الإثنين , نوفمبر 11 2024

أشخاص لا ينامون وآخرون عظامهم لا تُكسر.. طفرات جينية جعلت أصحابها يتمتعون بقوى خارقة

أشخاص لا ينامون وآخرون عظامهم لا تُكسر.. طفرات جينية جعلت أصحابها يتمتعون بقوى خارقة
“يخلق من الشبه أربعين”، مثل شعبي نسمعه دوماً عند تشابه مجموعة من الأفراد في الشكل والهيئة، لكن المدهش بالفعل هو أن حوالي 99% من البشر يتشابهون في معلوماتهم الوراثية، وأقل من 1% يتمتعون بصفاتٍ لا يُشبههم فيها أحد، قد نصفها بالصفات الخارقة للطبيعة البشرية.
نعم، ما يجول بخاطرك الآن حقيقي؛ إذ إن الأفلام التي نشاهدها في دور السينما جزء منها واقعي وموجود بالفعل. دعنا نأخذك في رحلة لاكتشاف بعض الطفرات الجينية، التي جعلت أصحابها كالأبطال الخارقين.
طفرة النوم الخارق
النوم ظاهرة فسيولوجية يُجدد خلالها الجسم نشاطه، لكن هل يمكنك تخيُّل اكتفاء ساعتك البيولوجية بنوم أربع ساعات فقط يومياً. بالتأكيد هذا سوف يُشعرك بالحماس للبدء في استغلال ساعات يقظتك، لكن ماذا عن حاجة الجسم الطبيعية لما بين 6 إلى 8 ساعات من النوم.
في عام 2009، ذهبت سيدة إلى الطبيبة “هينغ هوي فو”، تشكو إصابتها بالأرق لأنها تنام عند منتصف الليل، وتستيقظ عند الرابعة فجراً في كامل نشاطها كأنها غفوت بمعدلها الطبيعي؛ مما جعل الطبيبة في حيرة من أمرها.
بعد إجراء الفحوصات والتجارب المعملية على بعض المتطوعين من نفس العائلة، اكتشف الباحثون وجود طفرة في “جين hDEC2” المسؤول عن تنظيم دورة النوم، تجعل أصحابها قادرين على الاكتفاء بأقل عدد من ساعات من النوم، والتمتع بذهنٍ صافٍ أيضاً. ومع ظهور هذا الجين، يأمل العلماء تسخير تلك الطفرة في تحسين الكفاءة ومعدلات الإنتاج.
الركض بسرعة خارقة
يعاني معظم الأشخاص من تسارع أنفاسهم، والشعور بالتعب عند الركض لفترة طويلة. لحسن الحظ، لا يحدث هذا عند امتلاكك نسخة من جين يُسمى “ACTN3”. يُساعد هذه الجين الجسم في صناعة بروتين (ألفا أكتينين 3)، الذي يوجد في خلايا العضلات والهيكل العظمي، ويُعد مسؤولاً عن التحكم في تسريع حركة الألياف أثناء انقباض وانبساط العضلات.
توصَّل العلماء لهذا في عام 2008، بعد دراستهم لطريقة ركض بعض العدائين في المسابقات الرياضية، ومقارنة الفروق بينهم وبين الأشخاص العاديين. أظهرت الدراسة امتلاك أفضل العدائين الرياضيين نسخة واحدة على الأقل من “جين ACTN3″؛ مما جعلهم يطلقون عليه اسم (جين الرياضة).
عظام غير قابلة للكسر
مع التقدم في العمر، تبدأ أمراض هشاشة العظام في الظهور بشكلٍ كبير. توصَّل الباحثون إلى وجود جين يُدعى “LRP5″، مسؤول عن تنظيم كثافة وثبات سُمك العظام، وكشفوا أيضاً عن تسبب حدوث طفرة في هذا الجين، في ضعف وهشاشة العظام.
مع هذا، يُمكن أن يُحدث نوع مختلف من الطفرات في الجين نفسه تأثيراً معاكساً؛ يؤدي إلى تمتع أصحابها بعِظام كثيفة وقوية، لا تنكسر حتى عند التعرض للحوادث.
لاحظ هذا الأمر للمرة الأولى الدكتور “كارل إنسوغنا Karl Insogna” بجامعة “ييل”، في 20 شخصاً من أفراد عائلة واحدة، يملكون كثافة عظمية هائلة. بحث بعدها “إنسوغنا” عن السبب ليجد طفرة في جين “LRP5” وراء الأمر، ويطمح العلماء إلى استغلال هذه الطفرة في التوصل إلى علاج فعّال لهشاشة العظام.
الحصانة ضد الإيدز والملاريا
يُعد مرض “نقص المناعة المكتسبة” المعروف أيضاً بـ”الإيدز”، أحد الأمراض التي يقف الطب حائراً أمامها حتى الآن. يستخدم فيروس الإيدز بروتيناً يُدعى “CCR5″؛ لكي يتمكن من دخول الخلايا البشرية. ولحسن حظ بعض الأشخاص الذين يملكون طفرة جينية، تحرمهم من إنتاج ذلك البروتين؛ يُصبح دخول الفيروس إلى الخلايا عملية شبه مستحيلة.
من ناحية أخرى، يملك بعض الأشخاص حصانة أخرى ضد مرض الملاريا، وهم المصابون بمرض “فقر الدم المنجلي”؛ حيث يُسبب هذا المرض تغيرات في شكل وتكوين خلايا الدم الحمراء.
يُصعّب شكل كريات الدم المنجلية الخاصة بهؤلاء الأشخاص من تدفق الطفيليات الخاصة بالمرض في مجرى الدم؛ حيث لا تتمكن الملاريا من غزو كرات الدم الحمراء وإكمال دورة حياتها داخل الجسم، مما يحمي هؤلاء الأشخاص من الإصابة بمرض الملاريا.
تناول القهوة والمخدرات والكحوليات دون إدمان
يتمتع مغني الروك البريطاني “أوزي أوزبورن Ozzy Osbourne” بصحةٍ جيدة، على الرغم من تصريحه بتناوله كثيراً من المخدرات والكحوليات مع عدم إدمانه لها. يرجع ذلك إلى امتلاكه طفرة جينية في “جين ADH4″، الذي يعمل على تحفيز أكسدة المواد الكيميائية الضارة، وتقليل تركيزاتها في الجسم.
يوجد كذلك أشخاص آخرون لا يتأثرون كثيراً بكميات القهوة التي يشربونها، ويرجع ذلك إلى قدرة أجسامهم على التمثيل الغذائي لمادة “الكافيين”، الموجودة في القهوة بشكلٍ أسرع. مع العلم أنه يوجد في جسم الإنسان ما لا يقل عن ستة جينات، ترتبط بالطريقة التي يُعالج بها الجسم الكافيين.
تُحاول دراسات أخرى إيجاد بعض التفسيرات، حول قدرة بعض الأشخاص على الخلود إلى النوم عقب تناولهم فنجاناً من القهوة قبله بلحظات، في حين يحتاج آخرون إلى التوقف عن تناول القهوة تماماً حتى يتمكنوا من النوم.

اترك تعليقاً