السبت , نوفمبر 23 2024

خبير: الحل الراهن لتأمين الكهرباء.. تأمين الطاقة النووية من إحدى الدول الصديقة السورية

خبير: الحل الراهن لتأمين الكهرباء.. تأمين الطاقة النووية من إحدى الدول الصديقة السورية

دعا خبير تصنيع الخلايا الشمسية والأستاذ في كلية العلوم بجامعة حلب الدكتور عبد القادر حريري إلى توطين تكنولوجيا تصنيع الخلايا الشمسية لتوليد الطاقات المتجددة، ورأى أن الحل راهناً لتأمين الكهرباء في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد هو تأمين الطاقة النووية من إحدى الدول الصديقة السورية.
وشدّد على ضرورة توطين تكنولوجيا تصنيع الخلايا الشمسية واللواقط الحرارية والمخمرات البيولوجية لما لها من جدوى استثمارية على المديين المتوسط والبعيد، وعدّها من مسؤوليات الحكومة «حيث تعتبر تقانات الطاقات المتجددة من التقانات البسيطة، التي يمكن السيطرة عليها وتوطينها، وبالرغم من أن أكثرها تعقيداً، نسبياً، هي الخلايا الشمسية، لكنها في الحقيقة هي أبسط التقانات الإلكترونية، ومن المعيب عدم توطين هذه التقانة، التي أصبحت متوافرة في العديد من الدول الصديقة منها والمعادية، ففي نهاية الثمانينيات تم تشكيل اللجنة العليا للطاقات البديلية بتوجيه من الرئيس الراحل حافظ الأسد، وكان لي الشرف أن أكون من ضمنها، وجرى وضع خطة وطنية لم تستطع الحكومات السابقة تنفيذها».
وطالب الحكومة السورية القادمة بدعم الطاقات المتجددة «على الأقل، على غرار دعمها للكهرباء، ووضع آليات للاستثمار الأمثل للقطاعين الخاص والعام»، ولفت إلى أن الرمل الموجود في مدينة القريتين وغيرها من المناطق السورية «والمستخدم حالياً في البناء، وسابقاً في صناعة الزجاج، يعتبر ثروة وطنية، فبمجرد تحطيم الأوكسجين عبر إرجاع أوكسيد السيليكون والحصول على سيليكون خام، يزيد سعر كل كيلو غرام منه عن دولار، والسوق العالمي بحاجة إليه، لكن الأفضل تنقية السيليكون الناتج وتحويله إلى سيليكون نقي يستخدم في الصناعات الإلكترونية، ليفوق سعر الكيلو غرام منه خمسين دولاراً».
وحول إمكانية الاستغناء عن الطاقة الأحفورية من نفط وغاز مستقبلاً، أجاب حريري: «في الوقت الحالي لا يمكن الاستغناء عن الطاقة الأحفورية في المدن الكبرى، بل هي طاقة مساندة وداعمة، كما يحدث في بعض الدول الأوروبية، أما البديل الحالي للطاقة الأحفورية فهو الطاقة النووية، التي يمكن تأمينها من الدول الصديقة ريثما يتم تحرير حقولنا النفطية والبدء باستثمار وإنتاج الغاز».
وأشار إلى أن الطاقة الشمسية تمتاز عن طاقة الرياح «بشمولية وجودها على كامل الجغرافيا السورية، أما طاقة الرياح فهي موجودة اقتصادياً في فتحة حمص وفي الجولان وفي الشمال، وقد يكون النظام المختلط (شمسي- ريحي) هو النظام الأمثل لمساحة كبيرة من الجغرافيا السورية وبخاصة في فصل الشتاء، وفي الأرياف وأماكن الزراعة وتربية الحيوانات، يضاف إلى النظام المختلط التحويل البيولوجي والكتلة الحيوية».
وعن كون الطاقة الشمسية خياراً جيداً كطاقة بديلة للإفادة منها في سورية، قال حريري: «تعتبر الطاقة الشمسية بتحويلاتها الثلاثة أحد الخيارات المهمة للاستخدام في سورية، وخاصة في هذه الظروف وارتفاع سعر النفط محلياً وعالمياً، ولعل أهم هذه التحويلات للطاقة الشمسية هو التحويل الكهربائي المباشر باستخدام الخلايا الشمسية بأنواعها المختلفة، إذ مازالت الخلايا الشمسية السيليكونية تتصدر الاستخدام، والمتوافرة في الأسواق العالمية وبعدة طرائق في التصنيع، فمنها أحادي التبلور أو متعدد التبلور أو الخلايا السيليكونية الأمورفسية».
