هنا موسكو.. ما لا يخبرك به الإعلام الغربي عن حرب روسيا في أوكرانيا
منذ بدء الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022، أو كما تُفضل روسيا بتسميته بـ«العملية العسكرية في أوكرانيا»، انطلقت حملة إعلامية غربية معارضة للهجوم الروسي، ولم يكن من المتوقع أن تكون مطابقة للواقع، بل مُختَلَقَة كليةً، من وجهة النظر الروسية.
وتضمنت الدعاية الغربية أمورًا عديدة، أولًا: مسار «العملية العسكرية» على الأرض. وثانيًا: إلقاء الضوء على أي مظاهر معارضة لغزو أوكرانيا داخل روسي. وثالثًا: وبالطبع الأثر «المدمر» للعقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا.
ولأن الحياد هو الضحية النموذجية في مثل هذه المواقف، سنحاول عرض سرديات مختلفة لما يعرضه الإعلام الغربي، بما في ذلك تغطية لوجهات نظر من داخل روسيا، تضمنت مقابلة شابين روسيين وطالب عربي في روسيا، لإبداء وجهات نظرهم المختلفة في المواضيع المتعلقة بالهجوم على أوكرانيا، ومن ثمّ سنحاول تقييم كل من الموقف السياسي الهجوم الروسي على أوكرانيا، والهجوم نفسه ومسار تقدمه على الأرض، والأثر الحالي للعقوبات الاقتصادية على روسيا، وتغطية جانب من الحياة اليومية لمواطنين روس.
حرب «غير مبررة» vs استباق لتقويض الأمن الروسي
منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا سارعت وسائل الإعلام الغربية لوصفها بالغزو/الهجوم «غير المبرر»، ورسمت التقارير الغربية صورة معينة لجذور الصراع الحالي؛ تقوم بمجملها على سردية أن هناك شعبًا حصل على استقلاله عام 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وأصبحت غالبيته المتحدثة بالأوكرانية (في غرب البلاد)، تريد الفكاك من علاقتها التاريخية بالشرق (روسيا)، والاتجاه نحو الغرب؛ أوروبا تحديدًا، وحلف شمال الأطلسي.
وبالتالي فإن الصراع على الأرض يدور بين أمة تصارع للحفاظ على ثقافتها واستقلالها ووحدتها (أوكرانيا)، ضد رغبة روسية بالهيمنة على كييف، وإعادة «أشباح» ماضي الاتحاد السوفيتي، أو الإمبراطورية الروسية، حين كانت أوكرانيا تابعة لروسيا.
وانصب المجهود الدعائي الغربي على تفنيد كل ما يقوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من مبررات للعملية العسكرية في أوكرانيا، للوصول إلى النتيجة الوحيدة الممكنة وهي ان العملية العسكرية «غزو غير مبرر»، لدولة لا تهدد روسيا إطلاقًا، بل على العكس روسيا هي التي تهدد هذه الدولة، وغيرها من الدول التي كانت تابعة في السابق للاتحاد السوفيتي.
هل يصبح إيمانويل ماكرون «الرابح الأكبر» من الحرب الروسية الأوكرانية؟
في المقابل وبالاستماع إلى خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للأمة الروسية صباح يوم العملية 24 فبراير (شباط) 2022، نرى أن بوتين يحمل الغرب المسؤولية الكاملة «للأحداث المأساوية» التي حصلت في منطقة الدونباس شرق أوكرانيا خلال الأعوام الماضية، وأنه اتخذ قرار الغزو كخيار ألجأه إليه الغرب، ولا يوجد بديل عنه الآن.
يرى بوتين أن السياسيين غير المسؤولين في الغرب سعوا خلال السنوات الماضية إلى إجبار روسيا على هذا الخيار بسبب توسيعهم لـ«حلف شمال الأطلسي (الناتو)» إلى الشرق، مقربين جيوشهم وبنيتها التحتية أقرب وأقرب إلى الحدود الروسية، رغم تلقيهم وعودًا بعدم توسيع الحلف إنْشًا واحدًا إلى الشرق.
بحسب بوتين فإن من المعروف أن روسيا حاولت بصبر وطوال 30 عامًا الوصول إلى اتفاق مع «الناتو»، يضمن أمن أوروبا بشكل كامل ومتساوٍ بين الأمم المختلفة، لكن «الناتو» لم يقابل روسيا إلا بـ«الخداع والأكاذيب، ومحاولات الضغط والابتزاز»؛ إذ تجاهل كل مخاوف موسكو، واستمر في التوسع، واستمرت «آلة الحرب في الاقتراب أكثر من حدود روسيا»، مع شرح مستفيض للظرف التاريخي المؤدي للحظة الحالية، لا في زمن السوفيت وحسب، بل بالعودة إلى تاريخ الإمبراطورية الروسية أيضًا.
