في مشهد مشبوه.. المتة تعود إلى الأسواق بأسعار مرتفعة.. وزارة التجارة الداخلية لا تحرك ساكناً..وصمت مطبق ونأي بالذات لغرفتي التجارة والصناعة
من وأد فكرة إنتاج المتة محلياً؟
لم يعد لدينا أدنى شك بأن فقدان مادة المتة بين الفينة والأخرى من الأسواق لا يعدو كونه احتكارا مفضوحا بغية رفع سعرها تحت ذرائع ارتفاع أجور الشحن تارة، وارتفاع سعرها تارة أخرى، وارتفاع سعر الصرف تارة ثالثة.. وفجأة تتوفر المادة ولكن بأسعار مضاعفة، وتكون النتيجة دائماً، وللأسف، لصالح المحتكر المدرك تماماً لشعبية هذه المادة، على حساب المستهلك غير القادر على مقاطعتها!
اللافت في هذا المشهد المشبوه عدم تحريك وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ساكناً باستثناء الضبوط الصورية والتصريحات الواهية، بالتوازي مع صمت مطبق ونأي بالذات لغرفتي التجارة والصناعة، وكأن الأمر لا يعنيهما!
ولعلّ الأخطر في هذا الموضوع أنه لا يتوقف عند حدّ التلاعب بهذه المادة وصبّ عائدات استيرادها في خزنة من يحتكرها، بل يتعداها إلى وأد فكرة إنتاجها محلياً، نظراً لما تتمتع به بلادنا من مناخ متنوع يلائم عديد الأصناف والأنواع الزراعية، بدليل نجاح زراعة الفواكه الاستوائية في الساحل السوري من جهة، وتأكيد عديد الخبراء بإمكانية زراعة المتة في سورية من جهة ثانية!
إذا ما سلمنا جدلاً بعدم النجاح الباهر لإنتاج المتة لاعتبارات تتعلق بما قد تتطلبه هذه الزراعة من ظروف مثالية، فلا ضير فيما لو حققت نجاحاً نسبياً يكسر حدة الاحتكار والأسعار، مع أن المعطيات الأولية تؤكد نجاحاً جيداً وانعكاس ذلك على التحرر من تبعات تكاليف استيرادها، والتخلص من تداعيات ارتفاع أسعارها عالمياً وأجور الشحن، وغير ذلك من المسوغات التي يتخذها مستوردو هذه المادة لرفع أسعارها!
المفارقة في هذا السياق هي إدراج المتة ضمن خانة الصناعة الوطنية، علماً أنها مستوردة كما ذكرنا، والقيمة المضافة المحققة هي التغليف فقط، وهذا يعني استفادة مستوردها – وليس منتجها أو صانعها كما تدعي غرفة الصناعة – من الامتيازات الحكومية المقدمة للصناعة الوطنية لتعزيز الإنتاج، وهنا لنا أن نتصور حجم الأرباح المحققة جراء ذلك، والمضافة على هوامش الأرباح كسلعة تجارية مستوردة، إلى جانب أرباح رفع سعرها مؤخراً!
البعث
اقرأ أيضا: برودة الشتاء تجبر 5 دول أوروبية مبكرا على استخدام احتياطياتها من الغاز