قد يكون الطقس البارد معضلةً للكثير من الناس عندما يقومون باتخاذ قرار الخروج إلى الشارع والأماكن العامة لقضاء المهام المختلفة، أو حتى للاستمتاع بالأجواء الباردة.
ولكن الأجواء الباردة لا تعني أن ملابس الخروج ستبدو مختلفة لجميع الناس، إذ نجد كثيراً من النساء اللاتي يُقررن ارتداء ملابس خفيفة مثل الفساتين والتنانير القصيرة، في حين يسير الجميع حولهن بطبقات وطبقات من الملابس الثقيلة لتعزيز شعورهم بالدفء.
ووصل الأمر إلى إطلاق الكثير من الدعابات والخرافات حول سيقان النساء في بعض الدول الأوروبية مثلاً، أنها أقل حساسية وشعوراً بالحرارة، تفسيراً لقدرة بعضهن على ارتداء الملابس المكشوفة في فصل الشتاء دون الشعور بالبرد.
الأمر دفع العلماء إلى البحث وراء سبب عدم ارتداء بعض النساء والرجال لملابس ثقيلة بما يكفي لكي تقيهم البرد القارس؟
Cardi B لفتت الانتباه إلى الظاهرة بإطلالاتها الجريئة في عز البرد!
كشفت دراسة علمية نُشرت في المجلة البريطانية لعلم النفس الاجتماعي، أغسطس/آب من العام 2021 الجاري، أن النساء اللواتي يرغبن في أن يبدين بحلَّة معينة، أو يركزن أكثر على شعورهن بـ”تجسيد الذات” من خلال الملابس، لا يشعرن بالبرد مثل الأناس الآخرين.
جاء ذلك في الدراسة التي تحمل عنوان: “عندما تبدين “جذابة” يعني هذا ألا تشعري بالبرد: دليل على أن التركيز في تجسيد الذات يثبِّط مشاعر البرودة”.
ومن بين المعلومات التي استندت الدراسة جزئياً عليها ادعاء المغنية الاستعراضية الأمريكية “Cardi B” عام 2014، أن الفتاة المنشغلة بصورتها الجسدية أمام الناس لن تشعر بالبرد أبداً!
وقد بدأ الباحثون وفق موقع Lad Bible البريطاني، بتفسير ما قالته مغنية الراب حول كونها “كانت تركز بشدة على شكلها وما ترتديه أمام الكاميرات لكي تنتبه من الأساس إلى الشعور بالبرد”.
ثم أوضح مؤلفو الدراسة أن العبارة تتماشى مع نظرية الشيئية، التي تدعي أنه عندما “تركز النساء بشدة على مظهرهن الخارجي، فإن هذا التركيز السطحي يقلل من مقدار الموارد المعرفية المتاحة لعقولهن لكي يقمن بتقييم حالاتهن الداخلية الجسدية”.
وأوضحت الدراسة أنه “لذلك السبب تحديداً، تتمكن النساء عندما يدخلن في حالة من “التشيؤ”، من أن يصبحن أقل وعياً بمدى جوعهن، وضربات قلبهن، وشعورهن بالدفء أو البرد، ومختلف المشاعر الداخلية الأخرى”.
بمعنى أنهن “يكنّ في تلك الحالة أقل قدرة على التعرف على أي تبعات حسية داخلية”.
المرأة تدخل في حالة من “التشيؤ الذاتي” تنسيها شعورها بجسدها
ولاحظ الباحثون في الدراسة أن “معايير مظهر المرأة أعطت الأولوية للجمال على الراحة”، خاصة خلال العقود الأخيرة.
وأنه “بعيداً عن الاحتجاج على اتجاهات الموضة المؤلمة وغير الإنسانية تلك، غالباً ما تكون النساء أنفسهن من أشد المؤيدين والمروجين لها”.
ورغم أن الدراسة أجريت مبدئياً في بريطانيا، واستندت إلى مشاركات من المملكة المتحدة، فإن المبدأ الذي يقول إن “تشييء” أو “objectification” المرأة لجسدها الذي ينسيها ويشوش على كل ما يدور بالداخل من مشاعر، ينطبق على النساء بشكل عام، وفقاً للبحث الذي تناولته صحيفة Independent البريطانية.
