السبت , نوفمبر 23 2024
الدخل في وادي والانفاق في وادي آخر

الدخل في وادي والانفاق في وادي آخر .. والفجوة هائلة بين الاثنين

الإسراع في بناء شبكة حماية اجتماعية وإعادة هيكلة الدعم الاجتماعي والتركيز على المشروعات الصغيرة.

بات الحديث عن الدخل والإنفاق يستحوذ على مساحة أكبر من اهتمام مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية وذلك في ضوء التدهور المستمر للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مع وجود فجوة هائلة منذ بداية الحرب بين الدخل وبين متوسط الإنفاق الذي تحتاجه الأسرة لتأمين احتياجات ورغبات أفرادها.

مصادر الدخل والإنفاق في سورية كان عنوان الندوة التي قدمها زياد غصن في المركز الثقافي بأبي رمانة اليوم خاصة مع استنزاف العديد من الأسر لمصادر دخلها وهذا ما يجعلها في مواجهة تحديات خطيرة لمستويات المعيشة.

المحاضر طرح في بداية محاضرته شكوك البعض حيال التقديرات الإحصائية المتعلقة بالمؤشرات الخاصة بالفقر والأمن الغذائي، فعلى سبيل المثال هناك من يسأل كيف معدل الفقر 90%، والمطاعم والمولات ممتلئة بالزبائن. وكيف هناك جوع وفقر وفاتورة خليوي البلاد تصل إلى 400 مليار ليرة ؟؟؟

وقدم غصن تعريفاً للإنفاق موضحاً أن قيمة السلع والخدمات التي تحصل عليها الأسرة بطريقة أو بأخرى وتستخدمها لإشباع احتياجاتها ورغبات أفرادها في حين عرف الدخل بأنه العائد النقدي أو العيني الذي يحصل عليه الفرد أو عدد من أفراد الأسرة خلال فترة زمنية معينة.

وأفاد أن للدخل مصادر عدة منها الرواتب والأجور والدخول المتأتية من الأعمال الخاصة ومن الممتلكات والدخول التحويلية التي تأتي من معاشات التقاعد والقادمة من مؤسسات غير هادفة للربح والإعانات ومكافآت نهاية الخدمة والتعويضات، ومن الإنتاج الذاتي من الطعام وغير الطعام.

وأشار غصن إلى أن أهمية تناول مصادر الدخل والإنفاق تأتي للوقوف على حقيقة الحالة المعيشية للأسر السورية في ظل الأوضاع الاقتصادية وتقييم نتائج السياسات الاقتصادية وإعادة توجيهها بما يراعي المتغيرات التي طرأت على مصادر دخل السوريين ومتوسط إنفاق أسرهم، إضافة إلى توفير قاعدة بيانات يمكن الإفادة منها في الحديث القديم الجديد عن الحاجة لبناء شبكة حماية اجتماعية.

ونوه إلى أنه لا توجد بيانات إحصائية موثقة يمكن الاستناد إليها للوقوف على تركيبة مصادر الدخل للأسر السورية حيث إن المكتب المركزي للإحصاء لم يجر أي مسح جديد لدخل ونفقات الأسرة منذ العام 2009 خاصة في مشروع الحكومة المتعلق برفع الدعم، وقد استعان المحاضر ببعض البيانات التي وردت في المسح الديمغرافي لعام 2017 – 2018 ومسح الأمن الغذائي الذي تم لأربع مرات خلال الفترة الممتدة من العام 2015 ولغاية العام 2020 من دون فائدة تذكر لنتائجه والتي بقيت حبيسة أدراج الحكومة.

وبحسب المسح الديمغرافي فإن نسبة الإنفاق على الغذاء للأسر 58,7% و41.3% على السلع والمواد غير الغذائية.

في حين بيَّن مسح الأمن الغذائي في العام 2020 أن 37.3% من الأسر السورية تعتمد في إنفاقها على مصدر دخل واحد، وقد سجلت محافظات الحسكة وحلب ودير الزور ودمشق أعلى نسب في عدد الأسر، في حين هناك 43.9% من الأسر تعتاش على مصدرين، وكانت أعلى نسبة لها في محافظات حماة واللاذقية وريف دمشق، وهناك 18.9% من الأسر لديها ثلاثة مصادر للدخل، وقد جاءت محافظة حماة في الصدارة، ومن ثم حمص والسويداء واللاذقية.

وبحسب المسح المذكور فمصادر الدخل توزعت ما بين 27.7% نسبة الأسر التي تعتمد على الرواتب والمعاشات التقاعدية و11.5% على الاستدانة أو الاقتراض و9% على بيع المحاصيل وتربية الحيوانات وصيد السمك و7.2% العمالة الماهرة و4.5% على التحويلات الخارجية.

وأشار غصن إلى أن نصف الأسر حصلت على مساعدات إنسانية قدمت نسبتها الكبرى من الهلال الأحمر والجمعيات الأهلية عام 2020 بعد أن شكلت هذه الأسر حوالي ثلثي إجمالي الأسر لعام 2015 .

وأوضح أن هناك خلطاً كبيراً بين الدخل والملكية على كافة المستويات، وهذا ما ظهر أثناء تحديد الحكومة للأسر المقترح استبعادها من خانة الدعم، فحسب تقديرات الباحثين هناك أكثر من 90% يعانون من فقر الدخل.

وأفاد أنه وفق بيانات مسح الأمن الغذائي لعام 2020 يمكن استنتاج أن أعلى نسبة للأسر الآمنة غذائياً كانت لدى الأسر التي تعتمد على الإيجارات كمصدر لمعيشتها تليها تلك التي تعتمد على الخدمات المقدمة للغير، ومن ثم إنتاج المحاصيل، والحوالات من الخارج بنسبة 7.7%، في حين تنعدم نسبة الأسر الآمنة غذائياً لدى تلك الأسر التي تعتمد على الاستدانة أو اقتراض المال للإنفاق على الغذاء وتلك التي تعتمد على بيع الأصول في الإنفاق على غذائها.

وخلص المحاضر أن هناك تغييرات كبيرة حصلت على مصادر دخل الأسرة بين سنوات الحرب وخلالها، ويلاحظ ذلك بوضوح في مصدر الرواتب والاستدانة والتحويلات الخارجية مع استمرار تصدر الأجر قائمة مصادر الدخل للأسرة ولو بنسب أقل من السابق، الأمر الذي يفرض على الحكومة اعتماد برنامج وطني لمراجعة واقع الأجور في القطاعين العام والخاص لتكون متناسبة مع متوسط الإنفاق المطلوب،وضرورة تسهيل إجراءات التحويل من الخارج إلى الداخل على اعتبارها مصدر دخل ثانٍ أو أساسي لدى بعض الأسر.

وختم كلامه بضرورة الإسراع في بناء شبكة حماية اجتماعية والعمل على برامج تنفيذية لتنمية مصادر الدخل للفرد والأسرة، والتركيز على المشروعات الصغيرة لتحسين إنتاجية الأسرة وزيادة قيمة الدخل.

المصدر: الثورة

اقرا ايضا: تفاحة السوريين