سورية : هل نحن على أبواب انفراج اقتصادي قريب؟
د.عدنان صلاح إسماعيل
بدأت تلوح في الأفق بوادر انفراج سياسي تبشر بالدخول في مرحلة اقتصادية جديدة عنوانها العريض الاستراتيجي إعادة الإعمار وعنوانها الفوري تحسين المستوى المعيشي:
الحرب في سورية وضعت أوزارها بعد عشر عجاف وحرب كونية استهدفت كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وبدأ المناخ السياسي في التحسن الملموس بعد عودة العلاقات الدافئة مع الإمارات العربية المتحدة والحديث عن قرب عودة العلاقات مع مصر والسعودية وبعض الدول العربية.
وسط تسريبات صحفية غربية عن استعداد الاتراك للإنسحاب من إدلب وعودة المناطق الواقعة تحت سيطرة قسد بما فيها حقول النفط والقمح هي مسألة وقت الإطالة فيها هدفها سياسي لتحقيق مكاسب ليس أكثر.
الغرب أدرك ولو متأخراً أن ممارسة أقصى درجات الضغط الاقتصادي لم تجد نفعاً فلا الشعب السوري استجاب للضغوط وعدل من قراره ولا المؤسسات السورية انهارت تحت وطأة الحصار، صحيح أن الظروف الاقتصادية والمعيشية صعبة ومعقدة جداً إلى أبعد الحدود ولكن هذا التعقيد لم ينتقل للمسار السياسي كما كان مخططاً له وبدأ السحر ينقلب على الساحر فالأزمة الأوكرانية عقدت الأمور في البلدان التي استقبلت اللاجئين لاستخدامهم كورقة ضغط على الحكومة السورية.
المآزق السياسية للدول الغربية وحلفائها في الشرق الأوسط بدءً من اليمن إلى العراق مروراً بغزة إلى ليبيا كل هذا أصبح يشكل عنصراً ضاغطاً على حكومات هذه الدول للخروج بحفظ ماء الوجه كما يقال.
ما علاقة ذلك بالمرحلة القادمة وتوجهاتها الاقتصادية هنا يكمن بيت القصيد:
الدول الأوربية تحاول الخروج من المأزق الأوكراني وتداعياته الاقتصادية وهي التي ورطت به قسراً وهذا يتطلب حلاً مقبولاً مع الجانب الروسي، والجانب الروسي -كحليف استراتيجي- يجب أن يضع معالجة العقوبات على سورية ضمن سلة المفاوضات مع الجانب الأوروبي هذا من جهة ومن جهة ثانية الأوربيون لم يعودوا قادرين على تحمل تكاليف اللجوء واستخدام اللاجئين كورقة ضغط عليهم من تركيا كل هذا يقود في اتجاه واحد هو الانفتاح على الحكومة السورية.
الدول الخليجية باستثناء الإمارات وهنا أخص المملكة العربية السعودية بدأت تقرأ تغيراً في خارطة النفوذ الأمريكي وتراجعاً لعالم الأحادية القطبية وعليه بدأت تعيد حساباتها بدءً من موقفها من الأزمة الأوكرانية وعودة إلى الدفاتر القديمة في سورية والتحرك الاماراتي تجاه سورية برأيي برضا ومباركة وطلب سعودي.
من لا يقرأ التاريخ لا يمكنه تصور المستقبل ومن خلال التجارب الأمريكية السابقة اعتقد أن قسد خلال فترة قصيرة جداً ستجد نفسها وحيدة بلا أي تغطية وستسلم المناطق التي تحت سيطرتها بدون أي مكاسب لأنها أخطأت في قراءة التاريخ وفي تحديد الوقت الملائم للانعطاف وبرأيي وبعد كل الحصار وبمجرد استعادة حقول النفط والقمح تلقائياً ستتحسن الأجور عدة أضعاف ويتحسن الوضع المعيشي وبرأيي هذا أصبح حاجة ملحة للغرب أكثر من الحكومة السورية لحل مشاكل اللاجئين وإغلاق المخيمات.
المشهد