بناءً على هذه الظاهرة، يفترض الباحثون في ملخص الدراسة أنه عندما تكون المرأة في حالة من التشيؤ الذاتي، يمكن استخدامها لشرح “الظاهرة التي تتم ملاحظتها كثيراً، حيث تظهر النساء اللواتي يرتدين القليل من الملابس غير منزعجات تماماً من الطقس البارد”.
لماذا يقوم بعض الرجال بارتداء الملابس الخفيفة في البرد القارس دون تأثر؟
المشهد الغريب يتكرر أيضاً بين الرجال، وفي مختلف بقاع العالم تقريباً. إذ من الشائع أن ترى وسط كل هؤلاء الناس الذين يسيرون بطبقات سميكة من الجاكيتات والبلوفرات الصوف، هذا الشخص الذي اكتفى بارتداء قلنسوة خفيفة على زوج من الصنادل المكشوفة وبنطال قصير.
ولكن ما الذي يدفع هؤلاء الرجال إلى ارتداء ملابس غير مناسبة للطقس؟ هل هو شيء يعطي إيحاء مثلاً أنهم مفتولو العضلات وبالتالي لا يتأثرون بالبرد؟ أم نسوا التحقق من حالة الطقس قبل مغادرة المنزل؟
يدعي بعض هؤلاء الناس الذين يفضلون ارتداء الملابس الخفيفة في عز البرد أنهم لا يحتاجون إلى ارتداء طبقات الملابس الثقيلة لكي يشعروا بالدفء.
وبحسب تصريح يوجين لاردي، الشاب البالغ 25 عاماً، لصحيفة The Wall Street Journal، فهو لا يرتدي أكثر من سترة جينز خفيفة في شتاء تورنتو المتجمد، لأنه “محصن ضد قشعريرة الشعور بالبرد”.
ومع ذلك، فإن هؤلاء الرجال ليسوا خارقين، بل إن معظم الرجال الذين صرحوا للصحيفة الأمريكية اعترفوا بأنهم كانوا يشعرون بالبرد طوال الوقت. وكانت أسباب عدم رغبتهم في ارتداء المعاطف والجاكيتات الشتوية السميكة نفسية أكثر منها عضوية.
الموضوع ليس متعلقاً بقدرات جسدية خارقة!
كانت الراحة عاملاً رئيسياً، إذ قالوا إنه من الأسهل تحريك ذراعيك في قميص جيد التهوية مقابل الشعور بالتقيُّد عند ارتداء الألبسة الشتوية الثقيلة.
وبحسب أحد المشاركين، قال للصحيفة الأمريكية: “أفضل أن أكون مرتاحاً وبارداً قليلاً على ارتداء سراويل غير مريحة تشعرني بالدفء”.
لكن بالنسبة لآخرين فقد كانت المشكلة تتعلق بصورتهم الجسدية أكثر من أي شيء آخر؛ إذ أعربوا أنهم مستاؤون من الحجم الذي يضيفه المعطف الثقيل لشكلهم النهائي.
وقال مايكل كورنز، لـThe Wall Street Journal: “لا أعتقد أن الملابس الشتوية هي أكثر الأشكال إرضاءً لمعظم الناس.. فأنت تبدو ضخماً للغاية فيها”.
ومع ذلك، عند سؤاله إذا ما كان يشعر بالبرد وهو يرتدي معطفاً خفيفاً في منتصف أشهر الشتاء بولاية كنساس الأمريكية، قال: “بالتأكيد، أنا أتجمد من البرد”.
لذلك قد يبدو من بعيد أن الأشخاص الذين يفضلون عدم ارتداء الملابس الثقيلة في الشتاء القارس يتمتعون بنوع ما من القوى الخارقة، لكن حقيقة الموضوع أن الأمر ينحصر كلياً حول ما يدور في أدمغة هؤلاء الأشخاص من أفكار.
لذلك في المرة المقبلة التي تُقرر فيها ترك منزلك الدافئ للاستمتاع بفعاليات شتوية في الهواء البارد، ارتدِ معطفاً ثقيلاً ضخماً وجورباً صوفياً، وأخبِر نفسَك: “لا ضير في أن أبدو ضخماً لبضع ساعات، المهم ألا تصطك أسناني من البرد!”.
عربي بوست
اقرأ أيضا: أول شابة عربية محجبة تنافس على لقب ملكة جمال العالم .. هل تحصده؟