في خضم الحرب الباردة بالقرن الماضي، تابع العالم عن كثب وقائع سباق الفضاء بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية الذي تمكن بفضله البشر من تحقيق حلم بلوغ الفضاء والنزول على سطح القمر.
ولجعل هذا الحلم حقيقة، قام العديد من رواد الفضاء بتجارب وإنجازات محفوفة بالمخاطر دفع بعضهم حياتهم ثمنا لها.
إضافة لمأساة أبولو 1 عام 1967 وكارثة سويوز 11 سنة 1971 وحادثة المكوك تشالنغر التي أودت بحياة 7 رواد فضاء عام 1986، يذكر التاريخ وقائع مأساة المركبة الفضائية السوفيتية سويوز 1 (Soyuz 1) التي أودت عام 1967 بحياة فلاديمير كوماروف (Vladimir Komarov) المصنف كأول رائد فضاء يلقى حتفه أثناء عودته نحو الأرض.
نجاحات بالفضاء وشهرة عالمية
وكان كوماروف، المولود يوم 16 آذار/مارس 1927 بموسكو، التحق عام 1935 بالمدرسة واضطر سنة 1941 لمغادرتها بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية ليجبر على العمل بإحدى المزارع الجماعية السوفيتية. ومنذ نعومة أظافره، أبدى الأخير إعجابا كبيرا بعالم الطائرات حيث عمد لجمع صور للطائرات السوفيتية من المجلات والصحف واتجه في الآن ذاته لصناعة مجسمات خشبية بسيطة لمركبات طائرة.
ثم في سن الخامسة عشرة، قصد مدرسة موسكو الأولى للقوات الجوية وانتقل فيما بعد للدراسة بسيبيريا تزامنا مع اقتراب الألمان من موسكو.
ليتخرج بحلول العام 1945، كطيار دون أن يشارك بأية معركة جوية بسبب انتهاء الحرب العالمية الثانية. لاحقا، واصل كوماروف دراسته بجامعة الطيران العليا في باتيسك (Bataïsk) وتخرج فيها سنة 1949 برتبة ملازم بسلاح الجو السوفيتي. ورفقة 19 طيارا آخرين، اختير كوماروف عام 1960 للالتحاق بأول فرقة رواد فضاء سوفيتية عام 1960 وعيّن بعدها بعامين فقط كمعوض لرائد الفضاء بافل بوبوفيتش (Pavel Popovich) في خضم المهمة الفضائية فوستوك 4 (Vostok 4).
لكن خلال فترة الستينيات، حقق كوماروف شهرة عالمية عقب النجاح الباهر الذي حققه أثناء المهمة الفضائية فوسخود 1 (Voskhod 1) التي استمرت ليوم و17 دقيقة و3 ثوان.
فأثناءها، بعث رسالة من الفضاء للتهنئة ببداية الألعاب الأولمبية طوكيو 1964.
مركبة سيئة التصميم
لاحقا، نقل كوماروف للعمل على برنامج سويوز الفضائي رفقة كل من يوري جاجارين وألكسي ليونوف.
وأثناء تلك الفترة، لاحظ الجميع وجود العديد من المشاكل بتصاميم المركبة الفضائية فاتجهوا لمراسلة المسؤولين عن البرنامج الفضائي للاستفسار والتعبير عن قلقهم. ومع رفض مطالبهم، راسل جاجارين القائد السوفيتي ليونيد بريجنيف (Leonid Brezhnev) شخصيا أملا في لفت انتباهه لما يحصل.
ثم اختير سنة 1967، لقيادة المركبة سويوز 1 وعيّن زميله جاجارين كمعوض له. ومع ملاحظته للمعايير السيئة التي صممت بها هذه المركبة، وافق كوماروف على إنجاز المهمة أملا في إنقاذ حياة زميله جاجارين في حال قيامه برفض المهمة. وقبيل انطلاقه نحو الفضاء، اتخذ كوماروف إجراءات طالب من خلاله بأن تجرى جنازته بتابوت مفتوح، في حال وفاته، ليشاهد المسؤولون السوفيت فظاعة ما اقترفوه.
ويوم 23 نيسان/أبريل 1967، انطلقت سويوز 1 نحو الفضاء. ومنذ البداية، عانت المركبة من مشاكل تقنية عديدة بألواح الطاقة الشمسية مما تسبب في نقص حاد بالطاقة داخلها. وتدريجيا، تعطّل جهاز الاتجاهات بالمركبة التي سرعان ما فقد كوماروف السيطرة عليها.
لكن على الرغم من كل هذه المشاكل التقنية، تمكن من استعادة السيطرة على سويوز 1 واتجه للعودة نحو الأرض.
إلا أنه أثناء النزول، فشل في تشغيل مظلة الهبوط الرئيسة التي لم تنفتح بسبب خلل تقني.
وأمام هذا الوضع، حاول الأخير تشغيل مظلة النجدة التي التفت حول نفسها واحترق جزء منها لتصبح غير قابلة للاستعمال. وبسبب ذلك، ارتطمت الكبسولة التي تواجد بداخلها كوماروف بالأرض قبل أن تلتهمها ألسنة اللهب متسببة في مقتل رائد الفضاء السوفيتي كوماروف الذي لم يتبق منه سوى بضعة أجزاء متفحمة.
وأثناء هبوطه، أجرى كوماروف اتصالا مع المراقبين بمركز الفضاء السوفيتي. لكن أفراد المخابرات الأميركية المتركزون بإحدى القواعد الجوية قرب إسطنبول تمكنوا من اعتراض هذه المكالمة.
فسمعوا كوماروف يلعن المسؤولين السوفيت والقائمين على برنامج الفضاء السوفيتي لوضعه داخل مركبة فضائية مليئة بالعيوب، مؤكداً على علمه المسبق بحتمية وفاته داخلها!
العربية نت
اقرأ أيضا: لماذا قتلت “الزباء” نفسها؟ تعرفوا على قصة المثل القائل “بيدي لا بيد عمرو”