نشر موقع «19 فورتي فايف» تقريرًا للكاتب أليكس هولينجز، الذي نشره أساسًا في موقع «ساندبوكس نيوز»، ويتحدث التقرير عن المقاتلة الأمريكية «إن جي إيه دي» الشبحية القادمة التي يعكف على تطويرها برنامج الهيمنة الجوية للجيل القادم (Next Generation Air Dominance) التابع للقوات الجوية الأمريكية.
هيمنة جوية كاملة
في البداية، يشير الكاتب إلى امتلاك القوات الجوية الأمريكية، بعض المقاتلات الرائعة مثل مقاتلات الشبح «إف-35» و«إف–22»، وامتلاك روسيا والصين أيضًا مقاتلاتها الشبحية الخاصة بكل منهما. وقد لا يُشكِّل ذلك كله أهمية، مع اقتراب ظهور برنامج الهيمنة الجوية للجيل القادم، الذي قد يهيمن تمامًا على المشهد الجوي.
ففي الآونة الأخيرة، أعلن فرانك كيندال، سكرتير القوات الجوية الأمريكية، أن البرنامج ينتقل إلى المرحلة التالية من التطوير، بهدف نشر مقاتلة التفوق الجوي القادمة لأمريكا بحلول عام 2030. وهذا أسرع بكثير من معظم برامج المقاتلات، ويشير إلى تقدم الجهود تقدمًا جيدًا للغاية.
سيشمل برنامج الهيمنة الجوية للجيل القادم مقاتلة مأهولة، بالإضافة إلى طائرة دعم مسيَّرة، وبدأت الآن مرحلة التطوير الهندسي والتصنيعي والتطويري، والتي ستؤدي لاحقًا إلى الإنتاج الفعلي.
ويشير كيندال إلى أن القوات الجوية تحتاج إلى تسريع عملياتها لتحلق هذه المقاتلة في السماء. وكيندال ليس مخطئًا، إذ في المتوسط يستغرق الأمر من سلاح الجو، حوالي سبع سنوات من بداية مرحلة التطوير الهندسي والتصنيعي والتطويري إلى النقطة التي تصل فيها الطائرة إلى القدرة التشغيلية الأولية.
وضرب الكاتب مثالًا إلى أن عقد مرحلة التطوير الهندسي والتصنيعي لمقاتلة «إف-35 جوينت سترايك»، مُنِح في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2001، لكن «إف-35 بي» لم تصل إلى مرحلة القدرة التشغيلية الأولية حتى عام 2015. ووصلت «إف-35 إيه» لتلك المرحلة في عام 2016، ولم تصل «إف-35 سي» القدرة التشغيلية الأولية حتى عام 2019.
تسريع البرنامج
وحسب ما يستدرك الكاتب، يريد كيندال هذه المرة أن ينتقل سلاح الجو مباشرةً إلى مرحلة التطوير على الفور، وإدخال عائلة جديدة من أنظمة المقاتلات في غضون السنوات الثماني المقبلة.
ويوضح كيندال: «ما نميل إلى القيام به هو تقديم عرض توضيحي سريع، ثم يتعين علينا بدء برنامج التطوير الهندسي والتصنيعي والتطويري، وانتظار عدة سنوات أخرى، لأننا لم نبدأ المهمة التطويرية بعد. وإذا لم نكن في حاجة إليها لتقليل المخاطر، فعلينا أن نذهب مباشرةً إلى التطوير من أجل الإنتاج والوصول إلى الهدف بأسرع ما يمكن».
ويتماشى هذا الدفع لتسريع الجدول الزمني لتطوير برنامج الهيمنة الجوية للجيل القادم مع التقارير التي تفيد أن جهود البرنامج تتقدم تقدمًا جيدًا، مع ظهور طائرة استعراضية بتقنيتها الكاملة عام 2020. وقال كيندال: «لم تبدأ الساعة حقًا في عام 2015؛ إنها تبدأ الآن تقريبًا»، وأضاف: «نعتقد أنه سيكون لدينا القدرة التشغيلية بحلول نهاية العقد الحالي».
يوازي الجدول الزمني لعام 2030 أيضًا تصريحات سلاح الجو التي تشير إلى أن مقاتلة «إف-22 رابتور»، المقاتلة الأمريكية الحالية ذات التفوق الجوي من الدرجة الأولى، قد لا تكون قابلة للبقاء في المجال الجوي المتنافَس عليه بعد عام 2030. وعلى الرغم من التفاخر بما يُعد أصغر مقطع عرضي راداري لمقاتلة شبحية، لم تعد «إف-22» حديثة العهد، إذ حلقت الطائرة لأول مرة منذ ربع قرن.