في المقابل حاول الإعلام الغربي تفنيد حديث بوتين حول أوكرانيا، متجهًا إلى نتيجة حتمية أن «الغزو الروسي» لا مبرر له على الإطلاق، فـ«الناتو» لم يتوسع شرقًا؛ بل إن دول الاتحاد السوفيتي السابقة هي التي طرقت بابه، وطلبت الحماية من روسيا (الجارة المخيفة التي تهدد أمنها)، وأن «آلة الحرب» الغربية كما يصفها بوتين لا تهدد روسيا، بل إن روسيا هي التي تهدد جيرانها والغرب من خلفهم.
وفي مقابل الرواية الروسية التي ما تكاد تجد مكانًا لها في الإعلام، إلا لتُنقد، فإنك بالكاد تستطيع رؤية رواية أخرى تحلق خارج السرب الغربي، لذا يقول الأكاديمي اللبناني أسعد أبو خليل أستاذ العلوم السياسية في جامعة ولاية كاليفورنيا ستانيسلاوس في مقالة على صحيفة الأخبار اللبنانية: «ليست مقالات الأمن القومي والسياسة الخارجيّة في صحف الغرب إلا منابر لدوائر الاستخبارات الغربيّة، وهي جزء من الآلة الحربية الغربية ضد أعدائها، وخصوصًا عندما تجد الإعلام الغربي يتطابق في نقل رواية واحدة لا خلاف فيها تقريبًا»، حسب كلامه.
ويعدد أسعد أمثلة كثيرة عن طريقة عمل الإعلام الغربي، من أزمة القرم إلى حروب الشرق الأوسط، ومن فلسطين إلى العراق وسوريا، ويرى أن هذا الإعلام حضّر للحرب الحالية، وأن مثل هذا التحضير لا يمكن أن يكون قد حصل دون تنسيق مع أجهزة أمنية واستخباراتية غربية.
فعلى مدار عقود حذّر الغربُ العالم من خطر كبير متمثل في «الشموليات»، على شاكلة روسيا والصين، والاتحاد السوفيتي سابقًا، ولكن أبو خليل يقول إن الحذر الأكبر من الشمولية يجب أن ينصب على الغرب، وعلى الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهم، خاصة أنهم يديرون اقتصاد العالم، ويتحكمون في آلة إعلامية لم يسبق لها مثيل، وبقوة عسكرية لا يمكن مقارنتها بأية قوة أخرى.
ومن جانبه يذكر المؤرخ الماركسي الهندي فيجاي بارشاد، أستاذ كرسي إدوارد سعيد للدراسات الأمريكية في الجامعة الأمريكية ببيروت، والأستاذ بكلية «ترينيتي» بـ«هارفارد»، أن أية نظرة للتاريخ أو الحاضر تحاول تفسير الأحداث بناء على تفسير واحد، أو جذر واحد للمسألة، ستفشل دائمًا في فهم الأحداث.
ويقول بإرشاد إن الأزمة الأوكرانية الحالية ترجع أصولها إلى تاريخ قديم، ولا يمكن حصرها بما حصل منذ عام 2014 عند ضم القرم، بل يجب الرجوع إلى ما قبل ذلك، بل إن تفسير الأزمة بتوسع «الناتو» شرقًا فقط أمر غير صحيح أيضا.
إذ حاولت روسيا نفسها التقارب مع الغرب، ودخلت في علاقات سياسية واقتصادية معه، حاولت دخول «الناتو» نفسه، ولم يبدأ بوتين انتقاد الحلف وسياساته إلا في عام 2007، بعد أن أصبح «الناتو» يشكل خطرًا بالنسبة إلى الروس.
بالإضافة إلى ذلك؛ فإن الحكومة التي تشكلت في أوكرانيا عام 2014، دفعت كييف باتجاه «اليمين المتطرف»، وأعادت إلى الطاولة قضية الأقليات في أوكرانيا، وتحديدا الأقلية الروسية، وهي ليست قضية جديدة، بل كانت مطروحة منذ استقلال أوكرانيا وانهيار الاتحاد السوفيتي.
ليس حبًا في بوتين.. مقابلات مع روس يدعمون العملية العسكرية
يقول دينيس 47 عامًا، طبيب من موسكو لـ«ساسة بوست»: إن ما يسمى في الإعلام الغربي «غزو لأوكرانيا»، هو في الحقيقة عملية عسكرية روسية هدفها نزع العسكرة عن أوكرانيا، وهزيمة «النازيين» فيها، والذين استمروا بقتل سكان إقليم «الدونباس» من ذوي العرقية الروسية لثمانية أعوام، وأن الغرب استغل «النازيين» واستغل أوكرانيا بشكل كامل، في تهديد مصالح الدولة الروسية وقتل روس أوكرانيا.
كما أن دينيس؛ ورغم اعتباره أن الاوكرانيين شعب سلافي شقيق، يتذكر أحاديث جده عن الحرب العالمية الثانية، وروايات المجازر التي قامت بها مجموعات قومية أوكرانية، متحالفة آنذاك مع النازيين الألمان، ويرى أن الوضع الحالي استمرار لهذا التاريخ.
