لم تكن مادة البصل أفضل شأناً من غيرها من الخضروات، من حيث الارتفاع في الأسواق المحلية، لتنضمّ هي الأخرى إلى قائمة الغلاء والارتفاع المستمر صعوداً بالسعر، وتسجّل بشكل يومي ارتفاعات قياسية بعد أن راحت تتراوح في الأسواق بين 3000 و3500 ليرة، لتتجاوز هذه الأسعار في أسواق أخرى، وقد حدّدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في نشرتها التموينية الرسمية سعر البصل الفرنسي أول بـ3000 ليرة والبصل الفرنسي الثاني بـ2500 ليرة، لكن على أرض الواقع طبعاً الأسعار أكثر من ذلك، متغلبةً على أسعار بعض الفواكه في الأسواق كالحمضيات والتفاح والرمان.. وغيرها!.
وفي جولة على الأسواق، وجدنا أن أسعار البصل تتفاوت بين سوق وآخر، لكن ما تمّت ملاحظته أن كميات العرض عند البائعين كانت قليلة، معللين السبب بأن الأسعار بالجملة من سوق الهال هي بالأصل مرتفعة. وحسب قول أحد تجار البصل في السوق أن كميات التوريد إلى سوق الهال باتت منخفضة عن السابق، حيث يوجد طلب، ولكن المعروض لا يفي بحاجة السوق رغم أنه مكدّس في المستودعات من أصناف فرنسية ليتمّ التحكم بها عند الطلب، مشيراً إلى أن البصل بالتحديد ارتفع سعره بعد فتح التصدير في شهر أيار لمدة مؤقتة من هذا العام، وكان حينها يباع بـ700 ليرة ليرتفع مباشرة بعد شهر من فتح التصدير إلى الضعف، كاشفاً أن سعر البصل سيرتفع أكثر من ذلك في الشهرين المقبلين.
قلة التوريد
بدوره رئيسُ مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين محمد خليف لم يخفِ أن من أسباب ارتفاع البصل في الأسواق المحلية قلّة العرض والتوريد، لأن المحصول يُزرع في الشتاء بعد شهر شباط، وما هو موجود حالياً عائد للموسم الماضي، وهو ما يُسمّى بصل المونة، في وقت عانى الفلاح العام الماضي، حسب قوله، من تدني الإنتاج، ناهيك عن ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج من مازوت وأسمدة ويد عاملة التي زادت أسعارها حالياً أضعافاً مضاعفة، إضافة لارتفاع أجور النقل حيث يتمّ نقل البصل من حلب وحماة وحمص إلى الأسواق الأخرى، مما زاد من تكلفتها، مطالباً بإيجاد حلّ لمشكلة مزارعي البصل في المواسم المقبلة ودعمهم إنتاجياً وتسويقياً بما يضمن استمرارية زراعة هذا المحصول ويحمي المنتجين من ابتزاز واستغلال التّجار.
وحسب أسامة العبد الله مدير بحوث البستنة، فإن ارتفاع سعر البصل يعود لسببين، أولاً فترة الانقطاعات الحالية بعد انتهاء موسم الإنتاج واعتماد الآخرين على المؤونة المتوفرة، والثاني ارتفاع أسعار البذور، والتكلفة العالية التي يتحمّلها المزارع، مما أثر على الإنتاجية، وكانت المساحات المزروعة بالتالي قليلة بالموسم، فضلاً عن تبدلات الطقس والمتغيّرات الجوية التي انعكست على النوعية والكمية.
ويؤكد الخبير التنموي أكرم عفيف أنه سبق وتمّ التحذير منذ أشهر من فقدان مادة البصل في الأسواق المحلية في الفترة المقبلة بسبب تدني أسعاره وعدم تغطيته التكاليف المرتفعة التي يدفعها الفلاح، ولاسيما أن خسارة الفلاح العام الماضي كانت باهظة بعد أن قام بإتلاف ورمي إنتاجه جراء تردي الظروف الجوية وصعوبة الطقس التي أثرت على نوعية البصل، واتهم عفيف مؤسّسة السورية للتجارة بالفشل في تسويق وشراء المحصول من المزارعين، حيث كان يجب عليها تسويق المحصول من الفلاح وتخزينه في المستودعات وبيعه بعدها للمواطن في الوقت المناسب.
البعث