وتطرَّق الكاتب إلى أن القوات الجوية أخرجت من خدمتها ما يقرب من خمس أسطولها من مقاتلات رابتور في وقت سابق من هذا العام، واختارت إحالة طائرات «إف-22»، التي لم تُصمَّم رموزها للقتال للتقاعد لصالح إعادة تخصيص الأموال لتحديث 150 طائرة شبحية متبقية أو نحو ذلك. ومن المحتمل أن تتفوق طائرة «إف-22» على أي مقاتلة تواجهها بحلول عام 2030، ولكنها قد لا تكون قابلة للصمود ضد أنظمة الدفاع الجوي المتكاملة الحديثة التي تستفيد من مقاربات مثل مصفوفات الرادار المتعددة الأجهزة ذات الإرسال والاستقبال.
هدف البرنامج
ويلفت التقرير إلى أنه على الرغم من الاعتراف بالبرنامج على نطاق واسع باعتباره برنامجًا يهدف إلى إنشاء عائلة جديدة من الأنظمة المقاتلة، إلا أن برنامج الهيمنة الجوية للجيل القادم كان في الواقع جهدًا تجريبيًّا ليس موجَّهًا نحو الإنتاج. وبعبارة أخرى، من الناحية الرسمية، لم يكن البرنامج يدور حول إنشاء منصة تشغيلية، بقدر ما كان يتعلق باختبار التقنيات التي يمكن دمجها عمليًّا في مثل هذه المقاتلة.
يقول كيندال: «لذلك كان لدينا أساسًا برنامج إكس- بلين (X-plane)، والذي صُمِّم لتقليل المخاطر في بعض التقنيات الرئيسة التي نحتاجها لبرنامج إنتاج»، ثم أضاف أنه «غير مهتم بأداء التجارب ما لم تكن خطوة ضرورية على الطريق إلى قدرة جديدة».
ماذا نعرف عن مقاتلة «إن جي إيه دي»؟
يوضح الكاتب أن برنامج الهيمنة الجوية يستمر في النضج وراء ستار من التمويل السري، ولكن تفاصيل محيِّرة ظهرت حول البرنامج في الأشهر الأخيرة، مما أدَّى إلى ظهور بعض جوانبه الرائدة إلى العلن.
وإذا كان من الممكن تصديق ما سمعناه عن هذه المجموعة الجديدة من الأنظمة، فإن برنامج الهيمنة الجوية سيقود إلى تحول كبير في الطريقة التي تقترب بها أمريكا من الهيمنة الجوية. وفي الواقع، قد تبدو الطائرة الناتجة وكأنها قاذفة أكثر من كونها مقاتلة في بعض النواحي.
وفي أواخر الشهر الماضي، كتب جون تيرباك، مدير تحرير مجلة «إير فورس مجازين»، مقالًا رائعًا عن برنامج «إن جي إيه دي» يلخِّص فيه كيف زاد تمويل هذه المقاتلة الجديدة وطائراتها الداعمة بمرور الوقت، ويقدم بعض الشائعات الأكثر موثوقية التي تخرج من مكاتب البنتاجون والقوات الجوية.
ومن خلال تغطيته والمناقشات العامة الأخرى لهذا البرنامج مع شخصيات من أمثال ويل روبر المدير التنفيذي السابق للاستحواذ في سلاح الجو، يبدو أن برنامج الهيمنة الجوية يتقدم تقدمًا جيدًا… وعلى عكس أي برنامج امتلاك مقاتلة جاء قبله.
مقاتلة «إن جي إيه دي» لن تحل محل المقاتلة «إف-22»
وينوِّه الكاتب إلى أن خط إنتاج «إف-22» توقف عند 186 هيكل طائرة فقط من أصل طلب أولي من 750 طائرة.
وفي وقت سابق من هذا العام، اقترحت القوات الجوية إحالة 30 من أقدم طائراتها من طراز «إف-22» خارج الخدمة (الطائرات التي لم تُبرمج رموزها مطلقًا للقتال واستُخدمت فقط للتدريب) وذلك من أجل إعادة تخصيص تمويل الصيانة الخاص بهم نحو التحديثات لبقية الأسطول.
