بايا الإيطالية، أو “لاس فيجاس الإمبراطورية الرومانية” كما يسميها يعض المؤخرين، المدينة الإيطالية التي تحولت من مرتع لفساد وفجور وترف عِلية القوم حينها، إلى المدينة الملعونة الغارقة في قاع البحر الأبيض المتوسط.
يشير المؤرخون إلى أنه وقبل ٢٠٠٠ عام، كانت بايا مكانًا لا يمكن تصوره للفجور والإفراط في الملذات للطبقة العليا الرومانية، وكانت قبلة الأثرياء للقيام بأعمال تجارية أو الاسترخاء في المنتجعات الصحية بالمدينة أو لمجرد الاحتفال، ما دفع الناس اليوم لتسميتها “لاس فيجاس”.
قصص الليالي الساخنة، والسهرات الماجنة التي ارتبطت بتلك المدينة؛ حتى استحقت لقب «مدينة الخطيئة»؛ لم تكن القصص الوحيدة المرتبطة بالمدينة الغارقة بايا، فتلك المدينة احتضنت الخطيئة بكل أنواعها؛ وكان للقتل والخيانة نصيبًا في تلك القصص.
وكما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، فإن الكاتب الشهير شيشرون كان يملك منزلا في بايا، كما فعل الشاعر فيرجيل والفيلسوف بليني الأمر نفسه.
وفقًا للأسطورة التاريخية، فرت الملكة المصرية كليوباترا من خاطفيها بعد أن قتلت عشيقها يوليوس قيصر عام 44 قبل الميلاد في بايا. كما تعرض الإمبراطور الروماني كلوديوس للتسمم على يد زوجته في بايا، حتى يتمكن ابنها نيرون من تولي العرش الإمبراطوري الروماني.
كانت أهم أصول بايا هي الحمامات الحرارية، التي كانت تحتوي على مياه طبية ساخنة بسبب النشاط البركاني في الأرض تحت بايا. كما تميزت المدينة الغارقة بجمالها وروعة مبانيها وشوارعها المرصوفة بالفسيفساء، وفق موقع ترافيل بوك الألماني.
لكن النشاط البركاني في المنطقة تسبب في ارتفاع الأرض وهبوطها على مر القرون، وغمر البحر الأبيض المتوسط بايا ببطء، لكن لا تزال أنقاضها تظهر في المياه التي يبلغ عمقها ستة أمتار في المتوسط، ولذلك تم منح المكان لقبًا جديدًا: أتلانتس في إيطاليا.
ويقول جون سموت الباحث الذي اشترك مع الأثريين في دراسة الموقع الأثري لمدينة بايا؛ عن زيارته الأولى لما تبقى من «مدينة الخطيئة»: حينما زرت الموقع وأنا صغير، غرس المرشد عصاة شمسيته في الأرض؛ فانبعث منها البخار والحمم البركانية.
فطبيعة الأرض التي حملت مدينة بايا لأعوام طويلة؛ كانت طبيعة مخيفة وتخفي البراكين أسفلها؛ وبسبب تلك الحرارة والحمم البركانية والتي كانت مثلما وصفها سموت منذ آلاف السنين؛ فقد اعتبر الرومان أرضها بوابة للعالم السفلي، وربما هذا ما ربطها في أذهان الرومان وقتها بالخطيئة، وكما منحت طبيعة الأرض في بايا بيئة مميزة؛ كانت هي أيضًا السبب في اختفاء تلك المدينة من على سطح الأرض.
ولفتت المدينة الغارقة انتباه الناس لأول مرة في الأربعينيات من القرن الماضي عندما تمكن طيار من رؤية أطلال في المياه الضحلة. ثم بدأ الجيولوجيون في الاهتمام ببايا.
ومع ذلك، لم يتم استكشاف المدينة رسميًا بواسطة غواصة قبل ستينيات القرن الماضي.
ومنذ عام 2002، أصبح الموقع أيضًا متاحًا للسياحة كمنطقة محمية تحت الماء، ويمكن للزائر الاقتراب من بايا بطرق مختلفة، فمن ناحية تزور القوارب ذات القاع الزجاجي المكان بانتظام. وإذا كنت ترغب في الاقتراب أكثر، يمكنك الغوص أو الغطس.
اقرأ أيضا: عاصر 40 رئيسا أمريكيا و7ملوك.. تعرف إلى “جوناثان” أقدم كائن حي فوق الأرض