الجمعة , نوفمبر 22 2024
انخفاض سعر صرف اليورو مقابل الدولار

ما هي تداعيات انخفاض سعر صرف اليورو مقابل الدولار على الاقتصاد السوري؟

أثرت الحرب التي يشهدها العالم حالياً والتي كانت أوروبا ضحيتها، على قيمة اليورو فتراجع حتى وصل سعره دولاراً واحداً تقريبا، وذلك في مستوى تاريخي لم يُسجّل منذ طُرحت العملة الموحدة للتداول عام 2002، متأثراً من حدوث ركود في حال قيام روسيا بقطع تدفقات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي.

فما هي أسباب هذه الحرب وأهدافها؟ ومن المستفيد والرابح الأول منها؟ وما هي تداعيات انخفاض سعر صرف اليورو مقابل الدولار على الاقتصاد السوري؟

تناولت “سبوتنيك” مجمل هذه الأسئلة وغيرها في أحاديث خاصة مع وزيرة الاقتصاد السورية السابقة، لمياء عاصي، ومع الصناعي ورجل الأعمال السوري عاطف طيفور.

مقدمات رئيسية

عاطف طيفور، الصناعي ورجل الأعمال السوري المعروف قال لـ”سبوتنيك” إن “واشنطن ولندن أعلنتا الحرب على شعوب أوروبا، وهم غارقون بحكومات (عجوز)، تتبع للولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا، فالخبث باختراع عدو وهمي كما في كل بقعة جغرافية على الكوكب، وأخرها اختلاق وفبركة (العدو الروسي) لأوروبا، واستفزاز القارة بتجاوزات إقليمية وحدودية متعددة وبكافة القطاعات، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يكن إلا تمهيدا لحرب اقتصادية على شعوب أوروبا”.

من جهتها قالت وزيرة الاقتصاد السورية السابقة لمياء عاصي إنه: “لأول مرة ومنذ عام 2002، يتراجع اليورو ويصبح سعره دون عتبة الدولار، وبلغ مجموع تراجعاته هذا العام نسبة 12%”.

وأضافت الوزيرة السورية: “ثمة خشية من استمرار هذا التدهور في قيمة اليورو لأن أسباب ذلك ما زالت موجودة، وتعود بشكل أساسي إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث صنفت الدول الأوروبية بالضحية الأولى لتلك الأزمة، بسبب انقطاع الغاز الروسي وتأثير ذلك سلباً على اقتصاد تلك الدول نتيجة للعقوبات المجنونة التي فرضتها تلك الدول على روسيا”.

“أما السبب الثاني والمهم أيضاً” تضيف الوزيرة السابقة: “هو قيام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بتحريك الفائدة على الدولار الأمريكي صعوداً، ولأول مرة منذ 28 عاما يقوم الفيدرالي برفع الفائدة 75 نقطة، ومن المتوقع أن يصل سعر الفائدة على الدولار في الولايات المتحدة حوالي 3.5%، ونتيجة ذلك ارتفع سعر الدولار مقابل العملات الأخرى ومقابل الذهب والسلع الأخرى وسط ارتفاع معدل التضخم العالمي بتأثيرات وباء كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية التي أثرت على أسعار حوامل الطاقة والمواد الغذائية وغيرها”.

بريطانيا وأمريكا… وهدف الحرب

وتابع رجل الأعمال السوري: “هدف أمريكا وبريطانيا هو إضعاف وإخضاع جميع دول العالم وكل تحالف واتحاد وبقعة جغرافية.. الحرب بدأت على أوروبا منذ بدايات الاتحاد الأوروبي وسرعة نمو اليورو ليتجاوز 33% من الاحتياطي النقدي العالمي، ونهايتها إغراق أوروبا باللاجئين من مختلف بقاع الحروب والنزاعات الدولية وبدايتها ما يسمى الربيع العربي ونهايتها الحرب على سوريا والعملية العسكرية الأوكرانية”.

“أيقونة” القارة العجوز تتصدع!

وأكمل طيفور: “انخفاض اليورو أمام الدولار له أسباب عديدة وأهمها العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا وانعكاسها الاقتصادي على واردات أوروبا من النفط والغاز والمواد الأولية، ولكن الخبث الأمريكي الذي لم يلاحظه أحد هو استغلال هذه الأزمات الاقتصادية العالمية برفع الفائدة عبر الفيدرالي بحجة مكافحة التضخم، والهدف منه تخفيض سعر الذهب عالمياً لزعزعة قيمة الاحتياطي الروسي والروبل، وضرب قيمة اليورو، وانهيار العملات الرقمية، وضرب قيمة الاحتياطي النقدي من اليورو في المصارف المركزية حول العالم لخلق أزمة اقتصادية عالمية، ومنها انهيار اقتصادات دول وخاصة الدول المدينة بالدولار”.

سيناريوهات… والرابح واحد

يلمح طيفور إلى سيناريوهات مكررة تصب في هدف واحد، مؤكدا: “كما افتعال الأزمة العالمية عام 2008 وإفلاس أغلب الدول الأوروبية وكان الرابح فيها الأمريكي، الذي افتعلها وتباكى على أطلالها، وكما حجة دعم المواطن الأمريكي بجائحة كورونا بضخ 1.9 ترليون لرفع نسبة الاستهلاك الداخلي لسحب حاويات العالم لتصبح أمريكا مقبرة الحاويات وافتعال أزمة شحن دولية، وأمس واليوم الفيدرالي الأمريكي يرفع الفائدة عدة مرات وبشكل جنوني وغير مسبوق”، مضيفا: “ونتوقع ارتفاع أكبر الشهر الجاري وغيره بعد أشهر بحجة مكافحة التضخم”.

