خالد العبود:”موسكو، دمشق، كييف”.. القراءات الخاطئة.. والرسائل الواضحة!!..
خالد العبود
-عندما يغيب عن ذهن البعض، حجم ما قدّمناه في هذا النزال الكونيّ، وحجم ما أنجزناه، وحجم ما أسقطناه، وحجم ما فعلناه، فطبيعيٌّ أن يغيب عن أذهانهم حجم الدور الذي لعبناه، وحجم النفوذ الذي حجزناه، إقليميّاً ودوليّاً..
-عندما يكون هذا البعض محكوماً بذلك، فمن الطبيعيّ أن يعتقد بالرواية التي تقول: بأنّ الحليف الروسيّ قد رفض مقايضة “أوكرانيا” مقابل “سوريّة”، ومن الطبيعيّ أيضاً أن يعتقد بفرضية العرض الروسيّ على الأمريكيّ والأوروبيّ: “أوكرانيا” مقابل “سوريّة”!!..
-ولأنّنا لا نتفق أبداً مع تلك المرويّات، ولأنّنا نفهم حجم التضحيات التي قدّمناها، وحجم الدور الذي لعبناه جيّداً، ندرك خارطة النفوذ التي حجزتها أطراف النزال الذي حصل في سوريّة، وندرك بدقة، وضمن هذه الخارطة، حجم النفوذ الذي انتزعته سوريّة..
-لهذا.. وعليه، فإنّ المقولات أعلاه، إنّما هي مقولات وخلاصات مبنيّة على قراءات خاطئة، ومواقف مستندة على تهيؤات محكومة بلحظة شعورٍ دونيٍّ، لا يرتقي أبداً لمستوى المنجز الوطنيّ التاريخيّ، الذي حقّقه السوريّون خلال هذا النزال الكونيّ!!..
-وبناء عليه فإنّنا لا نرى هذا الضغط على روسيا، في “أوكرانيا” تحديداً، ضغطاً مباشراً من أجل خروج روسيا من سورية، ولا يمكن أن يحشر النسق الأمريكيُّ – الأوروبيّ نفسه بفرضية هذه المقايضة، كما أنّه ليس بمقدور الحليف الروسيّ عرض هذه الفرضيّة على هذا النسق أيضاً!!..
-نحن نعتقد أنّ النسق الأمريكيّ – الأوروبيّ، بأنّه لا يفكّر أبداً بخروج روسيا من سوريّة الآن، وهو على العكس تماماً، يعتقد بأنّ الوجود الروسيّ في سوريّة، أضحى حاجة ماسّة بالنسبة له!!..
-يعتقد النسق الذي تقوده الولايات المتحدة، بأنّ النفوذ الروسيّ يجب أن يتّسع في سوريّة والمنطقة، على حساب نفوذٍ آخر تشكّل قاعدته كلّ من دمشق وطهران، كما أنّها تعتقد، أنّ هذا النفوذ الروسيّ، يمكن توجيهه والاستثمار به، من خلال الضغط على روسيا، بالتأثير على أمنها القوميّ، في “أوكرانيا” أو غيرها، مقابل أن تمارس روسيا نفوذها في سورية بشكل أكبر، لكن بأيّ معنى؟!!..
-بمعنى أن تمارس روسيا نفوذها، من أجل إخراج إيران من سوريّة، وضرب هذا الترابط والتنسيق السوريّ – الإيرانيّ، وفرط هذا التحالف الذي يمارس نفوذه الصاعد، في التأثير على “أمن إسرائيل”، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، من أجل إضعاف الرئيس الأسد وإرغامه، على اتفاق تسوية مع “إسرائيل”، يكون هذا الاتفاق من ضمن فصيلة التطبيع العربيّ!!..
-يُبدي الحليف الروسيّ مقاومة هائلة بوجه هذه الضغوط، ليس بفضل قوّته الذاتيّة فقط، وإنّما بفضل قوّةٍ ذاتيّة تمتلكها كلّ من دمشق وطهران أيضاً، وفي ظلّ نفوذ إقليميّ حقيقيّ متكافئ، تتقاسمه كلّ من دمشق وطهران وموسكو..
-أخيراً..
=لم يغب كلّ هذا عن بال القيادة الروسيّة، حيث بدا ذلك جليّاً، في ردّها على الرسالة الأمريكيّة – الأوروبيّة في “أوكرانيا”، حين سارعت عمليّاً، لاعتبار أنّ أيّ عبثٍ عسكريّ أو سياسيّ في “أوكرانيا”، إنّما هو عدوانٌ على الأمن القوميّ الروسيّ..
=ومن جهة أخرى، وبدلاً من الرضوخ والتراخي في مسألة التأثير على النفوذ الروسيّ في سوريّة، بالاتجاه الذي دفع إليه النسق الأمريكيّ – الأوروبيّ، سارعت روسيا لإدانة العدوان “الإسرائيليّ” الأخير على أطراف دمشق، كما أنّها أوفدت وزير دفاعها إلى دمشق، ليحمل رسالة واضحة إلى الرئيس الأسد، ورسائل عديدة واضحة وجليّة، إلى عواصم مختلفة على مستوى العالم، في ظلّ إعادة تشكيل وحضور وتنسيق روسيّ – سوريّ عسكريّ، يمخر هدوء المتوسط!!..