ومع بقاء ما يزيد قليلًا عن 150 طائرة من طراز «إف-22» في الخدمة، أصبح الأسطول الأمريكي من مقاتلات التفوق الجوي من الجيل الخامس معرضًا للخطر، ويقول الكاتب إنّك إذا كنت تعتقد أن مقاتلات «إن جي إيه دي» الجديدة سوف تظهر لملء الفراغ على الفور، فمن المحتمل أن تكون مخطئًا.
ومع ذلك، هذا ليس بالضرورة أمرًا سيئًا. فهناك عدد من الأسباب التي تجعل برنامج المقاتلة «إن جي إيه دي» لا ينتج عددًا كبيرًا من المنصات المأهولة مثل تلك الموجودة حاليًا في مخزون «إف-22» الأمريكي، وأهمها أنه من المتوقع أن تطير مقاتلة «إن جي إيه دي» مع كوكبة من طائرات الدعم المسيَّرة.
ويمكن أن يسمح هذا لمقاتلة واحدة من «إن جي إيه دي»، برفقة طيارين بمسيَّرتين مسلحتين، بأداء أدوار التفوق الجوي التي تتطلب تقليديًّا عددًا أكبر من المقاتلات المأهولة. وبتكلفة متوقعة لكل هيكل طائرة تبلغ حوالي 200 مليون دولار لمقاتلة إن جي إيه دي التجريبية، سيقلل هذا النموذج الشعور بالدهشة والفزع المرتبط بتكلفة الشراء العالية.
ولكن هناك سبب وجيه آخر يجعل برنامج «إن جي إيه دي» لا يطمح إلى اقتناء مئات المقاتلات الجديدة في بداية دخول الطائرة الخدمة التشغيلية.
قال روبر في عام 2020: «البرنامج يدور حول بناء طائرة أفضل وأيضًا حول بناء الطائرات بشكل أفضل»، مضيفًا أن برنامج «إن جي إيه دي» التابع للقوات الجوية «قريب جدًّا» من تطوير نموذج اقتناء جديد للطائرات المقاتلة. ومن المتوقع أن تعمل طائرة «إف-35» لأكثر من 50 عامًا، في حين لن تدوم «إن جي إيه دي» قريبًا من هذا الوقت الطويل.
يعود تاريخ الأجزاء الأولى من برنامج «جوينت سترايك فايتر» إلى عام 1993، مع منح عقود التطوير لشركة لوكهيد مارتن بوينج في عام 1996. وسمِّي عرض «إكس-35» المقدم من شركة لوكهيد مارتن فائزًا في أكتوبر من عام 2001، وبدأت أول اختبارات طيران لطائرة «إف-35» في عام 2006 وقامت القوات الجوية بإطلاق أول طائرة «إف-35 إيه» في عام 2010. وفي عام 2016، تأجَّل إحالة طائرة «إف-35» خارج الخدمة إلى فترة من عام 2064 إلى 2070، وسيكون هذا بعد حوالي 64 عامًا من انطلاق الطائرة لأول مرة.
فترات خدمة قصيرة وتكلفة منخفضة
ألمح الكاتب إلى أن هذا العمر الافتراضي الطويل للغاية يأتي بفضل التكلفة الهائلة لبرنامج «إف-35»، ومن ثم فهو يحتاج ببساطة إلى أن يستمر لفترة طويلة من أجل تبرير نفقاته. ولكنه يأتي أيضًا نتيجة لنهج البنتاجون التقليدي في عمليات الاستحواذ القتالية والجداول الزمنية.
وكما أوضح روبر في أكثر من مناسبة، يتحول سلاح الجو بعيدًا عن المقاتلات التي امتدت لنصف قرن، وبدلًا من ذلك يتجه نحو عمليات إنتاج قصيرة من 50 أو 100 هيكل طائرة فقط والتي يُتوقع أن تظل في الخدمة لمدة 12 إلى 15 عامًا فقط. وهذا يعني تصميمات مقاتلة أحدث في الخدمة، وتقنيات جديدة تُطلق بانتظام، والأهم من ذلك، في نظر العقلية المالية، انخفاض كبير في تكاليف البرنامج الإجمالية.
ووفقًا لتقرير منشور في يوليو (تموز) 2021 صادر عن مكتب المساءلة الحكومية الأمريكية، فإن إجمالي تكاليف برنامج «إف-35» يبلغ حاليًا 1.3 تريليون دولار أمريكي، وهذا الرقم يمثل أقل من 400 مليار دولار من التكلفة الفعلية لشراء 2456 مقاتلة شبح لدى الحكومة الأمريكية تحت الطلب. وهذا يعني أن شراء طائرات «إف-35» لا يمثل سوى حوالي 30% من التكلفة الإجمالية للبرنامج، مع تخصيص معظم الباقي للاستدامة على مدار أكثر من 50 عامًا من الخدمة.