وفي حديثه مع «ساسة بوست» أيضًا يؤيد أندري 22 عامًا، طالب من ساراتوڤ، ولا يتفق تمامًا مع سياسة بوتين، وله ملاحظات على العملية العسكرية في أوكرانيا، «قرار بلاده» بالدخول في هذه العملية العسكرية، مثل غالبية «الناس البسطاء في روسيا» كما يقول، ويرى فيها ضرورة ملحة، وخصوصًا بعد سماعه أن «هؤلاء النازيين لن يقفوا عند حدود الدونباس، بل هم يرغبون بصنع المعجنات بدماء أطفال موسكو» حسب تعبيره.
بدوره قال يزن، طالب عربي في مدينة بنزا الروسية لـ«ساسة بوست»، إنه لاحظ عند بدء الحرب أصواتًا كثيرة معارضة لها، لكن هذه الأصوات بدأت في الخمود والتحول، بعد أن شاهدوا ردة الفعل الغربية ضد روسيا، وانتشار ما أسماه «الروسوفوبيا»، وهي ظاهرة قديمة منذ الحرب الباردة، ويرى يزن أن العقوبات الاقتصادية، والإعلام الغربي، وكثيرًا مما رآه الروس من تعليقات أوكرانيين على الحرب، دفعت الرأي العام الروسي أكثر في اتجاه تأييد الحرب.
يُذكر في هذا الصدد أن «كتيبة آزوف» المصنفة «يمين متطرف»، و«نازية جديدة»، والتي يرى فيها الروس حركة مدعومة ومسلحة من الغرب، قتلت العديد من الروسيين في منطقة الدونباس شرق أوكرانيا، وتعادي الروس بشكل عام.
وعلى الرغم من أن الغرب يعول على إمكانية قيام معارضة روسية للحرب، وربما إمكانية أن تستطيع هذه المعارضة بمساعدة من العقوبات الاقتصادية الغربية، إسقاط حكم بوتين في روسيا، ولكن ما تظهره مقابلاتنا، واستطلاع رأي روسي يؤكدان أن شعبية بوتين في ازدياد منذ بدء العملية العسكرية، وأن عددًا أكبر من الروس يدعم عمليات الدولة في أوكرانيا، فضلًا عن أن المظاهرات ما زالت ضعيفة، وغير قادرة على التأثير، أو الصمود في وجه «قمعها».
عملية عسكرية متعثرة vs تكتيكات روسية جديدة وفعّالة
دخلت العملية العسكرية أسبوعها الثالث، ولم يحتل الجيش الروسي المدن المحورية الكبرى في أوكرانيا، سواء كان الحديث عن خاركيف القريبة جدًا من الحدود الروسية، أو كييف القريبة من الحدود البيلاروسية التي استخدمتها روسيا قاعدةً لانطلاق جيشها، أو مدينة أوديسا الساحلية، القريبة من شبه جزيرة القرم.
في الإعلام الغربي هناك اتفاق عام على أن العملية العسكرية الروسية فشلت في تحقيق أهدافها، بل هناك شبه اتفاق على أسباب هذا «الفشل»، ولا تكاد تجد في الصحافة الغربية تغطية مختلفة عن هذا التحليل، وتاليًا عرض لأهم وأبرز جوانب التغطية الغربية الإعلامية.
أولًا: مقاومة غير متوقعة وجيش غير كفؤ
تنصب التحليلات الغربية على أن الجيش الروسي واجه مشاكل لوجستية، في إشارة إلى المشكلات التي تعرض لها الرتل العسكري الكبير القريب من كييف، والذي يحتوي على آليات عسكرية ودبابات، وقرابة 15 ألف جندي روسي، وهو بطول أكثر من 60 كيلو مترًا.
وتشمل هذه المشكلات اللوجستية أعطالًا ميكانيكية، مثل تعطل إطارات الآليات، ونقص قطع الغيار، ومشاكل في إمدادات الطعام والوقود، تسببت جميعها في إبطاء حركة الرتل العسكري الضخم، والتسبب في اختناقات مرورية، واضطراره للتوقف في الكثير من الحالات.
إضافة إلى ذلك تقول المصادر الغربية إن معنويات الجيش الروسي منخفضة جدًا نتيجة لعدة أسباب، أهمها أنه من الممكن ألا يكون الجنود الروس يعرفون ما ينبغي فعله في أوكرانيا بالضبط، أو أنهم لم يتوقعوا كل هذه المقاومة الأوكرانية، وربما أُخبروا من قيادتهم أن الأوكرانيين سيستسلمون بشكل سريع، وستسقط كييف في غضون أيام؛ وهو ما لم يحصل حتى الآن.