وأضاف: «تملك سورية المواد الأولية التي تساهم وتدعم فكرة التصنيع من خلال امتلاكها حقولاً تحوي أوكسيد السيليكون وبكميات كبيرة جداً، ربما يجعلها من أهم الدول في التصنيع والتصدير للسيليكون العالي النقاوة والذي يستخدم في الصناعات الإلكترونية كافة ومنها الخلايا الشمسية، بالإضافة إلى أن المناخ السوري ملائم جداً للتحويلين الحراري والكهربائي للطاقة الشمسية في المدن والأرياف، ففي المدن الكبيرة تكون طاقة مساندة، أما في الأرياف فيمكن أن تكون طاقة أساسية إضافة إلى الطاقات المتجددة الأخرى كطاقة الكتلة الحيوية وطاقة الرياح عند توافرها».
وعدّد الميزات الإيجابية للطاقة الشمسية لجهة تلبيتها الشروط الواجب توافرها في أي منبع مستقبلي للطاقة «فالمنبع الجيد يجب أن يحقق ثلاثة شروط جوهرية وهي منبع نظيف وخال من التلوث ومنبع متجدد وغير قابل للنضوب، عدا كونه اقتصادياً مقارنة بمنابع الطاقة الأخرى، وهذه الشروط يحققها المنبع الباقي الشمسي، أما الميزة السلبية للطاقة الشمسية في عدم توافرها ليلاً، لكن هذه الميزة تم التغلب عليها عن طريق تخزين هذه الطاقة لنتمكن من استخدامها ليلا، والميزة السلبية الأخرى لهذه الطاقة ولكافة الطاقات المتجددة هي سيطرة شركات النفط عليها، وبالتالي ليس من مصلحة هذه الشركات إطلاق هذه الطاقات للاستثمار».
وتمنى من الحكومة القادمة، وفي ظل أزمة الكهرباء التي تعيشها البلاد «أن تكون أكثر جدية من سابقاتها لتسهيل استثمار وتوطين تكنولوجيا تصنيع الطاقات المتجددة، فعلى سبيل المثال يمكن منح قروض من دون فوائد للمستثمرين وللصناعيين»، ونوه إلى أن الصين «وهي دولة صديقة ورائدة في هذا المجال، وهي بلا ريب بحاجة للسيليكون في كل صناعاتها الإلكترونية، لذا فإن مشاركتها في هذا المجال ستكون مفيدة لكلتا الدولتين، الأمر الذي يمكننا من الإفادة من تجربة أصدقائنا الهنود في مجال الكتلة الحيوية والمخامر البيولوجية. وعلى الحكومة العمل على تطوير التجربة والخبرة المحلية في مجال طاقة الرياح في حمص والاستفادة من خبرات مركز الدراسات والبحوث العلمية».
وختم حديثه بالقول إنه «يمكن القول، وبناء على التوجه العالمي الجديد، إن الطاقات المتجددة، وخصوصاً الطاقة الشمسية والريحية، هي الخيار الأنسب لمستقبل واعد ولحياة خالية من التلوث، وهما طاقتان دائمتان مادامت الحياة مستمرة، وكل ما أتمناه هو توطين تكنولوجيا الطاقات المتجددة في القطر والإفادة من مناجم السيليكون لتحويلها إلى سيليكون نصف ناقل».
يذكر أن الدكتور عبد القادر حريري، حصل على الدكتوراه من بريطانيا عام 1985 ببحث يهتم بالخلايا الشمسية المصنعة من الأفلام الرقيقة، ونشر سبعة أبحاث وشارك بعدد من المؤتمرات العلمية، ومثّل سورية في العديد من المؤتمرات والندوات والزيارات العلمية في الطاقات المتجددة، وسبق له أن أسس وحدة التحويل الفوتوفلطائي في المعهد العالي التابع لمركز الدراسات والبحوث العلمية، وحصل على الزمالة من المركز الدولي للفيزياء النظرية في مدينة تريستى الإيطالية الذي حصل مؤسسه على جائزة نوبل في الفيزياء.
الوطن