سلاح الجو يريد مقاتلات جديدة كل 10 إلى 15 سنة
ويتابع الكاتب قائلًا: من خلال التحول إلى برامج تطوير المقاتلات الأكثر تواترًا، يمكن للقوة الجوية نشر مقاتلات أكثر تقدمًا، وأكثر ملاءمة لمواجهة تهديدات الدفاع الجوي التي تنشأ في حينها، مع تفادي الغالبية العظمى من النفقات المرتبطة بهذه الأنواع من البرامج.
ومن المرجح ارتفاع تكاليف المشتريات الأولية على المدى القصير، ولكن من خلال اتباع نهج معياري لكل من هندسة الأجهزة والبرمجيات، يمكن ببساطة ترحيل الأنظمة التي لم تُستبدل أو تُحدَّث إلى المقاتلة التالية في التطوير. وسيؤدي ذلك إلى تقليل الوقت والتكاليف المرتبطة بالبحث والتطوير لكل طائرة تقليلًا كبيرًا.
لكن هذه الخطوة لا تتعلق فقط بخفض التكاليف، ذلك أن الولايات المتحدة حافظت على احتكارها لتكنولوجيا الطائرات الشبحية التشغيلية منذ عام 1983، عندما دخلت الطائرة «إف-117» نايت هوك الخدمة سرًّا لأول مرة، حتى عام 2017 عندما دخلت الطائرة الصينية «تشنجدو جيه-20» الخدمة.
وقد حققت هذه الصدارة التي دامت ثلاثة عقود أرباحًا، إذ لا يزال من الصعب اكتشاف الطائرات الشبح الأمريكية أكثر من الطائرات الروسية أو حتى الصينية. ولكن الآن بعد أن تدير هذه الدول طائراتها الشبحية خاصتها، فإن الحفاظ على هذه الميزة سيكون أكثر صعوبة.
ساحة تنافس
وذهب التقرير إلى أن هذه الدول لا تعمل على تطوير تصميمات طائرات شبح جديدة بسرعة فحسب، ولكنها تعمل أيضًا على تطوير تكتيكات وتقنيات تهدف على وجه التحديد إلى مواجهة ميزة التخفي الأمريكية، باستخدام منصاتها الخاصة لتحقيق ذلك.
وتشكل أنظمة الدفاع الجوي المتكاملة الجديدة التي تحتوي على مصفوفات رادار متعددة الأجهزة الاستقبال والإرسال، وأنظمة رادار منخفضة النطاق مضبوطة بدقة ومقترنة بأنظمة الكشف بالأشعة تحت الحمراء، وتحسين تكنولوجيا صواريخ أرض-جو باستمرار، تُشكل جميعها تهديدات متزايدة لأساطيل الشبح الأمريكية.
وقد يكون من الصعب للغاية في عام 2022، اكتشاف طائرة «إف-35»، ذات التصميم الخفي الذي أُنجِز إلى حد كبير في التسعينيات، ويبدو من غير المرجح أن تظل شبحيتها فعَّالة حتى ستينيات القرن الحالي.
ومن خلال تبديل الأنظمة المعيارية في تصميمات محسنة، يمكن للشركات التي تتنافس كل خمس إلى 10 سنوات على عقود صناعة مقاتلة جديدة الاستفادة من أحدث أنظمة الحرب الإلكترونية، ومواد الإنتاج الأكثر تقدمًا، وأحدث عناصر التصميم لمكافحة الكشف من النظم الموجودة في الخدمة وتلك التي تلوح في الأفق اليوم، بدلًا من توقع أن تصمد تكنولوجيا اليوم على مدى خمسة عقود من تقدم العدو.
مشاركة مفتوحة
وقال الكاتب إن البرنامج لن يكون حكرًا على شركة واحدة مثل مقاتلة لوكهيد مارتن «إف-35» أو مقاتلة نورثروب جرومان «بي-21»، لافتًا إلى أن فوز شركة لوكهيد مارتن على بوينج الذي فازت فيه الأولى بكل شيء يتعلق بعقد تطوير وتصنيع مقاتلة «جوينت سترايك» منحها ليس فقط التمويل للتطوير المستمر للمقاتلة، ولكن أيضًا لإنتاج الطائرة، ومن ثم الصيانة طالما كانت الطائرة في الخدمة.
