هل سيتم التوصل إلى نسخة ثانية من “اتفاقية أضنة” بين دمشق وأنقرة؟
عاد الحديث عن أهمية إعادة تطبيق اتفاقية أضنة الموقّعة بين تركيا وسوريا عام 1998 بشأن ضمان أمن الحدود بين البلدين، لتكون منطلقاً مبدئيّاً في مسار تقارب دمشق وأنقرة المحتمل، في وقتٍ تُطرح فيه التساؤلات عن إمكانية التوصل إلى نسخة ثانية من الاتفاق بعد فشل المساعي الروسيّة بانتشار الجيش السوري على الحدود في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية– قسد” المدعومة أمريكياً شمالي سوريا.
وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف سبق أن أكّد في أثناء مشاركته بمنتدى “قراءات بريماكوف” مطّلع الشهر الجاري في موسكو، أن “روسيا مهتمة في أن تسوي تركيا وسوريا، انطلاقاً من اتفاقية أضنة بين البلدين والتي لا تزال سارية المفعول، القضايا المحددة المتعلقة بضمان أمن الحدود، باستئناف الحوار، الذي يبدو أن المقدمات له باتت تنضج”.
وأضاف لافروف أن “ذلك يجب أن يتم مع الأخذ في الاعتبار مخاوف تركيا المشروعة التي “كانت القيادة السورية تعترف بها في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد وتعترف بها الآن”، بحسب ما نقلته قناة “روسيا اليوم”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول من دعا للعودة للاتفاقية، خلال لقائه بنظيره التركي رجب طيب أردوغان في موسكو في كانون الثاني عام 2019، قائلاً: “إن الوجود التركي قانوني بحسب اتفاقية أضنة الموقعة بين البلدين في 1998، وتطبيق هذا الاتفاقية هو القاعدة التي ستغلق الكثير من الأسئلة المتعلقة بالمسائل الأمنية بين البلدين.”
بدوره، يستند الرئيس التركي في وجود القوات التركية داخل الأراضي السورية إلى البند الموجود في الملحق رقم 4 من الاتّفاقية، الذي يشير إلى أن “إخفاق الجانب السوري في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية، المنصوص عليها في هذا الاتفاق، يُعطي تركيا الحق في اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية بعمق 5 كم”.
وعن إمكانية إعادة تطبيق اتفاقية أضنة، يرى الكاتب السياسي غسان يوسف في مقالٍ له في موقع “ميدل إيست أونلاين”، أن “العودة إلى اتفاقية أضنة أو تعديلها ليس بهذه السهولة، لكن إذا فكرت تركيا استراتيجياً فإنها ستسعى للعودة لهذه الاتفاقية أو العمل على تعديلها لأسباب عدة منها عودة العلاقات الطبيعية مع الجارة سوريا، وعودة سوريا ممراً برياً لتركيا وأوروبا وصولاً إلى دول الخليج العربي، وهو ما يُعيد تركيا مركزاً اقتصادياً إقليمياً بعد ما عمل الرئيس بوتين لجعلها مركزاً إقليمياً لتوزيع الغاز”.
وأضاف يوسف أن “تركيا ستصبح أيضاً مقبولة عربياً باعتبار أنها لا تحتل أراضي عربية، كما ستعمل كل من تركيا وسوريا وبمساعدة روسيا والعراق وإيران على منع قيام كانتون انفصالي في شمال شرق سوريا، وهو ما تخشاه تركيا وتهدد بالقيام بعمليات برية للقضاء على وحدات حماية الشعب الكردية التي تسعى لإقامة هذا الكيان الانفصالي”.
وفي السياق نفسه، سبق أن أوضح المحلل السياسي كما الجفا في تصريحٍ لـ “أثر”، أنه “على الرغم من أن تركيا لا ترفض توسيع اتفاقية أضنة من جديد، فإنّها ما كانت تقبل به سابقاً لن تقبل به اليوم؛ لوجود مطالب تتعلَّق بالتسوية السياسية وقضية اللاجئين وحل الفصائل المسلحة ومخرجات أستانة، بالإضافة إلى أنها تريد موقفاً سورياً معلناً في مواجهة “قسد”، معتبراً أن “قسد هي التي تقف في مواجهة تفعيل اتفاقية أضنة؛ لأن موقفها كان سلبياً فيما يخص انتشار الجيش السوري على الحدود مع تركيا”.
يشار إلى أن سوريا لم تُظهر أي موقف علني اتجاه التصريحات التركية التي تدعو إلى التقارب بين البلدين، غير أنه في إشارة إلى اتفاقية أضنة سبق أن أكّدت وزارة الخارجية السورية في بيان لها في كانون الثاني عام 2019، أن “أي تفعيل لاتفاق التعاون المشترك مع تركيا يتم عبر إعادة الأمور على الحدود بين البلدين كما كانت، وأن يلتزم الجانب التركي به ويتوقف عن دعمه وتمويله وتسليحه وتدريبه للإرهابيين، وأن يسحب قواته العسكرية من المناطق السورية التي يحتلها”.
وكالات