السبت , نوفمبر 23 2024
خالد العبود: هل حسم الأسدُ انتصارَه؟ الجزء (3)

خالد العبود: هل حسم الأسدُ انتصارَه؟ الجزء (3)

خالد العبود: هل حسم الأسدُ انتصارَه؟ الجزء (3)

خالد العبود:
في العقيدة والأعراف..
-قبل حوالي سنتين، طلب أحد الأصدقاء لقائي وحيدين، وقال بأنّه يحتاجني في أمر هامّ جدّاً، التقينا، كان طلبه منّي، أن نفرض “عَلمانيّة” الدولة، بقوّة السلطة التي نمتلكها، وبقوّة الانتصار الذي حقّقه السوريّون..
-قلتُ له، أولاً كيف تفهم “العَلمانيّة”، قال، “العَلمانيّة” تُنهي تدخّل رجال الدين في شؤون الدولة، وتفرض الزواج المدنيّ، وتُلغي الطائفيّة والمذهبيّة، وتُلغي دور وزارة الأوقاف، التي تعبّر عن نسقٍ دينيّ واحدٍ من السوريّين، ولا يمكن أن تنتهي سوريّة، من هذه الأمراض العفنة، إلا في هذه اللحظة التاريخيّة الهامة، باعتبار أنّ قوى “عَلمانيّة سوريّة” انتصرت على أطراف سوريّة أخرى، أرادت للدولة أن تكون دينيّة وطائفيّة!!..
-هذا المعنى لشكل الدولة، الذي طالب به صديقنا، هو المعنى الدقيق للاستبداد، وهو يحاكي معاني تاريخيّة لدولٍ قامت على مثل هذه التصورات، أو هذه القراءات، كما أنّ السلطات والحكومات التي قامت بتطبيق مثل هذه المعاني والمفاهيم على الدولة، تاريخيّاً، إنّما هي سلطات وحكومات طغيان واستبداد، فعندما تفرض الدين، أو أيّ عقيدة، على المجتمع، أيّ مجتمع، فأنت تمارس الاستبداد والطّغيان، وعندما تمنع الدين، أو أيّ عقيدة، عن المجتمع، أيّ مجتمع، فأنت، أيضاً، تمارس الاستبداد والطّغيان!!!..
-الرئيس الأسد في خطابه كان واضحاً، لجهة هذه الركيزة الثابتة، والتي لم تكن جديدة في أدبياته، أو من خلال إطلالاته، لكنّه يحاول دائماً تظهيرها للآخرين، والعمل على جعلها واحدة هامة من أعمدة الدولة وشكلها، وعلاقتها مع المجتمع..
-فنحن لن نمارس الاستبداد والطّغيان بحقّ الناس، ولن نكون كبعض السلطات والحكومات التي قتلت وذبحت، ثم فرزت الناس، على أساسٍ من دياناتهم وطوائفهم ومذاهبهم وعقائدهم، لن نكون كالعثمانيين الذين بطشوا بالناس، على أساس انتماءاتهم العرقيّة والدينيّة والمذهبيّة، ولن نكون كالعثمانيين الذين فرضوا على الناس “عَلمانيّة الاستبداد” ، فكانت النتيجة، بعد عشرات السنوات من ذلك، حكومة دينيّة أخوانيّة مجرمة!!!..
-اعتبر الرئيس الأسد أنّ العقائد والأعراف، كلّ العقائد والأعراف، عند السوريّين، محترمة، ومن قبل كلّ السوريّين، وترعى هذا الاحترام الدولة ذاتها، وهذه وظيفتها ودورها الهامّان، وليست وظيفتها ودورها الفصل بين العقائد والأعراف الصحيحة أو غير الصحيحة، أو فرض العقائد والأعراف، التي تراها صحيحة، على المجتمع..
-يؤكّد الرئيس الأسد في خطاب القسم، على أنّ قوّة المجتمع لا تأتي من شكل العقيدة، أو من أصل العقيدة، أو حتّى من خلال كون المجتمع كلّه ينتمي إلى عقيدة واحدة، وإنّما اعتبر قوّته وفرادته، تأتي من احترام المجتمع ذاته، لكلّ العقائد التي تنتمي إليها، كلّ مكوّنات هذا المجتمع..
-نعم.. هكذا تقوم “الدولة العَلمانيّة”، حين تكون الدولة على مسافة واحدة من جميع أبنائها، لا تفرزهم المناطق ولا الأعراق ولا الأنساب ولا العقائد ولا الأعراف ولا الأفكار، وإنّما يُفرزون وفق كفاءاتهم التي يحدّدها الدستور والقانون، باعتبارهم جميعاً مواطنين فقط..
-لا تميّز الدولة، بين ابن “حلب”، وبين ابن “درعا”، ولا تميّز الدولة، بين ابن عشيرة “البقارة” وبين ابن عائلة “الزعبيّ”، ولا تميّز الدولة بين من كان “مسلماً”، وبين من كان “مسيحيّاً”، ولا تميّز بين من كان “سنيّاً”، ومن كان “علويّاً”، ولا تميّز بين من كان “كاثوليكيّاً، ومن كان “أرثوذكسيّاً”!!..
“يتبع”..

إقرأ أيضاً:

خالد العبود: هل حسم الأسدُ انتصاره ( 2)؟!