وأعطى هذا لشركة لوكهيد قدرًا كبيرًا من النفوذ بشأن تحديد التكاليف، كما ترك مقاولي المقاتلات الأمريكيين الآخرين دون سبب وجيه يدفعهم لمواصلة البحث والتطوير في تصميمات المقاتلات المتقدمة. وبعد كل شيء، ومع وجود أكثر من ألفي طائرة من طراز «إف-35» قيد الطلب، لم يكن هناك سبب وجيه للشركات الكبيرة الأخرى لمواصلة العمل على التكنولوجيا القتالية.
ووفقًا لـ ويل روبر، فإن هذه الآلية التي يحصل فيها الرابح على كل شيء ليست الطريقة التي ستسير بها مشتريات برنامج الهيمنة الجوية للجيل القادم، ذلك أن سلاح الجو قسَّم بالفعل البرنامج إلى ثلاثة عقود منفصلة: واحد للتصميم، والثاني للإنتاج، والثالث للصيانة.
ونتيجةً لذلك، لا يتعين على الشركات الآن التنافس على أفضل مقاتلة فحسب، بل يتعين عليها أيضًا التنافس لمعرفة من يمكنه بناءها بكفاءة أكبر، وكذلك من يمكنه صيانتها بأكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة. وسيسمح هذا للشركات الأصغر بالدخول إلى حلبة المنافسة، إذ أن عددًا قليلًا فقط من الشركات في الدولة لديها البنية التحتية اللازمة لتصميم أسطول من الطائرات المتطورة وإنتاجها وصيانتها. والآن، يمكن للشركات المتخصصة في التصميم التنافس على عقد واحد، بينما يمكن للشركات التي قد تتخصص في الصيانة التنافس على عقد آخر.
وفي السنوات القادمة، قد تصبح شركات جديدة نجومًا في هذه المساحات الفردية، حيث تحصل الشركات الصغيرة ذات الأفكار الكبيرة على فرصة لكسب موطئ قدم في سوق المقاتلات الأمريكية. ومن الممكن تمامًا أن نرى تصميم «إن جي إيه دي» الفائز يأتي من شركة لم يسمع بها سوى قليل من خارج مجال الدفاع. وقد يشهد هذا التصميم الفائز في النهاية إنتاجًا من شركة أكثر رسوخًا مثل شركة لوكهيد مارتن، ومن ثم تضطلع شركة ثالثة بالصيانة.
بعبارة أخرى، يمكن أن تستمر مقاتلة «إن جي إيه دي» لعقود من الزمان، مع سلسلة كاملة من المقاتلات المختلفة التي تُنتج بينما تُدْخل القوات الجوية أنظمة معيارية جديدة في هياكل أحدث وأعظم التصاميم التي تقدمها أفضل العقول في الصناعة.
أكبر وأثقل كثيرًا مما تعتقد
وأضاف الكاتب أن خدمة أبحاث الكونجرس أصدرت تقريرًا في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020 عن برنامج الهيمنة الجوية للجيل القادم، تضمَّن كثيرًا من المعلومات التي أصبحنا جميعًا على دراية بها خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن جزءًا معينًا يبرز بوصفه جانبًا لم يناقشه سوى القليل منذ ذلك الحين:
وذكر التقرير: «لا يبدو أن هناك سببًا وجيهًا لافتراض أن برنامج «إن جي إيه دي» سينتج طائرة بالحجم الذي يجلس فيه شخص واحد، والتي تخرج وتقاتل حركيًّا، في محاولة للتغلب على طائرة أخرى، أو أن أجهزة الاستشعار والأسلحة يجب أن تكون على الطائرة نفسها».
وقد كُلِّف برنامج «إن جي إيه دي» بضمان الهيمنة الجوية الأمريكية على ساحات القتال في القرن الحادي والعشرين، لكن هذا لا يعني أنه يتعين عليه القيام بذلك بالطرق التي نتوقعها من مقاتلة.
وعلى مدى العقود القليلة الماضية، كان هناك شعور متزايد داخل أجهزة الدفاع الأمريكي بأن أيام المبارزات الجوية البهلوانية في نطاقات قريبة قد انتهت، وذلك بفضل أجهزة الاستشعار المتقدمة وأنظمة أسلحة جو-جو الطويلة المدى العالية القدرة. ويخضع صِحة الأمر من عدمه لنقاش كبير، ولكن هناك سبب للاعتقاد بأن القوات الجوية قد تتبنى هذا الخط من التفكير لبرنامج «إن جي إيه دي».
