بسبب سوء التغذية.. السوريون مقبلون على واقع ظهور أجيال ذات بنية ضعيفة و”قامات مقزمة”
كشف الدكتور الاختصاصي في قسم الأطفال في المشفى الوطني، علاء أبو ترابي، ازدياد حالات سوء التغذية بين الأطفال المراجعين للقسم وأن كثيراً من الحالات المسجلة من مراجعي القسم في الفترة الأخيرة كانت لحالات سوء التغذية الثانوي لأخطاء تغذوية ناجمة عن استعاضة الأم عن حليب الأطفال بالحليب الطازج جراء عدم قدرة الأهل على تأمين حليب الأطفال الخاص بالشهور الأولى بسبب ارتفاع أسعاره وندرة وجوده.
وأكد أبو ترابي لصحيفة “الوطن” المحلية أن حالات سوء التغذية لا تقتصر على ما يتم تسجيله وقبوله في قسم الأطفال و(الذي تجاوز الـ90 حالة منذ بداية العام) إذ إنه وعبر برنامج سوء التغذية التابع لوزارة الصحة والمنتشر في العديد من المراكز الصحية تم تسجيل ازدياد في الحالات الموجودة سابقاً بناء على تقييم وضع الأطفال ممن راجعوا تلك المراكز.
وأدى ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته من ألبان وأجبان إضافة إلى ارتفاع أسعار البيض واللحوم البيضاء منها والحمراء إلى استغناء أغلبية الأسر عن تلك المواد الغذائية الأساسية وبالتالي إقصاؤها عن موائدهم.
إلا أن أصحاب القرار لم يفطنوا أن تلك المواد لا تعتبر ضرباً من الرفاهية وأن تذمر الأهالي من عجز الجهات المعنية عن ضبط الأسواق وتأمين أبسط مطالبهم المعيشية ليس من باب التذمر أو النق إنما يعود إلى ما خلفه ذلك العجز من زعزعة لأمن أسرهم الغذائي وأدى بالضرورة إلى ظهور حالات كثيرة من سوء التغذية بين أطفالهم.
من جهتها، أوضحت منسقة برنامج التغذية في السويداء الدكتورة حنان جمول أن ما تم رصده ومتابعته ضمن البرنامج من حالات خلال سنوات الأزمة التي لحقت بالبلاد تركز على نقص الوارد الغذائي الذي نتج عن التهجير والفقر وبالتالي زعزعة الأمن الغذائي الأسري.
الأمر دفع وزارة الصحة وبدعم من المنظمات الدولية إلى تفعيل وتكثيف عمل البرنامج الموجود في الأصل ضمن برامج الوزارة سابقاً حيث تم تدريب كوادر كبيرة استهدفت العاملين في المراكز الصحية لتكون الخطوات الأولى بإطلاق نواة برنامج الترصد التغذوي بهدف كشف حالات سوء التغذية عند الأطفال بعمر دون خمس سنوات لأنها الفئة العمرية الأخطر والتي شكلت نسبة الوفيات ضمنها النسبة الأعلى في الأزمات.
ولضمان الوصول إلى هدف البرنامج الصحيح تم رصد حالة الأمهات الحوامل والمرضعات للأطفال وكان هو المنقذ الحقيقي لكثير من الأطفال وحجر الأساس في التغذية وخاصة للعائلات المهجرة ضمن مراكز الإيواء.
ولفتت الدكتورة جمول إلى انخفاض نسبة سوء التغذية من 5 بالمئة إلى أقل من 2 بالمئة منذ عام 2014 إلى عام 2019 مؤكدة الدخول بأزمة سوء تغذية من نوع آخر خلال السنوات الثلاث الأخيرة وهو سوء التغذية المزمن والذي أدى إلى تعرض نسبة من الأطفال إلى نقص بالوزن توازياً مع عمرها إضافة إلى نقص لدى كثير من الأطفال بالمغذيات الدقيقة منها الحديد والكلس واليود وفيتامين دال وكافة العناصر الغذائية الأساسية التي يجب توافرها في الوجبات الغذائية المقدمة للطفل والتي عجزت كثير من العائلات عن تأمينها لأطفالها بسبب الوضع الاقتصادي المتردي وغلاء الأسعار انطلاقا من البيض والفواكه واللحوم البيضاء منها والحمراء وصولاً إلى الحليب ومشتقاته من ألبان وأجبان.
وأكدت جمول وجود نقلة نوعية بسوء التغذية المكتشفة مؤخراً تركزت بوجود حالات فقر دم لدى الأطفال بنسبة 20 بالمئة بحسب المسح التغذوي إضافة إلى سوء تغذية بنسبة 22 بالمئة للأمهات الحوامل والمرضعات والذي ينعكس سلباً على بنية الحمل ما ينذر بأننا مقبلون على واقع ظهور أجيال ذات بنية ضعيفة وقامات مقزمة في ظل الوضع المعيشي السيئ.