لا حل دون فك الارتباط بالدولار

“الحل الوحيد للتخلص من هذه الهيمنة”، كما يراه الصناعي ورجل الأعمال السوري: “هو فك الارتباط بعملة الدولار والتحول للعملات المحلية، وأن يستيقظ الشعب الأوروبي من مخدر الإعلام والهيمنة ويتخلص من الحكومات التابعة، وأهم خطوة لانتعاش الاقتصاد الأوروبي هي فك الارتباط بنظام سويفت والانضمام الى النظام الصيني والروسي العالمي”، متسائلاً: “أين مصلحة أوروبا الحقيقية، 400 مليون نسمة في أمريكا، أم أكثر من 5 مليارات نسمة في بقية العالم وأسواق كامل الكرة الأرضية؟”.

الاقتصاد السوري… أين؟

وفي الإجابة على سؤال تأثير انخفاض سعر اليورو على الاقتصاد السوري، أفادت عاصي بأن “هناك أكثر من سيناريو، فإذا كان انخفاض اليورو غير مصحوب بارتفاع سعر الدولار، سيكون ذلك لمصلحة المستوردين السوريين من الدول الأوروبية أو لبضائع مقومة باليورو، ولكن نسبة تلك المستوردات وإن وجدت فهي قليلة وبالتالي ستكون ضعيفة التأثير، أما السيناريو الثاني وهو الحالة الحالية: فقد انخفض اليورو ولكن الدولار حقق ارتفاع كبير ومعدل التضخم العالمي كذلك.، وبما أن 57% من التجارة الدولية تتم باستخدام الدولار وأكثر مستوردات سوريا مقومة بالدولار، فإن هذا سبب مباشر في ارتفاع أسعار كل السلع المستوردة أو حتى المنتجة محلياً، إذ أن معظم السلع تحتوي على مدخلات إنتاج يتم استيرادها، مثل صناعة الأدوية وصناعة الأدوات الكهربائية وغيرها في سوريا، فإن معظم مدخلات الإنتاج لهذه الصناعات مستوردة من الخارج، صحيح أنها صناعة وطنية تنتج محلياً ولكنها تتأثر بالمعدلات العالمية للأسعار”.

المصدرون هم المستفيدون

وأضافت عاصي في تصريحها: “نستطيع القول، إن تأثير انخفاض اليورو يكاد يكون حيادياً على التزامات سوريا تجاه الدول الخارجية، لأنها تعتبر من الدول الأقل مديونية للخارج، وبالتالي فإن تسديد أقساط أو فوائد لن تشكل أي أعباء إضافية، ولكن؛ هناك عوامل سلبية تتعلق بالاحتياطيات إذا كان اليورو يشكل نسبة كبيرة منها، فإن قيمة الاحتياطيات سنخفض تبعاً لذلك، أما بالنسبة للمصدرين، فإنهم نظرياً؛ سوف يستفيدون من انخفاض عملتهم وارتفاع العملات الصعبة وتصبح بضائعهم أكثر تنافسية، يقلل من هذا التأثير الإيجابي أن حجم الصادرات في سوريا منخفض جداً مقارنة بالواردات”. لافتة إلى أنه “في سوريا، كل العوامل السابقة: من ارتفاع سعر الدولار وتأثيرات الأزمة الأوكرانية وارتفاع معدل التضخم العالمي، مضافاً لها العقوبات الدولية، ساهمت في ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل جنوني وغير متوقع وجعلت القدرة الشرائية شبه معدومة، وبتنا نشاهد كل أعراض الركود التضخمي، حيث لجأ غالبية الناس الى الاستغناء حتى عن الضروريات مثل الأغذية والأدوية والنقل”.

سوريا لها حصة… وعلى الحكومة التحرُّك

اعتبر طيفور أن “سوريا لها حصة من هذا الانعكاس الاقتصادي، ولكنه ايجابي بشكل نسبي، ومنه انخفاض تكاليف أي مادة مستوردة من أوروبا أو مستوردة باليورو، وأهمها الماكينات الصناعية، والمواد الأولية الصناعية والطبية، والأجهزة الطبية والمخبرية وغيرها، بالإضافة الى تحول الدول الحليفة الى تداول العملات المحلية مما ينعكس لاحقاً على دعم غير مباشر لليرة السورية، بالإضافة الى الاستفادة من قيمة التضخم العالمي بالصادرات السورية مما يخفض عبء المنافسة بالأسواق العالمية، وعبء التضخم المحلي المفروض على سوريا منفردة بالعقوبات الأحادية الجائرة، والأهم هو انخفاض قيمة بعض مستوردات الدولار بسبب ارتفاع قيمة الدولار عالمياً وانخفاض قيمة المواد المستوردة”، مشيراً إلى أنه “داخلياً، هذه الأزمة الاقتصادية العالمية بحاجة لعدة إجراءات احترازية داخلية لفرض توازن اقتصادي للاستفادة من الإيجابيات وتجاوز السلبيات”.

سبوتنيك

اقرأ أيضا: الصادرات السورية تحولت لمواد أولية وليس صناعة.. وبدأت تفقد مزاياها التنافسية