يمكن أن تكون المقاتلة الأمريكية الجديدة في الواقع مثل «سفينة تخدم سفنًا أصغر»، حيث تكلف طيارين بمسيرات ذوي قدرات عالية بأهداف مختلفة وتبني على عقلية «إف-35» الموجَّه في السماء، بدلًا من هيمنة المبارزة الجوية لمقاتلة إف-22.
يترك تقرير أبحاث الكونجرس مجالًا واضحًا لهذا التفسير لمهمة المقاتلة «إن جي إيه دي»:
«على سبيل المثال، قد لا تناور طائرة أكبر بحجم «بي-21» مثل مقاتلة. لكن تلك الطائرة الكبيرة التي تحمل سلاحًا موجهًا للطاقة، مع محركات متعددة تنتج طاقة كهربائية كبيرة لهذا السلاح، يمكن أن تضمن عدم تحليق أي عدو في مساحة كبيرة من المجال الجوي. وهذه هيمنة جوية»، حسب ما يضيف تقرير أبحاث الكونجرس.
وقد يستند هذا التأكيد، الذي صدر عام 2020، إلى تصريحات أدلى بها القائد السابق لقيادة القتال الجوي، الجنرال هربرت «هوك» كارلايل، في عام 2017 حول برنامج تمهيدي لبرنامج الهيمنة الجوية للجيل القادم يُعرف باسم «اختراق الطائرات القتالية». وكما ذكرت مجلة «إير فورس مجازين» في ذلك الوقت، اقترح كارلايل أن المقاتلة الأمريكية التالية قد تحتاج إلى سعة أسلحة أكبر، ومدى وقود، وقابلية منخفضة للرصد للرادار، قائلًا إنها قد تكون أشبه بـ«قاذفة بي-21» من إف-22.
تستخدم كل من «بي-22» وسابقتها «بي-2 سبيرت»، تصميمات للأجنحة الطائرة يصعب اكتشافها حتى على نطاقات الرادار ذات التردد المنخفض التي يمكنها حاليًا اكتشاف (وإن لم يكن استهداف) مقاتلات الشبح الأمريكية. ومع ذلك، تميل هذه التصميمات إلى عدم تقديم الدرجة ذاتها من القدرة على المناورة التي يمكنك الحصول عليها من المقاتلات المعاصرة.
يقول الجنرال كارلايل: «قد تكون أكبر مما نعتقد»، مضيفًا أن «القدرة على المناورة هي واحدة من تلك المناقشات، كما في حال الاختراق، ما هو مستوى المناورة الذي تحتاجه؟ نحن لا نعرف الجواب على ذلك حتى الآن».
ولئلا تعتقد أن هذه مجرد تصريحات قديمة، بدا أن الفريق ديفيد إس. ناحوم، نائب رئيس الأركان للخطط والبرامج، يردد صدى هذا الشعور في مارس (آذار) من هذا العام، عندما صرح تصريحًا واضحًا أن القوات الجوية تطور هذه المقاتلة مع وضع النطاقات الطويلة للغاية في الاعتبار. وقال: «لم نطور مطلقًا مقاتلة مع وضع نطاقات المحيط الهادئ في الاعتبار من قبل»، مضيفًا: «لذلك سيكون هذا هو الأول».
وعلى الرغم من احتمال أن تكون مقاتلة «إن جي إيه دي» أكبر كثيرًا مما توقعنا من مقاتلات التفوق الجوي، لا يزال من المتوقع أن تكون ذات أداء عالٍ. ويتكهن جون تيرباك بأن «إن جي إيه دي» ستكون قادرة على الطيران على الأقل بارتفاع وبسرعة المقاتلة «إف- 22»، مما يعني سقف خدمة يصل إلى 70.000 قدم وسرعة قصوى يحتمل أن تصل إلى 2.8 ماخ. وقد تكون هذه الفكرة مدعومة من ويل روبر الذي قال لوسائل الإعلام إن نموذج العرض لمقاتلة «إن جي إيه دي» ذي الحجم الكامل قد حطمت بالفعل كثيرًا من الأرقام القياسية، حسب ما يختم الكاتب.
ساسة بوست
اقرأ أيضا: أيّ من حلفاء روسيا سيكون الرابح الأكبر في ظل أزمة النفط؟