رغم الجهود الرقابية التي تقوم بها مديريات حماية المستهلك من خلال جولاتها على الأسواق. إلا انها في نظر الناس لازالت عاجزة عن تحقيق تقدم واضح على صعيد قمع المخالفات والتجاوزات التي تتزايد في جميع الأسواق. فقد تفاقمت خلال الآونة الأخيرة المخالفات المرتكبة من تجّارمتلاعبين بمواصفات السلامة الغذائية والصحية. حتى وصل بهم التهاون بهذه المواصفات إلى تصنيع وتخزين أطنان من المواد التي تمنح مشروعية المنتجات الأساسية. في حين أنها تفتقر إلى الحدّ الأدنى منها كالألبان والأجبان على سبيل المثال لا الحصر. إضافة إلى اللحوم والمنظفات بأشكالها المغشوشة.
ناهيك عن مستودعات تحوي مواداً منتهية الصلاحية في عبوات تحمل بيانات مزوّرة. وغيرها من حالات تتكرر بين الحين والآخر. لأن ضعاف النفوس من بعض التجّار يتعمّدون الغش والتزوير والتلاعب بالمواصفات لأجل الربح غير المشروع. ويضعون الربح فوق كل اعتبار متجاهلين السلامة الصحية ومتجاوزين الرقابة التموينية التي يرونها شكلية.
الجهات الرقابية
العديد من المواطنين وضعوا مايجري في الأسواق في عهدة الجهات الرقابية. التي وللأسف غير فاعلة أو قادرة على لجم عمليات التخزين والتصنيع الأطنان من المواد الغذائية منتهية الصلاحية والتي تطرح في السوق المحلية. بما يؤكد تماما استسهال المتاجرين فيها للرقابة وللعقوبات الرادعة المتعارف عليها في مثل هذه الحالات. كالإغلاق والتشميع وإتلاف الكمية الفاسدة المضبوطة .
استفحال المخالفات
الباحث الاقتصادي صفوان عبد الحكيم يرى أن ما تمّ كشفه من مخالفات جسيمة منذ ايام بحجمها وضررها يطرح تساؤلات مريرة. حول مسببات التمادي الكبير في مخالفة المواصفات والمقاييس والمعايير. بل التجرؤ على تخطيّها وتجاوزها تساءل كم من المواد المخالفة التي يتم طرحها في السوق للاستهلاك والاستعمال. رغم مخاطرها وبعيداً عن أعين الرقابة وبشكل يؤثر سمعة المنتج الوطني وعلى الاقتصاد الوطني بشكل متصاعد.
ويؤكد عبد الحكيم أن الرقابة التموينية تستهدف صغار الباعة وتتجاهل كبار التجّار من المخالفين. لاعتبارات ملتبسة ومشكوك بها. ما جعل المخالفات التموينية الجسيمة تضرب أطنابها خلال الآونة الأخيرة. وإلاّ بما نفسّر ضبط منشآت ومستودعات بأكملها تعدّ وتصنّع مواداً غذائية لطرحها في السوق المحلية رغم عدم صلاحيتها المطلقة للاستهلاك البشري وافتقارها لكل المواصفات المطلوبة. لتضرب هذه المنشآت عرض الحائط كل قواعد الصحة العامة. ما يجعل كبح جماح هذه المخالفات مسؤولية مباشرة ملقاة على عاتق المؤسسات التموينية وضرورة عدم التردد في رفع سقف العقوبات الرادعة المشددة إلى أعلى حدّ بحق العابثين بمواصفات السلامة الصحية. لأنه بات أمرا بالغ الأهمية والضرورة وله صفة الاستعجال القصوى بما يكفل كبح هذا التمادي والاستهتار من ضعاف نفوس يتكاثرون يوما بعد يوم مستغلين استسهال الضبط التمويني زمنيا وإجرائيا. وبالتالي لايمكن ردع هؤلاء وأمثالهم إلا بفرض عقوبة مباشرة بحقهم وبحق المتسببين بنشوء هذه المخالفات التي تستفحل. وليس آخرها ما حصل قبل نحو عدة أسابيع من ضبط دوريات الرقابة التموينية مستودعا ومعملا لصناعة الألبان والأجبان المخالفة للمواصفات .
إجراءات صارمة
رشيد المحمود “محامي” أكد أن المخالفات الجسيمة تتكرر ولن تكون الأخيرة. لأن المخالفين يدركون أن عواقب ما يقترفوه وما يرتكبوه ليست مستعصية وليست مسدودة المنافذ. وهذا ما يدفعهم نحو استباحة المواصفات وتعمّد المخالفات. وهنا لا يمكن أن نغفل وقائع مشابهة حصلت سابقا. حيث اضطرت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى إتلاف الاطنان من المواد المخالفة.
حيث أوضح المعنيون في الرقابة التموينية حينها أن إتلاف هذه الكمية جاء بعد قرار قضائي. وأن هذه المادة من إحدى المواد التي تم ضبطها في مستودعات مختلفة. حيث تمكنت مديرية التجارة الداخلية بالتعاون مع الجهات المختصة من ضبط كميات من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في مستودعات ضبوط تتعلق بالغش والتدليس وتزوير بطاقة البيان والاتجار بالمواد الإغاثي. وهذا مايتطلب فرض سلطة القانون بشكل أكبر واستخدام العقوبة الأقسى للحد من هذه المخالفات.
وبدورنا نتساءل باستغراب أنه أمام مخالفات صريحة وجسيمة كهذه. وبما تحمله من ضرر وأذى كبير للمستهلك وللاقتصاد الوطني وللسوق المحلية. ألا تستوجب إجراءات صارمة أشد تصل إلى سحب الترخيص والسجل التجاري نهائيا وتطبيق الحرمان المتبّع في قطاع المقاولات. لكل من يخالف في شروط التجارة عمدا وبقصد مسبق. وتتكامل هذه الإجراءات مع الإجراءات القضائية التي يتم اتخاذها بعد إحالة الضبوط أصولا. ولاسيما أن المواد الغذائية خط أحمر وتداولها أمر بالغ الحساسية والمسؤولية.
البعث