كما أن الإعلام الغربي يروج لأن المقاومة الأوكرانية، والتي تتصدى لـ«الغزو الروسي» كانت أكفأ بكثير؛ لا من توقعات الروس وحدهم، بل من التوقعات الغربية أيضًا، وأن هذه المقاومة هي ما يُفشل المخططات الروسية، وأنها السبب الأساسي لانهيار معنويات الجيش الروسي.
طبعًا لا يغفل الإعلام الغربي عن تغطية الدعم العسكري لأوكرانيا، فقد أقامت الدول الغربية جسرًا جويًا، والذي بدأ قبل الحرب، وهو مستمر حتى اللحظة، بما في ذلك مضادات الدبابات، مضادات الطائرات، وغيرها من أنواع الدعم العسكري، والتي تساهم بحسب الغرب والسلطات الأوكرانية في صد الهجوم الروسي بكفاءة.
ثانيًا: خطة روسيا لتحييد الجيش الأوكراني وليس تدميره
ولكن ألا يمكن أن تكون هناك فرضية أخرى عن مسار العملية العسكرية؟ فرضية لا توردها الصحف الغربية، وقد لا تخدم مصالح الغرب؟ يقول الكاتب اللبناني عامر محسن في مقالة بصحيفة الأخبار: إن الأسبوع الأول حمل بالفعل مفاجآت متمثلة في أن نمط الهجوم الروسي وشكله يختلف عما افترضه الجميع مسبقًا، والذي تمثل في الغزو على الطريقة التقليدية، «بحرب جوية لإسكات دفاعات الخصم، يليها اجتياح بري بقوات ثقيلة تخترق خطوط العدو، تتبعها أنساق أخرى خلفها (تنظّف) وتمسك الأرض».
لكن الذي فعلته روسيا على الأرض كان مخالفًا لذلك؛ فقد بدا أن روسيا «لم تنتظر إسكات سلاح الجو الأوكراني بالكامل، ودفعت بقوات روسية لتخترق على محاور عديدة، وتتمدّد في العمق داخل الأراضي الأوكرانية. وهذه القوات لم تقم على الإمساك بالأرض في شكلٍ منهجي، بل تقدّمت على الطرقات الرئيسة بسرعةٍ نسبيًا، لتبقى معرّضة للهجمات من الخلف والأطراف، فتقع خسائر كثيرة، وتجد بعض الوحدات والقوافل قد تعطّلت، أو جرى تركها على الطريق. فوق ذلك ظهر أن الكثير من هذه القوات لم يكن مكوّنًا من وحدات ثقيلة ودبابات، بل من مدرعات خفيفة ومصفحات مدولبة صغيرة، من السهل نسبيًا تدميرها».
يميل محسن إلى رفض التفسيرات الغربية، ويشكك في إمكانية أن يكون الجنرالات الروس قد خفيت عنهم إشكالات يعرفها حتى غير المختصين، مثل المشكلات اللوجستية، أو أن الجيش الروسي قد لا يعرف الجيش الأوكراني، لكي لا يكون مستعدًا لقتاله؛ خصوصًا أن الجيش الروسي يقاتل الأوكرانيين في الدونباس طوال الأعوام الثمانية الماضية.
يرى محسن أن عقيدة الجيش الروسي قد لا تكون مشابهة لعقيدة الجيوش الغربية، والتي تعتمد تدمير القوات الرئيسة للعدو، أو إجبارها على التراجع إلى خطوط خلفية، كما لا يحاول الالتفاف عليها عبر «كماشات» تشكلها قوات مدرعة ثقيلة تخترق دفاعات العدو، وتناور على مساحات كبيرة.
بل يقدم فرضًا آخر بموجبه تكون الخطة الروسية تهدف إلى التقدم في المرحلة الأولى بسرعة قصوى ومن عدة جبهات لخلق ممرات آمنة تنتشر وتمتد في مناطق لا مقاومة حقيقية فيها، دون السيطرة على الأرض والمدن من حولها، وفي المرحلة الثانية ستستخدم هذه الشبكة قوات ثقيلة، هدفها إقفال طرق متعددة على القطعات الأساسية للجيش الأوكراني، ومحاصرتها في جيوب.
نمط «الجيوب» هذا يضمن «أن يجري حصار أغلب القوة المقاتلة للجيش الأوكراني وتحييدها، بدلًا عن خوض حرب مواجهةٍ معها، وتراجع من خط دفاعي إلى آخر (أغلب الوحدات الأوكرانية الفاعلة هي متمركزة في الخطوط الأمامية في الشرق والجنوب، قرب جبهات دونتسك، ولوهانسك، والقرم، وأوديسا، وكييف، ولو تمّ حصارها أو إجبارها على الاستسلام، تكون أكثر القوة الرسمية للجيش الأوكراني قد عُزلت. وحدود الجبهة مع دونتسك ولوهانسك، التي تعجّ بالوحدات الأوكرانية، هي الوحيدة التي لم يجر التقدّم الروسي فيها والاصطدام بها، بينما تتقدم الطوابير الروسية حولها وفي كلّ مكانٍ آخر)».
