السبت , نوفمبر 23 2024

جلَبةٌ شرقيّ الفرات: أميركا لا تُخلي الساحة

جلَبةٌ شرقيّ الفرات: أميركا لا تُخلي الساحة

أيهم مرعي

في ما يبدو أشبه برسالة إلى الأطراف المعنيّة بنيّتها البقاء في مناطق الشرق السوري وتثبيت وجودها فيها، رفعت واشنطن، أخيراً، من وتيرة نشاطها العسكري هناك، مُنفّذةً مناورتَين اثنتَين في أقلّ من أسبوع، وهو ما يُعدّ إجراءً غير مسبوق، ولا خافي الدلالات

عزّزت الولايات المتحدة الأميركية، خلال الأسابيع الأخيرة، حضورها العسكري في الشرق السوري بشكل لافت، حيث نفّذت مناورات على بُعد كيلومترات قليلة من مناطق سيطرة الجيش السوري، والتي يتمركز فيها الروس والإيرانيون أيضاً. والظاهر أن واشنطن، تستهدف من خلال هذا الإجراء، تأكيد نيّتها إبقاء قوّاتها في سوريا، ودحض كلّ الأحاديث عن إمكانية انسحابها من شرقيّ الفرات، عقب خروجها من أفغانستان. وإلى جانب تلك المناورات، أمدّ الأميركيون قواعدهم في حقلَي «العُمَر» و«كونيكو» بأسلحة متنوّعة، على رأسها دبّابات من طراز «برادلي»، كانت شاركت في تدريبات في بادية أبو خشب الرابطة بين محافظات الحسكة ودير الزور والرقّة. وجاءت هذه التدريبات، التي حرصت واشنطن على إبرازها إعلامياً، بعد يومين فقط من أخرى مشابهة في قاعدة «كونيكو»، التي يشغلها جنود أميركيون وبريطانيون وفرنسيون. وبذلك، تكون القوات الأميركية قد نفّذت، لأوّل مرّة، مناورتَين اثنتَين خلال أقلّ من أسبوع.

وفي موازاة ذلك، رُصدت حركة نقل آليات ومعدّات عسكرية على الحدود مع العراق، حيث تفيد المعطيات الميدانية بأن الولايات المتحدة تعمل على نقْل جزء من جنودها ومعدّاتها العسكرية باتجاه الأراضي السورية، بصورة شبه سرّية. وتَجري عمليات النقل هذه عبر معبرَي «سيمالكا» و«الوليد» الحدوديَّين غير الشرعيَّين، فيما تُنقل غالبية المعدّات إلى ريفَي دير الزور الشرقي والحسكة الجنوبي، حيث حقول النفط وخطوط التماس مع الجيش السوري وحلفائه. وتسعى واشنطن، من خلال حراكها العسكري المستجدّ، إلى تأكيد جاهزيّتها لصدّ أيّ هجمات على قواعدها المنتشرة في المنطقة، حيث تصاعدت عمليات استهدافها واتّسع نطاقها أخيراً، لتصل إلى قاعدة «خراب الجير» في شمال شرق الحسكة، والتي كانت تُعتبر الأكثر أماناً، وتُتخذ كمعقل رئيس لتجميع القوات والآليات. لكن في المقابل، تَعتبر مصادر في الجيش السوري، في حديث إلى «الأخبار»، أن «التحرّكات الأميركية هذه استعراضية، ولا تحمل أبعاداً عسكرية هامّة، بل أبعاداً سياسية»، نافيةً «قيام الأميركيين بعمليات نقل كبيرة من العراق إلى سوريا»، مضيفة أن «الولايات المتحدة أخرجت الشهر الفائت عدداً كبيراً من المعدّات والآليات المعطوبة وغير الصالحة للاستخدام، لتُدخل محلّها آليات ومعدّات جديدة».

رُصدت حركة نقل آليات ومعدّات عسكرية على الحدود مع العراق

من جهة أخرى، لم تَرْشح التحرّكات الكردية السياسية تجاه موسكو عن أيّ جديد، في ملفّ المفاوضات مع الحكومة السورية، في ظلّ استمرار الخلاف في وجهات النظر. ويبدو أن موسكو لم تنجح، حتى الآن، في إقناع «قسد» بالتخفيف من سقف مطالبها، التي لا تلقى أيّ قبول لدى دمشق، على رغم التصريحات الحكومية الإيجابية تجاه هذا الملفّ، وآخرها تصريح وزير التربية، درام طباع، عن «عدم وجود أيّ مانع من تدريس اللغة الكردية في المدارس الحكومية». وظهَر التشدّد في الموقف الكردي، من خلال تصريحات نائب رئيس الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، علي رحمون، التي أكد فيها أنه «لن يكون هناك تفاوُض مع السلطة المركزية في دمشق من أجل تسليم المناطق، أو حلٌّ على شاكلة المُصالحات التي أثبتت التجربة فشلها في بقيّة المناطق السورية»، مضيفاً أنه «لا تفاوض أو حوار مع دمشق من دون وجود ضمانات دولية، ووفق القرار 2254».
على خطّ موازٍ، سيّرت القوات الروسية، نهاية الشهر الفائت، دوريّات في مناطق سيطرة «قسد» في ريفَي دير الزور والرقة، وعلى مقربة من حقول النفط. وهو ما أثار حفيظة الأميركيين، الذين تحرّكوا سريعاً لمنْع تثبيت أيّ تواجد روسي رسمي كأمر واقع في هذه المناطق، والحيلولة دون تمتين العلاقة بين «قسد» وموسكو. كذلك، اجتمع ممثّلون عن «التحالف الدولي» مع وجهاء دير الزور، وحثّوهم على عدم الانخراط في التسوية التي تعمل الدولة السورية على إرسائها في المحافظة، والتريّث إلى حين إتمام حلّ سياسي نهائي في البلاد.
الأخبار