السبت , نوفمبر 23 2024
بسبب تردي الوضع المعيشي والفقر.. 20 بالمئة فقر الدم عند الأطفال

بسبب تردي الوضع المعيشي والفقر.. 20 بالمئة فقر الدم عند الأطفال

أدى ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته من ألبان وأجبان إضافة إلى ارتفاع أسعار البيض واللحوم البيضاء منها والحمراء إلى استغناء أغلبية الأسر عن تلك المواد الغذائية الأساسية وبالتالي إقصاؤها عن موائدهم إلا أن أصحاب القرار لم يفطنوا أن تلك المواد لا تعتبر ضرباً من الرفاهية وأن تذمر الأهالي من عجز الجهات المعنية عن ضبط الأسواق وتأمين أبسط مطالبهم المعيشية ليس من باب التذمر أو النق إنما يعود إلى ما خلفه ذلك العجز من زعزعة لأمن أسرهم الغذائي وأدى بالضرورة إلى ظهور حالات كثيرة من سوء التغذية بين أطفالهم.

ويشير الدكتور الاختصاصي في قسم الأطفال في المشفى الوطني علاء أبو ترابي إلى ازدياد حالات سوء التغذية بين الأطفال المراجعين للقسم وأن كثيراً من الحالات المسجلة من مراجعي القسم في الفترة الأخيرة كانت لحالات سوء التغذية الثانوي لأخطاء تغذوية ناجمة عن استعاضة الأم عن حليب الأطفال بالحليب الطازج جراء عدم قدرة الأهل نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة على تأمين حليب الأطفال الخاص بالشهور الأولى بسبب ارتفاع أسعاره وندرة وجوده.

وأكد أبو ترابي أن حالات سوء التغذية لا تقتصر على ما يتم تسجيله وقبوله في قسم الأطفال و(الذي تجاوز الـ90 حالة منذ بداية العام) إذ إنه وعبر برنامج سوء التغذية التابع لوزارة الصحة والمنتشر في العديد من المراكز الصحية تم تسجيل ازدياد في الحالات الموجودة سابقاً بناء على تقييم وضع الأطفال ممن راجعوا تلك المراكز.

بدورها منسقة برنامج التغذية في السويداء الدكتورة حنان جمول أوضحت لـ«الوطن» أن سوء التغذية إنما يعود إما لنقص وارد غذائي أو لحالة مرضية مؤكدة أن ما تم رصده ومتابعته ضمن البرنامج من حالات خلال سنوات الأزمة التي لحقت بالبلاد تركز على نقص الوارد الغذائي الذي نتج عن التهجير والفقر وبالتالي زعزعة الأمن الغذائي الأسري الأمر الذي دفع وزارة الصحة وبدعم من المنظمات الدولية إلى تفعيل وتكثيف عمل البرنامج الموجود في الأصل ضمن برامج الوزارة سابقاً حيث تم تدريب كوادر كبيرة استهدفت العاملين في المراكز الصحية لتكون الخطوات الأولى بإطلاق نواة برنامج الترصد التغذوي بهدف كشف حالات سوء التغذية عند الأطفال بعمر دون خمس سنوات لأنها الفئة العمرية الأخطر والتي شكلت نسبة الوفيات ضمنها النسبة الأعلى في الأزمات.

ولضمان الوصول إلى هدف البرنامج الصحيح تم رصد حالة الأمهات الحوامل والمرضعات للأطفال وكان هو المنقذ الحقيقي لكثير من الأطفال وحجر الأساس في التغذية وخاصة للعائلات المهجرة ضمن مراكز الإيواء.

ولفتت الدكتورة جمول إلى انخفاض نسبة سوء التغذية من 5 بالمئة إلى أقل من 2 بالمئة منذ عام 2014 إلى عام 2019 مؤكدة الدخول بأزمة سوء تغذية من نوع آخر خلال السنوات الثلاث الأخيرة وهو سوء التغذية المزمن والذي أدى إلى تعرض نسبة من الأطفال إلى نقص بالوزن توازياً مع عمرها إضافة إلى نقص لدى كثير من الأطفال بالمغذيات الدقيقة منها الحديد والكلس واليود وفيتامين دال وكافة العناصر الغذائية الأساسية التي يجب توافرها في الوجبات الغذائية المقدمة للطفل والتي عجزت كثير من العائلات عن تأمينها لأطفالها بسبب الوضع الاقتصادي المتردي وغلاء الأسعار انطلاقا من البيض والفواكه واللحوم البيضاء منها والحمراء وصولاً إلى الحليب ومشتقاته من ألبان وأجبان.

وأكدت جمول وجود نقلة نوعية بسوء التغذية المكتشفة مؤخراً تركزت بوجود حالات فقر دم لدى الأطفال بنسبة 20 بالمئة بحسب المسح التغذوي إضافة إلى سوء تغذية بنسبة 22 بالمئة للأمهات الحوامل والمرضعات والذي ينعكس سلباً على بنية الحمل ما ينذر بأننا مقبلون على واقع ظهور أجيال ذات بنية ضعيفة وقامات مقزمة في ظل الوضع المعيشي السيئ.

وأشارت إلى أنه بناء على الواقع المفروض تم تفعيل برنامج الإرضاع الواردي والتغذية التكميلية والذي يتضمن الانتباه للطفل خلال الألف يوم الأولى من حياته من بداية الحمل وحتى وصول الطفل لعمر السنتين لأن الانتباه لتغذية الطفل خلال هذه المرحلة تحديداً يشكل حماية له ويعطيه معايير نمو تقريباً طبيعية إضافة إلى تفعيل الزيارات المنزلية والعيادة المتنقلة لمتابعة جميع الحالات التي يعجز أصحابها عن مراجعة برنامج الرعاية لأسباب تتعلق بالوضع المادي لعدم قدرتهم على الوصول إلى المراكز الصحية.

وبينت جمول أن ما تمت متابعته ورصده من حالات سوء تغذية على ساحة المحافظة كان مخيفاً مشيرة إلى أنه رغم وجود التوجيهات العديدة للأمهات بضرورة تأمين أنواع الغذاء لأطفالهن من الحليب والبيض والفواكه إلا أن الالتزام غير موجود لصعوبة تطبيقها في ظل الغلاء الذي تشهده جميع المواد الغذائية المتزامن مع ضعف الدخل وتردي الوضع المعيشي والفقر موضحة أن نجاح عمل البرنامج بالوصول إلى أكبر عدد من الحالات اعتمد بالأساس على دعم المنظمات الدولية على الأرض للبرنامج إضافة إلى عمل الجمعيات الأهلية مثل جمعية الرعاية الأسرية وجمعية نور وجمعية الهلال الأحمر التي استطاعت الوصول إلى أبعد المناطق في المحافظة ورصد حالات سوء التغذية ضمنها وتقديم المساعدة لها بناء على مساعدات المنظمات المانحة.

وبينت أنه ضمن حالات سوء التغذية التي تتم متابعتها يجري تقديم مجموعة من الأصناف الغذائية منها الزبدة لمعالجة حالات سوء التغذية المتوسط وزبدة أخرى لمعالجة حالات سوء التغذية الحاد وبسكويت عالي الطاقة إضافة إلى فيتامينات للأطفال وأخرى للحوامل والمرضعات والتي يتم تقديمها من المنظمات المانحة بناء على الأرقام المسجلة والمتابعة للحالات.

اقرأ أيضا: تجار يطالبون بفتح أبواب الاستيراد