ويقول محسن: إن طبيعة أوكرانيا وأراضيها تناسب هذا النوع من العمليات، فأرض أوكرانيا مسطحة، لا جبال فيها على سبيل المثال، وهي مناسبة تمامًا لمثل هذه التكتيكات في الحرب، وبالفعل فإن القوات الروسية انطلقت بشكل مسرع في الأيام الأولى، لكنها لم تصطدم بدفاعات مدينة كييف على سبيل المثال، وهي ما تزال تحاول السيطرة على خاركيف.
لذا فعندما بدأت القافلة الروسية إبطاء سيرها نحو كييف، فسر الإعلام الغربي ذلك بالأعطال والمشاكل اللوجستية، وانهيار المعنويات والمقاومة غير المتوقعة، لكن القافلة ومنذ أيام عادت للحركة، وبدأ الإعلام الغربي بمحاولة تفسير ذلك بان الجيش الروسي حل مشاكله اللوجستية السابقة، وربما في قادم الأيام تنجح هذه القافلة في إطباق حصار على كييف، وربما السيطرة عليها، وفي حال حصول ذلك قد تختفي تفسيرات عدم الكفاءة واللوجستيات.
في الأسبوع الماضي، ذكر مسؤول رفيع في البنتاجون أن 90% من القوات الروسية لم يلحق بها أي ضرر، وهي جاهزة للقتال، وهذا متعلق بالقوات في أوكرانيا فقط، لا بالجيش الروسي بشكل عام، وهذا لا يعني أن الـ10% الأخرى التي تضررت قد انتهت بالكامل، أو أنها غير قادرة على القتال مطلقًا، رغم أن التقارير الغربية تتحدث عن خسائر ضخمة جدًا في الآليات والأرواح.
كما أن نفس الجيش الروسي غير الكفؤ وفقًا للإعلام الغربي، ومنهار المعنويات، والذي يعاني من مشاكل لوجستية بحسب تلك الرواية، و«الفاشل» في الشمال والشرق، وتحديدًا حول خاركيف وكييف، هو نفسه الجيش الذي يحقق إنجازات معتبرة في الجنوب، ويتقدم بشكل ثابت نحو ما يُفترض أنه ربط بري للقرم بالدونباس، وبالتالي بالأراضي الروسية.
رغم أن الرواية الغربية لا تقدم إجابات عن سؤال سر النجاح الروسي في الجنوب، مقارنة بالشمال والشرق، إلا أن المصادر الغربية، تضطر لذكر التقدم الروسي لانه أوضح من أن يجري إنكاره لكنها لا تصفه بالنجاح، والملاحظ أن التقدم الروسي حتى الآن يحصل في مناطق أقل كثافة بالسكان، ومتباطئ في المناطق كثيفة السكان.
وبحسب كل من أندري ودينيس، فإن الروس عمومًا يرون في الشعب الأوكراني شعبًا سلافيًا شقيقًا، لا يمكن بحال من الأحوال قبول قتله وتدمير مدنه، رغم دعمهم للعملية العسكرية الروسية، ويرون أن الجيش الروسي يأخذ هذا في عين الاعتبار، ويحاول تقليل الخسائر البشرية.
ويقارن دينيس بين القصف الروسي على أوكرانيا، والقصف الروسي في المدن السورية، وشدد على قناعة الشعب الروسي بإمكانية محو المدن الأوكرانية، دون الحاجة حتى إلى الدخول البري، إلا أنه مقتنع بأن الجيش الروسي لا يريد ذلك.
وبحسب يزن، الطالب العربي في بنزا، فإنه وخلال مناقشته للعديد من الروس حوله، وعندما أراهم صور وأشرطة الفيديو المتعلقة بالعملية العسكرية، وتحديدًا تلك التي تظهر آليات مدمرة أو متعطلة، بفعل المضادات الأوكرانية، أو لأنها علقت في الطين على سبيل المثال، كان الجميع يجيبونه أن هذه الآليات قديمة جدًا، وأن القوة الحقيقية للجيش الروسي لم تُستخدم بعد على أرض المعركة.
وهي ملاحظات تدعم الفرضية المقابلة لفرضية الغرب عن الفشل الروسي، وتضيف أن الجيش الروسي يحاول أن يخلي المدن الأوكرانية بشكل سلمي من المدنيين، قبل أن يبدأ ضغطه العسكري الفعلي عليها، ويطبق حصارًا على هذه المدن، قد يجبر قطعًا من الجيش الأوكراني على الاستسلام، دون الاضطرار لخوض معارك كبرى.
وفي ظل استمرار النزوح من العاصمة مثلًا؛ فإن البطء الروسي قد يكون مبررًا ضمن حسابات مختلفة عن حسابات الغرب، وقد يكون منطقيًا أن الجيش الروسي لم يطبق حصاره، رغم أنه ما يزال يتقدم باتجاه ذلك، كما تظهر الخرائط، مع إبقاء مجال مفتوح أمام من يريد الهروب.
وتورد «TRT» التركية نقلًا عن خبير عسكري وجهة نظر مختلفة نوعيًا عن وجهة النظر الغربية، وهي وجهة نظر ضابط متقاعد من الجيش الأمريكي، ومحاضر في التاريخ في جامعة المارينز، وهو د. إدوارد إريكسون، الذي يقول: إن التغطية الإعلامية تركز حصرًا على المستوى التكتيكي من الحرب، ولا ترى إلا الجانب الأوكراني من القتال، مع تعاطف من قبل المراسلين مع الجانب الأوكراني، وهو لا يصدق أن أداء الجيش الروسي بالسوء الموصوف من طرف الإعلام الغربي.
فعلى مستوى عملياتي، وهو المستوى بين التكتيك والإستراتيجية، يرى إريكسون أن الروس يقومون بحملة متكاملة، وحتى الآن يبدو الأداء الروسي فيها جيدًا، فهم يتقدمون على أكثر من محور، ويحرزون نتائج مهمة بشكل يومي؛ فقد قامت القوات الروسية بعزل خاركيف، وفي نظره فإن القوات الروسية ستعزل كييف قريبًا.
وهو يؤكد أيضًا أن الجيش الروسي لم يستخدم حتى الآن قدراته النارية الكاملة، بل إن الروس لم يستخدموا كثافة نيران عالية في أي مكان، ولم نشهد حتى اللحظة قيام القوات الجوية الروسية بعمليات ضخمة حتى الآن.
وستكون الأيام والأسابيع القادمة كفيلة بأن نعرف مدى نجاح هذه العملية، لكن قد لا نتمكن من تحديد أي التفسيرات كان الأصح، في ظل أن الخبراء الأمريكيين أنفسهم يشككون في القدرة على الوصول إلى معلومات وبيانات كافية من جانب الروس، في ظل التعاطف مع الجانب الأوكراني من طرف الإعلام والمراسلين.
الأثر «المدمر» للعقوبات الاقتصادية vs التطبيع معها
لا يسع أي مراقب محايد أن يفهم التغير الحقيقي الحاصل في حياة المواطنين الروس قبل شهور، وربما سنوات حتى من الآن، فهناك حاجة لبيانات مفصلة عن الأسعار، وعن توافر السلع، بما في ذلك بيانات البنك المركزي الروسي، واستطلاعات رأي من مختلف شرائح الشعب الروسي.
وحتى إذا حاولنا أن نستشف الآثار الحالية خلال الأيام القليلة الماضية؛ فيجب علينا التنبه إلى اختلاف الشرائح الروسية، واختلاف مشترياتها، وحاجاتها اليومية من المنتجات المختلفة، وتحديدًا مدى شرائها للمستوردات من الخارج.
ففي عام 2020 وبمقارنة روسيا بكل من الصين، وتركيا، وإيران، يمكننا أن نقول إن روسيا استوردت أقل بشكل ملحوظ من كل من تركيا وإيران (رغم أن إيران قبل حرب أوكرانيا كانت تعاني من عقوبات أكبر بكثير من روسيا)، بينما استوردت الصين أقل من روسيا، بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي لكل بلد.
وبطبيعة الحال فكلما ازداد اعتمادك على المستوردات من الخارج، كلما كان أثر العقوبات أكبر عليك، وعلى الشرائح القريبة منك، والناس الذين يشبهونك إجمالًا في نمط معيشتهم، والأمر مختلف طبعًا بين المدن الروسية، فالنخب والطبقة الوسطى سيتركزان في مدن مثل موسكو، وسان بطرسبرج، وسيكونان أقل تركزًا في مدن مثل بنزا وساراتوف.
وقد لجأ الغرب مؤخرًا إلى خيار العقوبات الاقتصادية في مواجهة موسكو، ردًا على الهجوم الروسي على أوكرانيا، ووصلت إلى عقوبات ذات حد غير مسبوق، حتى وصفت بأنها «خيار نووي اقتصادي»، تضمن حظرًا للتجارة، وفصلًا لبنوك روسية عن نظام «سويفت» العالمي، وعقوبات على البنك المركزي الروسي، وتجميد أرصدته، وأرصدة رجال أعمال روس تربطهم علاقات بالكرملين، ومسؤولين في الإدارة الروسية.
ورغم أن العقوبات تأخذ زمنًا لتؤتي أكلها؛ إلا أن الغرب يتوقع أنها ستؤدي إلى أضرار بالغة بالاقتصاد الروسي، وأن الدولة الروسية بدأت بالفعل في الإحساس بأثر هذه العقوبات وحجمها؛ على الأقل على مستوى الانخفاض غير المسبوق للروبل؛ والذي وصل إلى 117 روبل للدولار الواحد، بعد أن حطم أرقامًا قياسية تجاوزت 150 روبل للدولار في اليوم التالي للحرب.
