هل تُوقف القاهرة أكبر مشروع للغاز في الشرق الأوسط عبر سوريا؟
يبدو أن تأكيدات دمشق بجاهزية خط الغاز العربي داخل أراضيها، لبدء ضخ الغاز العربي إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، كشف عن مخاوف القاهرة من تعرضها لعقوبات أميركية الآن أو في المستقبل المتوسط والبعيد، من جراء استمرارها في هذا المشروع وفقاً لقانون قيصر جراء تعاملها مع الحكومة السورية.
مصر في موقع المتردد
وعلى الرغم من تضارب التصريحات بين وزير البترول المصري والمتحدث باسم الوزارة، إلا أن مصادر في الحكومة المصرية أكدت أن مصر تسعى للحصول على ضمانات من واشنطن للإعفاء من عقوبات قانون “قيصر” عند بدء توريد الغاز إلى لبنان عبر سوريا.
الأمر الذي أكده وزير البترول المصري طارق الملا، ونفاه المتحدث باسم الوزارة حمدي عبر العزيز عندما صرّح عبر وكالة “سبوتنيك” الإخبارية، مؤكداً أن لبنان هو من يتحاور مع الإدارة الأمريكية بهذا الشأن، وأن «لبنان يعمل في هذا الاتجاه، ومصر ستبدأ بضخ الغاز بمجرد أن تُستوفى كل الأوراق والإجراءات».
ويرى الباحث السياسي صدام الجاسر أن مصر تدرك بمعرفتها بالتعامل الأميركي، أن عدم حصولها على ضمانات حقيقية، سيعرضها لخطر العقوبات وفق قانون قيصر مستقبلاً.
ويقول الجاسر في حديثه لـ“الحل“: «إذا لم تحصل القاهرة على ضمانات حقيقية من واشنطن حول مشروع الغاز العربي، فإن المشروع سيتحول إلى سيف مسلط على رقبتها ورقبة كل من سيشارك به، قد تستخدمه أي إدارة أميركية للضغط على القاهرة بحجة انتهاك قانون قيصر».
تطمينات شفهية غير كافية
المخاوف المصرية جاءت رغم التطمينات الأميركية “الشفهية“، التي نقلها وزير الطاقة والمياه اللبناني، وليد فياض عندكا التقى بكبير مستشاري وزارة الخارجية الأمريكية لأمن الطاقة (الوسيط الأمريكي الجديد في عملية التفاوض غير المباشر بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية)، أموس هوكشتاي.
حيث أكد في بيان أن: «الإدارة الأمريكية أصدرت رسالة تطمين تؤمّن حماية المشروع والأفرقاء المشاركين فيه من تداعيات عقوبات قانون (قيصر».
وحول يذلك يضيف الجاسر: «الولايات المتحدة الأميركية أعطت تطمينات فقط، بأنها لن تعاقب أي دولة بموجب قانون قيصر للمشاركة في مشروع خط الغاز العربي، لكن لا يوجد شيء موثق ومكتوب أو ضمانات حقيقية، هذا الأمر الشفهي لا يعتبر ضمانات، يُذكرنا بمصطلح “اللاورقة الأميركية” أي أنها شيء غير ملزم، لذلك القاهرة تسعى للحصول على ضمانات مكتوبة لتجنب العقوبات في المستقبل».
واشنطن لن تمنح وثائق مكتوبة؟
ويستبعد الجاسر إمكانية منح الولايات المتحدة “وثائق مكتوبة” للقاهرة بشأن ضمانات عدم تعرضها لعقوبات مستقبلية وفق “قيصر“.
وحول ذلك يقول: «برأيي الولايات المتحدة لن تعطي أي وثيقة أو شيء مكتوبة، لأن قانون قيصر تم إقراره عبر مجلس الشيوخ الأميركي، وليس عن طريق الرئيس الأميركي، وهو قانون مرتبط بوزارة الدفاع الأميركية، وهذا ما يخيف القاهرة ويجعلها بموقع المتردد بهذا المشروع، قد ينتهي مشروع الغاز بسبب طلب القاهرة لهذه الضمانات».
خط الغاز العربي
ويعتبر مشروع “خط الغاز العربي” من أهم مشاريع نقل الغاز في الشرق الأوسط، ويعود تاريخ إحداثه إلى عام 2000، إذ كان يمثل نقطة تحول وبداية لتصدير الغاز إلى أوروبا عبر تركيا مروراً بالأردن وسوريا.
ويبلغ طول خط الغاز العربي نحو 1200 كيلو متراً، يمتد من منطقة العريش إلى طابا في مصر، ومن ثم إلى العقبة، ومنها إلى رحاب في الأردن، ومن رحاب مرورا بجابر إلى حمص بسوريا، فمنطقة دير عمار في لبنان، بقدرة استيعابية تبلغ 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا.