فاقت جهود المعنيين برسم استراتيجية الكهرباء وتنفيذها في البحث عن تبريرات تردي الوضع الكهربائي كل الجهود المبذولة لإنقاذ هذا القطاع والنهوض به. لدرجة أن البعض أصبح يظن أن تبرير التردي هو الإستراتيجية.
فليس من المعقول أن تستمر الأمور في التراجع لدرجة وصل بها البلد حالة غير مسبوقة من التردي الاقتصادي وتدني المعيشة. فالمعامل تعمل بحدود دنيا ، والورش متوقفة والحرفيين وأصحاب المهن هجروا أعمالهم و هجرتهم الناس لضعف الإمكانات وعدم كفايتها بأبسط متطلبات العيش .
مشكلة الكهرباء بات يعرفها القاصي والداني. يعرف أن تدميراً كبيراً طال الشبكة ومكوناتها ومحطات التوليد، ويعرف أن كميات الوقود انخفضت بشكل كبير أيضاً. ويعرف آثر العقوبات على توريد قطع التبديل ، ويعرف صعوبة التمويل و التحويلات المالية إن توفرت ، ويعرف بهجرة الخبرات. ولكنه يعرف ايضا أن المبالغ التي تم صرفها على صيانات المجموعات. و التي لم تدم لأكثر من ايام وبمردود متدني كانت كافية لتوريد عدد من مجموعات التوليد المتنقلة. التي يمكن تشغيلها بكفاءة عالية ومردود مضاعف وبنفس كميات الوقود وربما بمبالغ اقل مما تم صرفه على الصيانات.
مجموعات التوليد
المواطن يعرف أن هناك مجموعات توليد استطاعتها تزيد على ١٣٠ ميغا وات ولكنها لا تنتج أكثر من ٣٠ ميغا وتستهلك كمية إنتاج ١٣٠ ميغا ، والمواطن يعرف أيضاً أن الرياح التي جعلت من أغصان الأشجار باتجاه واحد في عدة مناطق كافية لتوليد كهرباء لكل سورية. كما يعرف أيضاً أن كلفة العنفات الريحية أصبحت تماثل كلفة العنفات التقليدية. عدا عن كونها لا تحتاج الوقود ولن يكون لها أثر على صحة الإنسان ولا على البيئة اللهم بإستثناء ما يمكن أن يصطدم بها من طيور. ولكن أهم من كل ما سبق أصبح المواطن مدرك جيداً أن التوليد الشمسي لا يمكنه إعطاء مردود جيد وبالتجربة لأن كفاءته وطبيعة الكمون لا يمكن أن يشغل حتى المحركات البسيطة إلا لفترات قليلة من النهار .
من ناحية أخرى فإن التقنيات خفضت من أسعار كلفة إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة بشكل كبير.كما زادت من إمكانية الإعتماد عليها لنسبة عالية تزيد على ٤٠ % ولا سيما طاقة الرياح. فعلى أي اساس يعاند القائمون على رسم استراتيجية التوليد الكهربائي كل ما يسير به العالموهم مصرون على التفرد في الاتجاه ؟
عقلية التبرير
إذا بقيت عقلية التبرير مُسيطرة على راسمي استراتيجيات التوليد فإن هذا القطاع سيصل إلى لحظة انهيار حقيقية. وقد يسبقه قطاع توزيع ونقل الكهرباء الذي أصبح عاجزا عن تأمين التجهيزات وقطع التبديل التي خسرت عمرها بكثرة القطع والوصل وتضاعف الأحمال ، ووضع عمالتها وخبراتها التي تقوم بجهود كبيرة وتستحق التقدير والاحترام لن يكون احسن حالا مع سياسة العناد المفضوح .
أحد السياسيين رد على أحد تجار الأسلحة عندما قال له تاجر الأسلحة” ان شاء الله بتحقيق السلام ” فكان رد السياسي ” والله اذا بصير السلام تتجوع انت و أحفادك وأحفاد أحفادك” هذا الكلام بات يقينا عند كل مواطن بموضوع مشكلة الكهرباء. كما أنه بتحسن الكهرباء ستتضرر شريحة مستوردي البطاريات والليدات والمولدات والشواحن و منفذي الصيانات وسلسلة طويلة من ذوي العلاقة.
خسائر البلد الاقتصادية وتدني الحالة المعيشية للمواطن هي نتيجة غياب التيار الكهربائي فاقت كل التوقعات. ومازال البعض يراهن على تحسن الطقس و تركيب مجموعات توليد تقليدية جديدة في وقت هم يتحدثون فيه عن نقص الوقود. فما هو المصير الذي ينتظر هذه المجموعات، ربما الرهان على مردودها المرتفع الذي سيتأكل سريعا بسب النقص الكبير بالتوليد .
سنسيريا – معد عيسى