1- أثر العقوبات الغربية في الإعلام الغربي
قد لا يفرق الإعلام الغربي بين شرائح الشعب الروسي من النواحي السالفة الذكر؛ بل يمكننا القول إن الإعلام الغربي لن ينقل إلا الجوانب التي تثبت فاعلية العقوبات على الحياة اليومية في روسيا، والعقوبات كما أثبتت في كل حالات تطبيقها على بلدان أخرى، ليست عقوبة للسلطة فحسب؛ بل هي عقوبة للشعب أيضًا، طالما أنه لا يتحرك ضد السلطات التي لا يحبها الغرب.
ويذكر تقرير لـ«BBC» أن التضخم في روسيا ارتفع 2.2% في أول أسبوع من الحرب عما كان عليه في العام الماضي، وهي نسبة كبيرة لأسبوع واحد، وقد تتطور إلى نسب ضخمة جدًا لاحقًا، ما لم تستطع الدولة الروسية السيطرة على هذا الارتفاع، وإحدى هذه الخطوات حتى الآن ما يذكره التقرير نفسه عن أن الحكومة أوعزت بعدم رفع الأسعار بأكثر من 5%.
وبحسب التقرير فإن السلع لم تختف عن أرفف المحلات بعد، في استحضار لمشاهد شهيرة من الأيام الأخيرة للاتحاد السوفيتي، وتنقل عن أحد سكان وسط موسكو أن الغذاء لن يختفي، ولكن سيرتفع سعره.
لكن كثيرًا من المشاهدات المرصودة من قبل التقرير تتعلق أساسًا بمواد مستوردة من الخارج، ومن الطبيعي أن يرتفع سعرها، ويستمر التقرير في ذكر منتجات أخرى شبيهة، مثل الهواتف المستوردة، وخدمات متعلقة بشبكة الإنترنت، حظرتها الحكومة الروسية، أو حُظر استخدامها من الخارج، ومواطنين يستخدمون بعض التطبيقات الإلكترونية مصدرًا للرزق.
تقرير آخر أكثر شمولًا من الأول، يتحدث عن خسائر المواطنين الذين استثمروا في البورصة الروسية، والتي انخفضت قيمة أسهمها بشكل كبير منذ بدء الحرب، وآخرين يعتمدون «YouTube» وما يشبهه مصدرًا للرزق، وهو خيار لم يعد متوافرًا بعد الحرب، لكن التقرير يذكر حالات قليلة لمواطنين عاملين، ولكن لا يمتلكون مدخرات لاستخدامها، إلا مدخرات يمكن إنفاقها لشراء تذاكر للخروج من روسيا.
وإجمالًا تتركز التغطية الغربية على شرائح معينة من الطبقة الوسطى، وأغنياء روسيا، والذين تربطهم مصالح بالغرب، أو يستهلكون منتجاته بشكل كبير وأساسي في حياتهم، أو على الأقل يعيشون نمطًا قريبًا من النمط الغربي، ويخططون لمغادرة روسيا بمجرد استطاعتهم ذلك.
2- أثر العقوبات الغربية على البسطاء
«أستطيع العيش طالما هناك حنطة سوداء»، هكذا يورد الطالب العربي في بنزا مثلًا روسيًا يعبر اليوم عن حالة أغلب «البسطاء» في روسيا، والذين يرون أنهم ليسوا في حاجة لكثير من المنتجات الغربية، وهو ما يؤكده دينيس وأندري في مقابلتهما مع «ساسة بوست» .
فأندري، ودينيس ويزن لم يشعروا بأثر كبير العقوبات بعد، ويعلمون أن الناس سيشعرون بهذا الأثر لاحقًا، بناء على تجربة العقوبات السابقة منذ 2014، إلا أنهم يرون أن الأثر الحالي، والآثار السابقة ليست ضمن ما لا يمكن احتماله.
أندري، وهو ابن مدينة ساراتوف الصناعية، ويسكن مع عائلته بعيدًا عن وسط المدينة، يقول إنه لن يشعر بأثر هذه العقوبات؛ لأن عائلته تمتلك زراعتها الخاصة، وتأكل مما تنتج من محاصيل، لكنه يعلم أن أناسًا آخرين سيتأثرون بهذه العقوبات.
وعند سؤاله عن إجراءات الحكومة لمواجهة أثر العقوبات أجاب أنه يتمنى رؤية ذلك، لكنه لم ير تحركًا مؤثرًا للدولة خلال الأعوام الثمانية الماضية، وبعض السلع ارتفعت ارتفاعًا جنونيًا، مثل السكر، لكن المواد الأساسية في العموم متوفرة، وغالبيتها من إنتاج روسيا، وهو أمر مطمئن بالنسبة له.
أما يزن فقد لاحظ في بنزا أن بعض السلع عليها عروض بأسعار أرخص مما قبل الحرب، ويتوقع أن ذلك قد يكون رسالة من الدولة للجبهة الداخلية، فهو الآن يشتري الدواجن على سبيل المثال بسعر لم يكن يجده قبل الحرب، ومن شركة يساهم فيها أحد البنوك الروسية، والمفروض عليه عقوبات غربية مشددة، وهو ثاني أكبر بنوك روسياة بنك «VTB».
