نشرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية تقريرًا بينت فيه كيف تمكّن الملياردير إيلون ماسك من الاستحواذ على تويتر في أقل من أسبوعين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن بعض المسؤولين الأكثر خبرة في وول ستريت وفي وادي السيليكون رفضوا قبل 12 يومًا فقط عرض إيلون ماسك لشراء تويتر مقابل 44 مليار دولار، معتبرينه مجرد وسيلة للتحايل.
وذكرت الصحيفة أن أغنى رجل في العالم حقق انتصارًا مذهلاً بالحصول على دعم بالإجماع من مجلس إدارة تويتر بعد وضع ثروته الشخصية على المحك لدفع 33 مليار دولار لتمويل صفقة الاستحواذ. وفي هذا السياق، قال أحد المصرفيين الذي قاد العديد من عمليات الاستحواذ في وادي السيليكون، إن هذه الصفقة تحولت في النهاية إلى “عملية معقدة للغاية”، حيث استسلم مديرو تويتر لعرض ماسك الذي حثّ بعض أكبر المساهمين في الشركة على قبوله. لكن السرعة المطلقة للصفقة جنبًا إلى جنب مع استخدام ماسك لثروته الشخصية وقدرته على جذب الاهتمام الدولي – بما في ذلك على منصة تويتر نفسها – جعلتها لا تشبه أي صفقة أبرِمت في السابق.
تحدثت الصحيفة مع العديد من الأشخاص المطلعين على خطة ماسك لإقناع مجلس إدارة تويتر بالعرض “الأفضل والأخير” في أقل من أسبوعين. وقد تنامت الشكوك حول نوايا ماسك بعد الكشف المفاجئ عن خطته للاستحواذ على تويتر في 14 نيسان/أبريل، بعد أيام فقط من تصريحه بأنه لا يريد أن يكون أكثر من مستثمر سلبي في الشركة.
ونقلت الصحيفة عن روجر ماكنامي، المستثمر التقني المخضرم في وادي السيليكون: “لم أعتقد أنه كان جادًا في البداية”. ويضيف ماكنامي أنه دون وجود تمويل أو خطة واضحة لما سيفعله بعد امتلاكه للشركة، بخلاف تقديمه وعودا غامضة بشأن حرية التعبير، بدا نهج ماسك متسرعًا كالمعتاد. ومما لا شك فيه لا تزال تغريدة ماسك سيئة السمعة التي قال فيها إنه يفكر في جعل شركته للسيارات الكهربائية “تيسلا” خاصة من خلال حصوله على تمويل في سنة 2018، لم تمح من ذاكرة الرأي العام. وبسببها، وجّهت له الولايات المتحدة لاحقًا تهمة الاحتيال على البورصة لتضليل السوق.
وحسب بعض المصادر المقربة من مجلس إدارة تويتر، فإن المديرين لم يريدوا منع ماسك من الاستحواذ على شركة التواصل الاجتماعي، وإنما أرادوا منع شرائها بسعر رخيص. في أواخر الأسبوع الماضي، أعلن ماسك عن الالتزامات المالية اللازمة لجعل تويتر شركة خاصة مدعومًا بثروته الشخصية. إلى جانب تسخير 21 مليار دولار من الأسهم في هذه الصفقة، سعى إلى استخدام جزء من حصته في تيسلا للحصول على قرض هامشي بقيمة 12.5 مليار دولار سيظل مسؤولاً عنه وسيجبره على دفع فائدة تزيد عن 400 مليون دولار سنويًا.
ووفقًا لأشخاص مقربين من مجلس إدارة ماسك وتويتر، لعب مورغان ستانلي، بنك الاستثمار في وول ستريت، دورًا أساسيًا في مساعدة ماسك على تنظيم التمويل بسرعة فائقة. وأضافت هذه المصادر أن المقرض اتصل بمنافسيه يوم الأحد عندما كانت بعض البنوك في عطلة لإخبارهم بضرورة الالتزام بهذه الصفقة بحلول يوم الأربعاء.
وسرعان ما تم إطلاع المديرين التنفيذيين لبعض الجهات المقرضة على المناقشات حتى يتمكنوا من تحديد ما إذا كانت بنوكهم ستنضم إلى تمويل صفقة ماسك، وذلك حسب ما صرح به أشخاص منخرطون في المفاوضات. وأكدت بعض المصادر المطلعة على المكالمات أن فريق التمويل المالي في بنك مورغان ستانلي بقيادة المصرفي أندرو إيرلز، أجرى سلسلة من الدعوات بشأن عملية الاستحواذ، التي تحمل الاسم الرمزي “بروجيكت أكس”.
وفي النهاية، وافقت سبعة بنوك على تقديم تمويل قدره 13 مليار دولار من القروض التقليدية، وتضافرت جهود خمسة بنوك أخرى لإنهاء القرض الهامشي بقيمة 12.5 مليار دولار. وبالنسبة للكثيرين، كان القرض المضمون مقابل أسهم “تيسلا” أسهل جزء من الصفقة للانضمام إليها نظرًا لثروة ماسك ولأن سهم تيسلا يتم تداوله بوتيرة سريعة، وهو ما يعطي أصحاب البنوك الراحة في حالة تخلف ماسك عن السداد.
وذكرت الصحيفة أن مبلغ 21 مليار دولار الذي وعد ماسك بالالتزام بتوفيره شخصيًا هو الذي قلب الموازين وقاد البنوك إلى التدافع من أجل المشاركة في جهود التمويل. وكانت العلاوة البالغة 38 في المئة عن سعر السهم جذابة بشكل خاص حين ضربت عمليات البيع في سوق الأسهم أسهم شركات التكنولوجيا الأخرى. كما ساعدت جولة سريعة من العروض التقديمية الشخصية لماسك إلى بعض كبار مستثمري تويتر يوم الجمعة في قلب الأمور لصالحه. وحسب شخص مطلع على الأمر: “تلاشت مخاوف مجلس الإدارة بشأن التمويل وقرر المساهمون أنه من مصلحتهم الدفاع عن هذه الصفقة”.
دعا العديد من كبار المساهمين أعضاء مجلس إدارة “تويتر” يومي الجمعة والسبت للضغط على المديرين لأخذ عرض ماسك على محمل الجد، وذلك وفقًا لما نقله أشخاص تم إطلاعهم على المحادثات. وعلى الرغم من أن سعر سهم “تويتر” وصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، وهو 80 دولارًا تقريبًا، أثناء الوباء حيث قضى المستهلكون ساعات أكثر على المنصة، فقد تهافت العديد من كبار المستثمرين على شراء سهم الشركة عندما كان يتم تداوله بحوالي 20 دولارًا.
يوم الأحد، تواصل إيلون ماسك مباشرة مع رئيس تويتر بريت تايلور للتوصل إلى اتفاق ودي، مع توفير الحماية والضمانات للمساهمين. وفي اجتماع مجلس الإدارة الذي بدأ في وقت متأخر من يوم الأحد واستمر طوال الليل، وجّه مديرو “تويتر” مستشاريهم في مورغان تشيس وغولدمان ساكس لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية مع ماسك.
وذكرت الصحيفة أنه لا يزال أمام ماسك العديد من الأمور التي عليه حلّها، أهمها كيفية تمويل العرض النقدي البالغ 21 مليار دولار. وقال أشخاص مقربون من الملياردير إنه لم يتخذ قرارًا نهائيًا بعد، لكنهم كانوا مدركين تمامًا أنه كان في مأزق وأنه مستعد لبيع أسهم تيسلا إذا لزم الأمر.
عربي 21
اقرأ أيضا: أسعار الغاز تحلّق في أوروبا