، يقول كذلك ” أن واشنطن لن توافق على رفع جميع العقوبات عن إيران،

مضيفا أنها ستنسحب من مفاوضات فيينا إذا كان الاتفاق الذي تريده طهران ليس في صالحها.” الحقيقة ان ربط الوفد الأمريكي

ملفات سياسية واولها الاتفاقية الاستراتيجية بين ايران والصين بمفاوضات الاتفاق النووي هي جوهر المشكلة . ولم تقبل طهران

باصرار الحديث عن أي مسالة سياسية خارج اطار البرنامج النووي .

التصعيد الحاصل الان المتمثل بالغارات التي شنها الجيش الأمريكي على فصائل المقاومة العراقية قرب الحدود العراقية السورية ،

وقصف المقاومة العراقية للقواعد الامريكية بالطائرات المسيرة ،

واستهداف القاعدة العسكرية الأمريكية في ريف دير الزور شمال شرق سورية بعدد من القذائف الصاروخية، ورد القوات الامريكية

بقصف مواقع داخل سورية ، هي جزء مرتبط بمعركة عض أصابع ما قبل التوقيع النهائى في فيينا . الإيرانيون دفعوا بأقصى أوراق

الضغط ومنها وقف الاتفاق الملحق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وقالوا بشكل واضح لن تزوّد مجددًا “الوكالة الدولية للطاقة

الذرية” بأي صور من داخل مواقعنا النووية، وأن الاتفاق مع الوكالة انتهى أجله.

في لعبة عض الصابع بين الولايات المتحدة وايران و تجرية العقود الماضية تقول ان الولايات المتحدة سوف تصرخ أولا . الظروف

السياسية الراهنة للولايات المتحدة والتحديات الدولية التي تجدها إدارة بايدن امامها اليوم، واتجاهات الاستراتيجية الامريكية

المعلنة ، والبيئة السياسية والأمنية في المنطقة تحول دون عودة إدارة بايدن الى استراتيجية الضغط الأقصى السابقة مع ما

تضمنته من احتكاك عسكري خطر، فتح باب احتمالات الحرب طوال عهد الإدارة السابقة . وبالتوازي لا يمكن للإدارة ان لا تنجز

اتفاقا دوليا في الملف النووي، وان تترك البرنامج النووي الايراني دون ربطه بالتزامات ، لما لذلك من مخاطر حسب التقديرات

الامريكية، ولما لذلك من انتكاسة لسياسات الإدارة والوعود الانتخابية للرئيس بايدن .

اذن وضع الإيرانيون الرئيس بايدن بوضع صعب للغاية . وتركوا له طريقا واحدا الان هو الاستجابة للطلباتهم في فيينا . الرئيس بايدن

طلب مساعدة بوتين في دفع ايران نحو تليين موقفها ، ويبدو ان ذلك جرى خلال القمة التي جمعت الرئيسين في جنيف خلال

هذا الشهر . وفي العادة لا تجري المساعدة بين الدول مجانا .

في الكواليس تمارس موسكو ضغطا باشكال مختلفة على الإيرانيين ، ويبدو انهم زجوا بتكاليف بناء محطة بوشهر في هذا الاطار .

وهو ما دفع ئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي للإعلان عن صدور أمر بالإسراع في سداد ديون بقيمة 500

مليون يورو لروسيا”. لا نعتقد ان الضغط الروسي يمكن ان يثمر ، لان الإيرانيين حددوا منذ بداية المفاوضات ماذا يريدون منها

بالضبط والا فلا مشكلة لديهم بالبقاء دون اتفاق والعودة الى استراتيجية الصبر والمواجهة وتحقيق المزيد من التقدم والتحرك

الأحادي الجانب وفق نظرية الاستفادة من كل الأوضاع .

وفق ذلك بدا طرح السؤال التالي : هل تنهار مفاوضات فيينا ؟ يمكن الجزم بنفي ذلك وفق معطيات وظروف كافة الأطراف

المشاركة في هذه المفاوضات . والطرفان الإيراني والامريكي يضربان الطاولة للحصول على اقصى المطالب قبل التوقيع الأخير .

الجولة السابعة ستكون حاسمة ،ونتوقع مع انطلاقها عودة التصريحات الإيجابية من جديد. وفي الاغلب ستحصل ايران على ما

تريد .

رأي اليوم