أما دينيس (الذي شهد أواخر سنوات الاتحاد السوفيتي) فيعلق على التخفيضات والعروض قائلًا إن روسيا اليوم ليست روسيا التسعينات؛ فعلى سبيل المثال لا تستورد روسيا الدواجن بالأطنان من الخارج، كما كان الحال بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، بل تمتلك كل مدينة مزارعها الخاصة، وهو أمر مطمئن بالنسبة له بأن روسيا تستطيع الصمود اقتصاديًا في هذه الحرب.
يفرق أندري ودينيس بين فئات مختلفة من الشعب الروسي، فالناس البسطاء يعيشون دون استهلاك لكثير من المستوردات، وهم قادرون على الصمود طويلًا دونها؛ فهم يستطيعون تخيل الحياة دون «آيفون» أو «ماكدونالدز»، لكنهم يعلمون أن فئات أخرى من الشعب الروسي لا تستطيع ذلك، وخصوصًا الطبقة الوسطى والنخب الروسية، المرتبطة كثيرًا بالغرب، أو على الأقل بنمط حياته، وغالبيتهم من فئة الشباب.
بحسب أندري فإن النخب الروسية تنقسم لقسمين: أولهما مصالحه مرتبطة بروسيا بالدرجة الأولى، وهي مع المصالح السياسية للدولة، والأخرى مرتبطة بالخارج وبالغرب، وهؤلاء غالبيتهم خرج من روسيا أو يخطط للخروج، وبطبيعة الحال هم رافضون للحرب.
والطبقة الوسطى تنقسم بشكل مشابه وإن اختلفت بأن ارتباط مصالحها المباشرة بالغرب أقل، ولكن كثيرًا منهم يرتبط بالغرب ثقافيًا، وفي نمط حياته واستهلاكه اليومي، وهذا يُشاهد غالبًا في فئة الشباب، وخصوصًا الجامعيين منهم، لكنهم لا يمثلون عموم «بسطاء الناس» في روسيا.
غالبية هؤلاء البسطاء بحسب من قابلناهم، يؤيدون العملية العسكرية، ويرون فيها ضرورة لروسيا، ويرون أن بقدرتهم احتمال أثر العقوبات مستقبلًا، وهم لم يلاحظوا حتى الآن أثرًا كبيرًا لها في حياتهم؛ باستثناء بعض المنتجات الأساسية المستوردة من الخارج، وبعضهم يعتمد في استهلاكه اليومي على ما ينتج، مثل أندري نفسه، وهم بالتالي لن يتأثروا بارتفاع أسعار المنتجات، فكيف يكمن رؤية السردية الغربية عن العقوبات؟
يقيس الإعلام الغربي الأثر الناتج عن العقوبات في كثير من الأحيان عن طريق احتساب التغير في قيمة الروبل، وهو منطق يستخدمه بعض الروس أيضًا نظرا لاستهلاكهم كثيرًا من المستوردات في الخارج، ولكن انخفاض قيمة الروبل، وارتفاع سعر المستوردات نتيجة لذلك، لن يضر كثيرًا بأسعار المواد التي يعتبرها السواد الأعظم من الناس أساسية لحياتهم، مثل الحنطة السوداء.
كما أن الدولة الروسية أبدت إشارات لقيامها بخطوات لمواجهة العقوبات، منها تأميم المصالح الغربية على الأراضي الروسية، كما أن النهج العام للدولة الروسية يحاول أكثر وأكثر الاعتماد على الداخل، وربما مستقبليًا الاستفادة من تجارب دول أخرى في التغلب على العقوبات، وربما التحايل عليها أيضًا.
وقد تستخدم هذه الأصول المؤممة في صالح الاقتصاد الروسي، وفي صالح توظيف من فقد عمله نتيجة لخروج هذه الشركات، وإعلان إغلاق أعمالها في روسيا، كما أن بعض الروس يرون أن من الممكن أن تكون لهذه العقوبات آثار إيجابية في المستقبل، بأن يتجه الاهتمام الروسي في الاقتصاد إلى الداخل، وتستثمر روسيا انقطاع علاقاتها الاقتصادية بالغرب في الداخل الروسي، بحسب أندري، الذي قال إن جزءًا من الشعب الروسي، وهو منهم، يرغبون أن تستخدم الدولة الروسية قدرًا أكبر من «المركزية»، وإدارةً أكبر للاقتصاد والسوق، وتوجيهًا لقدرات روسيا الكبيرة إلى الداخل، وهو رأي يستحيل سماعه في منصة صحافية غربية.
ساسة بوست
اقرأ ايضاً:عون: لبنان لم يعد قادرا على تحمل أعباء وأحمال النزوح السوري