السبت , نوفمبر 23 2024

سوريا: عام “تصفية الحسابات” ومفاجآت الحجز الاحتياطي.. هل انتهى زمن التراخي؟

سوريا: عام “تصفية الحسابات” ومفاجآت الحجز الاحتياطي.. هل انتهى زمن التراخي؟

ريم ربيع

بعد سبات طويل لحكومات الحرب المتعاقبة، يمكن القول أن عام 2021 شهد ما يشبه الصحوة المتأخرة – يخشى البعض أن تكون صحوة الموت – تجاه ثلة من أباطرة المال محدثي النعمة، ممن شيدوا لأنفسهم امبراطوريات ضخمة تحت حماية ورعاية عدد من المسؤولين الذين طالت طراطيش المحاسبة بعضاً منهم في الأشهر الأخيرة .

خلال لقاءات عديدة جمعت مسؤولي الاقتصاد مع فعاليات تجارية وصناعية خلال هذا العام، ظهرت نبرة من الجدية بأن “زمن التطنيش قد ولّى”، وغض النظر عن سلوكيات وتجاوزات البعض بحجة الحرب والحصار لم يعد خياراً بعد الآن، غير أن تلك الجدية لم تجد طريقاً إلى قناعة المواطن السوري الذي رآها تطبق “على ناس وناس” ولم تكن حازمة بالشكل المطلوب .

آلاف الاشخاص طالتهم قرارات الحجز الاحتياطي التي صدرت هذا العام، تلك القرارت منها ما حمل مفاجآت كبيرة على مستوى الأسماء المستهدفة بها، سواء رجال أعمال أو مستوردين أو مسؤولين سابقين وحاليين، فالنصف الأول من العام حمل 2000 قرار حجز احتياطي، ووصلت قيمة الأموال المطالب بها إلى خمسة مليارات ونصف المليار ليرة سورية، تلاها الحجز لأكثر من 650 مستثمر في حلب بتهم تهرب ضريبي، و85 شخص من أصحاب محطات توزيع وقود في ريف دمشق، وكذلك العشرات في حمص، والمئات في بقية المحافظات .

عشرات المليارات تم تحصيلها بعد هذه القرارات، كما شهد العام زيادة في التحصيل الضريبي بعد ملاحقة “البعض” من كبار المكلفين، وكذلك الأمر بالنسبة لدوريات الجمارك التي كشفت عن مستودعات تتضمن مهربات بمليارات الليرات، ومنها يعود لموظفين سابقين في المديرية ذاتها.!

وفي السياق ذاته لابد من الإشارة إلى قرارات المصرف المركزي في ضبط عمليات وآليات الاستيراد والتصدير، بعد كل ما تخللها من تجاوزات واستثمار للفوضى .

هي جميعها مؤشرات تشي ببعض الإيجابية، فخلال سنوات الحرب كان التغاضي واضحاً للجميع عن الكثير من الإجراءات وحتى القوانين، بحجة “تمشاية الحال”، فكما يقال “اتفق القط والفار على خراب الدار” وحتى لو لم يكن الخراب هدفاً إلا أنه أمسى نتيجةً حتمية، ونلمسها يومياً بلقمة الخبز ورشفة الماء، إذ انعكس ذاك التراخي القانوني على تدهور الليرة والتوسع بالتهريب والتهرب الضريبي والاحتكار، وليّ ذراع القطاع العام بحجة مرونة الخاص.!

اليوم؛ تكرر أسلوب التهديد على لسان الكثير من المسؤولين، ومنهم من قالها بصراحة : “لن نسمح اليوم بما سمحنا به سابقاً، وزمن التذاكي على القانون انتهى”، غير أن شعرةً واحدة تفصل بين جدية ما يُصرح به، أو انضمامه إلى ما سبقه من أبر المخدر المؤقتة وصفّ الحكي، فالثقة “المهترئة” بين الحكومة والمواطن باتت تتطلب أكثر من مجرد تصريحات لترميمها، والتوجه لتصفية حسابات السنوات السابقة يحتاج أكثر من “الغزوات والفتوحات الإعلامية” .

من جهة أخرى، لم يفلح كل ما اتخذ من إجراءات على من أهميتها في الوصول إلى استراتيجية أو رؤية واضحة للمرحلة المقبلة بعد، فهل هي سياسة جديدة سيتم اتباعها، أم أنها مجرد استعراض مؤقت، كونها حتى الآن مازالت خطوات متشعبة لا ترقى إلى خطة متكاملة .

أما المواطن؛ فلم يعنيه أي من تلك الإجراءات طالما أنه لم يراها متمثلة أمامه بتحسن الخدمات ومستوى المعيشة، وتدوير تلك الإيرادات لمصلحته، فخبر تحصيل المليارات هنا وهناك، يفقد قيمته أمام خبر رفع سعر الخبز والبنزين والمازوت .
المشهد