السبت , نوفمبر 23 2024
بايدن يستعد لمقاضاة السعودية بتهمة “التآمر” لرفع أسعار النفط

بايدن يستعد لمقاضاة السعودية بتهمة “التآمر” لرفع أسعار النفط

يقول جوش روغان كاتب الأعمدة في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكيّة، إن المنطق الأمريكي في العلاقة مع السعوديّة (محمد بن سلمان) والإمارات (محمد بن زايد)، أن الأخيرين مسؤولان “عن استقرار أسواق النفط”، وهو ما لم يتم الآن، ويتساءل ما العائد من استثمارنا في هذين الرجلين؟.

هذا التساؤل الذي قدّمه الكاتب روغان، تساؤل عريض مطروح ويتكرّر أمريكيّاً وغربيّاً، في ظل إصرار السعوديّة، ومن خلفها الإمارات، على عدم زيادة الإنتاج النفطي، وبالتالي خفض أسعار البنزين (سجّل فوق 4.30 دولار للغالون) في أمريكا، وهو أمر بدأ يُشكّل تهديدًا لشعبيّة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وإمكانيّة خسارته الولاية الثانية، وحتى المصالح الأمريكيّة بشكل عام، ويخدم مصالح روسيا، التي تخوض حربها في أوكرانيا، وتحتاج أوروبا نفطها وغازها، وفي ظل هذا الإصرار الخليجي، هل يُمكن أن تتخلّى أمريكا عن حلفائها الذين يتمتّعون بحمايتها، ومع ذلك يرفضون مطالبها، ويُقدّمون مصالح موسكو، على مصالح واشنطن؟.

تحرّك مجلس الشيوخ الأمريكي، وإقرار لجنته القضائيّة مشروع قانون (NOPEC) يُمكن أن يُتيح رفع دعاوى قضائيّة ضد مُنتجي النفط في منظمة الدول المُصدّرة للبترول (أوبك) وحلفائها بدعوى التآمر لرفع أسعار النفط، هذا المشروع قد يشي بنوايا أمريكيّة على الأقل للضّغط على حلفاء أمريكا النفطيين، وربّما الذهاب بعيدًا حال إقرار المشروع من مجلسي الشيوخ والنواب، ثم يُوقّعه الرئيس جو بايدن ليُصبح قانوناً.

قد يتّجه الرئيس بايدن نحو التوقيع على مشروع قانون يسمح بمُقاضاة حُلفائه النفطيين بواقع الضغوطات الاقتصاديّة التي يُواجهها، واللافت في هذا المشروع القديم الجديد المعروف باسم “نوبك” (لا لتكتّلات إنتاج وتصدير النفط) أنه جاء برعاية النائب الجمهوري تشاك غراسلي، والنائبة الديمقراطيّة إيمي كلوبوشار، أيّ أن ثمّة مخاوف بين الجمهوريين، والديمقراطيين على حدٍّ سواء، من استمرار الرفض السعودي والإماراتي لزيادة الإنتاج النفطي، كما حظي المشروع بتأييد 17 عُضوًا في اللجنة القضائيّة مُقابل رفض أربعة مع تزايد ارتفاع التضخّم.

وفي حال توقيع بايدن على مشروع القانون، وتحويله لقانون، يسمح الأخير المعروف باسم (نوبك) للمدعي العام الأمريكي مُقاضاة (أوبك) وأعضائها، ومنهم السعوديّة أمام محكمة اتحاديّة، إلى جانب مُنتجين آخرين مُتحالفين مع أوبك، مثل روسيا، وهؤلاء جميعاً وفق القانون “يتآمرون لخفض الإمدادات”.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هدّد فعليّاً عبر مصادر تقارير صحفيّة غربيّة، بتسعير إنتاجه النفطي باليوان الصيني حال إصرار الإدارة الأمريكيّة على تجاهله، ولعلّه سيُحوّل تهديده إلى واقع، حال إقدام الرئيس بايدن على المُغامرة والمُقامرة بالتوقيع وإتاحة مُقاضاة السعوديّة من خلال قانون (نوبك)، حيث الأخيرة كانت قد لوّحت العام 2019 ببيع نفطها بعملات غير الدولار، إذا ما أقرّت في حينها واشنطن نسخة سابقة من مشروع قانون (نوبك).

يبدو مشروع قانون (نوبك) هذا ورقة ضاغطة وقويّة بالنسبة لإدارة بايدن للضغط على السعوديّة ودفعها لزيادة الإنتاج النفطي، لكن الإدارة الديمقراطيّة التي توعّدت بتحويل المملكة لدولة منبوذة، تُدرك أيضاً أن خطوة مثل تلك (إقرار قانون نوبك، قد تُقوّض الدولار كعملة احتياط رئيسيّة في العالم حال باعت الرياض نفطها بعملات غير الدولار، ويزداد الأمر تعقيدًا لو اختارت الروبل الروسي، أو اليوان الصيني، لا تبدو الرياض في موقف الضعيف بالشكل الكامل.

اللجنة القضائيّة بمجلس الشيوخ الأمريكي من جهتها كتبت بلهجة حادّة بعد إقرارها مشروع القانون على موقعها الرسمي: “يشعر الأمريكيّون بالألم عند مضخة الوقود مع ارتفاع الأسعار القياسيّة، بينما تستفيد روسيا وفنزويلا وإيران ودول معادية أخرى..”، وأضافت: “نوبك هو مشروع قانون سيُساعد حكومتنا على تطبيق قوانين مُكافحة الاحتكار ضدّ هذه البلدان.. الرئيس ترامب دعم نوبك، كما فعل الرئيس بايدن عندما كان في مجلس الشيوخ. لذلك أحث زملائي على الانضمام إلي في دعم نوبك”.

ويُمارس البيت الأبيض نوعاً من الصمت الغامض بعد إقرار اللجنة مشروع القانون، ولم يّوضّح موقفه من المشروع، وما إذا كان بايدن سيرفضه، أو يُوافق عليه، وما إذا كان أساساً سيحظى مشروع القانون في الكونغرس بتأييد كاف للوصول إلى هذه المرحلة، ولكن ارتفاع أسعار البنزين الذي أوصل التضخّم إلى مُستوى غير مسبوق في الولايات المتحدة، قد يكون العامل الأساسي في إجماع الجميع على تحويل مشروع (نوبك) إلى قانون، في حين فشل سن القانون على مدار عشرين عاماً سابقة، في حين ينتظر المُتضرّرون الأمريكيّون من الدول النفطيّة أن تكون نسخته الجديدة مُنقذهم.

“رأي اليوم”- خالد الجيوسي

اقرأ أيضا: روسيا: لن نستخدم أسلحة نووية في أوكرانيا